من مآسي النظام الرأسمالي الاستهتار بالكرامة الانسانية

لا يخفى على أحدٍ أن كرامة الانسان كانت وما تزال من الخطوط الحمراء التي أكدت عليها السماء فشرعت لذلك القوانين و الانظمة التي تحفظها و تحافظ عليها من التعدي عليها أو انتهاكها في كل عصر و مكان، فهذه المقدمة تجعل من هذا الكائن الحي في موضه احترام و توليه اهتماماً منقطع النظير وهذا ما يفسر لنا سبب المكانة المرموقة التي حازها الانسان، لكن لو دققنا النظر و الإمعان في نظرة الانظمة التي ظهرت في الساحة العالمية و أسست لنشر أفكارها و ايديولوجياتها الخاصة بكل منها وما عمق تلك النظرة تجاه كرامة الفرد البشري لوجدنا العجب العُجاب ولنأخذ مثلاً النظام الرأسمالي وما يعتقد به من رؤى و نظرة لكرامة الانسان، فهل يا ترى كانت تلك النظرة سلبية أم إيجابية وفق ما يحمله هذا النظام من معتقدات و نظريات أصبحت فيما بعد واضحة المعالم و الأهداف ؟ ومن المعروف أن الرأسمالية تولي الحرية السياسية إهتماماً كبيراً إلى الحد الذي أفطرت فيه في تعاملها مع السياسة وما يدور في كواليسها، وبما أن العقلية هذا النظام هي مادية بحتة فهذا مما شكل سلبيات كثيرة على المجتمع و الفرد معاً فالحرية السياسية مكنت الاغلبية و الأكثرية البشرية من التحكم بزمام الأمور و أعطتها الحق في رسم سياسة الاقلية من أبناء بلدها أو لنقل جلدتها وهذا أيضاً بدوره تسبب في ظهور تشريعات و أحكام تضمن للأكثرية حفظ امتيازاتهم و تحمي مصالحهم الشخصية و تقدمها على مصالح الاقلية المغضوب عليها جراء هيمنة الطبقات الأكثرية و تسلطها على الرقاب بفعل الحرية و الديمقراطية التي منحتها العقلية المادية للنظام الرأسمالي فأصبحت تمارس ما يحلو لها و بكل حرية ومن دون رقيب ولا حسيب، فكانت الحرية السياسية وبالاً على الاقلية وقد أنتجت الاستهتار بالكرامة الانسانية مادامت إدارة الدولة و تشريعاتها و قوانينها تتحكم بها فئة الأكثرية فتعمل على حماية مصالحها و حفظ ديمومة بقاءها في سدة القيادة و الإدارة بسبب العقلية المادية للنظام الرأسمالي، وفي هذا الإطار نقول يا ترى كيف سيكون حال الفئة الأقلية في ظل أناس يتحكمون بزمام الأمور و يضعون القوانين و الاحكام التي توسع من صلاحياتهم و تحفظ مشاريعهم و تحقق طموحاتهم في حياة الترف المبالغ فيه كثيراً وسط غياب الرقيب و الحسيب مما يؤثر سلباً على مصالح و طموحات و أحلام الأقليات المضطهدة، وقد أوضح المحقق الاستاذ الصرخي الحسني الفرق بين كرامة الانسان في الاجواء الاجتماعية القديمة و بين ما يعتقد به الرأسمالي جاء ذلك في بحثه الموسوم فلسفتنا بإسلوب و بيان واضح فقال الاستاذ المحقق : (( الاستهتار بالكرامة الإنسانية كان من أفراد بأمة، وفي ظل النظام الرأسمالي أصبح الاستهتار من قبل الفئات التي تمثل الأكثريات بالنسبة إلى الأقليات التي تشكل بمجموعها عدداً هائلاً من البشر )) .

بقلم الكاتب احمد الخالدي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here