6 مدن في صلاح الدين تواجه صعوبات في إعادة السكان بعد 4 سنوات من التحرير

بغداد/ وائل نعمة

هياكل وأطلال، هي أبرز ما تبقى من بعض مدن صلاح الدين بعد أكثر من 4 سنوات على تحريرها من سيطرة داعش.
6 مدن في المحافظة تواجه صعوبات كبيرة في إعادة النازحين، بينها مدينتان نسبة رجوع العوائل فيها صفر على غرار ما يحدث في جرف النصر (الصخر سابقاً) جنوب بغداد.
وساهم داعش وعمليات التحرير وأعمال أخرى بدت وكأنها انتقامية عقب التحرير، في أن تسوى عشرات القرى في المحافظة مع الارض، وتبور مئات الكليومترات من المساحات الزراعية. في تلك القرى ومدن مجاورة تركت المنازل التي سلمت من الحرق والتفجير عارية تماما، بدون أي أثاث، كما اختفت مواشي المزارعين، وأجهزة ضح مياه الشرب والمحمولات الكهربائية وحتى الأسلاك. بالمقابل هناك آلاف الشباب الذين اختطفوا من جهات مختلفة، عقب التحرير، بعضها تدّعي انتماءها الى الحشد الشعبي، ولم يعثر على أي أحد منهم حتى الآن.

من أجل بناء منزل
وفي بلدة تقع شرق تكريت، تحررت بعد أقل من 3 أشهر من سيطرة داعش يضطر بعض السكان الذي عادوا مؤخرا من مخيمات النزوح، لأن يقسموا على القرآن “زيفاً” مقابل الحصول على تعويضات لبناء منازلهم المدمرة.
سليمان بيك، وهي ناحية أغلب سكانها يعودون لعشيرة واحدة وهي البيات، تضرر 90% من المنازل هناك بمستويات مختلفة، بينها 800 منزل دمرت بالكامل، من أصل 4000 منزل.
ويقول رشيد كريم رئيس المجلس البلدي في الناحية لـ(المدى) إن “1500 بيت عاد سكانها في الناحية، حيث لايزال شح الخدمات والخوف من الأوضاع الأمنية يعيق عودة البقية”.
الناحية عادت الى سيطرة القوات العراقية، في نهاية آب 2014، وكان الحشد الشعبي أبرز الجهات التي شاركت في تحريرها، واستمرت في حماية المنطقة حتى وقت قريب.
وفي مطلع العام الماضي، ومع خطة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي في الإسراع بإعادة النازحين قبل الانتخايات التشريعية، التي جرت في أيار الماضي، بدأ النازحون يتوافدون الى سليمان بيك.
وكانت قبل ذلك قوات تابعة لمنظمة بدر، وهي مسؤولة لسنوات عن الملف الامني هناك، قد اشترطت في عام 2015، اشتراطات وصفها مسؤولون بـ”التعجيزية” من أجل القبول بعودة جزء من السكان،حيث وضعت تلك القوات 18 شرطا، بينها ان تتعهد العشائر بعدم حدوث أي خرق امني في البلدة بعد عودة الاهالي. وكان هذ الشرط صعبا للغاية حيث لم ترد أي عشيرة في البلدة أن تتورط في قطع وعد كهذا.
وكانت الناحية، قد دخلت على خط العنف في البلاد، قبل ظهور داعش بعام و4 أشهر، من خلال بعض السكان المتشددين دينياً استفاد تنظيم القاعدة منهم، مستغلة شيوع الأمية ونقص في عدد المدارس وسياسية التضييق التي استخدمتها الحكومات السابقة.
وسقطت الناحية في شباط 2013، بيد مسلحين تابعين للقاعدة في ذلك الوقت، قبل أن تعود لتسيطر عليها القوات العراقية مرة ثانية في 26 نيسان بموجب اتفاق نص على انسحاب المسلحين منها إثر وساطة قام بها محافظ صلاح الدين أحمد عبد الله الجبوري، ثم عادت لتسقط مرة اخرى بيد داعش في حزيران 2014.

تخفيف الشروط
وبعد اكثر من 4 اعوام على تحريرها، خففت الشروط التي تمنع عودة سكانها، حيث سمح لبعض ذوي داعش بالعودة، اذا ان بدون هذا الاجراء كان لا يمكن لاي احد العودة، لان كل العوائل كانت محسوبة على انها من اسر التنظيم، بسبب انحدارهم من عشيرة واحدة.
وكانت الإجراءات المشددة السابقة قد منعت أقرباء داعش من الدرجة الثالثة من العودة، لكن جرى تضييق دائرة القرابة شيئا فشيئا، ورغم ذلك مازالت العودة بطيئة لأسباب أخرى، أبرزها البيوت المهدمة وفقدان العمل.
ويقول المسؤولون هناك إن الجهات القضائية لا تروج أي معاملة تعويض قبل ان يحلف المتضرر على القرآن بأنّ من دمر منزله هو داعش، وأن الكثيرين لا يعرفون بالضبط من فعل ذلك، لذلك يرفض البعض القسم وآخرون يحلفون لتسير المعاملة بالشكل الطبيعي، على الرغم انه لم يتسلم أي متضرر مبلغ التعويض حتى الآن.
وجرت العادة في مبالغ التعويض، في المدن المحررة من داعش ان يحصل المتضرر في أحسن الاحوال على أقل من ربع قيمة العين المتضررة المقدرة، وهي مبالغ قليلة جدا، خصوصا أن أغلب السكان فقدوا أعمالهم.
ويقول رئيس المجلس البلدي في ناحية سليمان بيك إن “80 معمل بلوك يعمل في كل واحد منهم ما يقل عن 100 شخص، وهي الآن متوقفة تماما ونهبت بعد التحرير، رغم ان داعش لم يصل إليها ولم يفجرها”!

أعمال النهب
ووجد أغلب السكان منازلهم قد نهبت بالكامل، بحسب المسؤولين بالناحية، كما تركت نحو 600 كم مربع بدون زراعة لخمس سنوات، كما اختفت الحيوانات التي كانوا يربونها، مما تسبب بخسارة كبيرة لكثير من المزارعين. وتسببت أعمال النهب بعد التحرير في الناحية، التي لا يعرف بالضبط من المسؤول عنها، في اختفاء مضخات مياه الماء الصالح للشرب، وسلمت 5 محولات كهرباء فقط من أصل 65 من تلك الأعمال.
كذلك دمر داعش المدارس العشر في الناحية، وأعيد ترميم نصفها الآن، لكنّ المعلمين يرفضون العودة، فيما بقي مستوصف واحد فقط يعمل بسليمان بيك لكنه يدار من قبل الممرضين حيث لا يوجد أي طبيب!

إزالة قرى
فضلا عن ذلك يقول سبهان ملا جياد، وهو عضو في مجلس محافظة صلاح الدين لـ(المدى) إن “50 قرية هدمت بالكامل بين سليمان بيك وآمرلي”.
وتحررت سليمان بيك، بعد شهر واحد من تحرير آمرلي، ويقدر عدد سكان المناطق المحصورة بين البلدتين الذين لم يعودوا حتى الآن بنحو 30 ألف نسمة. ويقول ملا جياد إن ناحية العوجة، وهي مسقط رأس الرئيس السابق صدام حسين، “لم يعد إليها أي شخص”.
وتضم الناحية أكثر من ألف منزل، بينها أعداد كبيرة فجرت أو أحرقت، فيما يتخوف من حدوث احتكاكات بين السكان والحشد الشعبي، في حال عودتهم اليها، حيث يفضل الجميع السكوت على وضع الناحية خوفاً من تفجر الأمور هناك.
كذلك الحال في عزيز بلد، جنوب تكريت، حيث نسبة عودة النازحين اليها صفر رغم صدور أوامر بإعادتهم، لكن الدمار الكبير للمنازل هناك الذي تصل نسبه الى الـ90% حال دون ذلك. ويقدر أعداد السكان بالناحية بنحو 20 ألف نسمة.
وفي بيجي هناك عودة بطيئة جداً للعوائل، وفي ناحية الصينية عاد 130 شخصاً فقط من أصل 5 آلاف، لأسباب أمنية ودمار البنى التحتية والمنازل، وكذلك يمنع عدد كبير من عوائل داعش من العودة الى قضاء الدور.
أما في ناحية يثرب جنوب صلاح الدين، فقد منع خلاف بين عشائر البلدة من عودة نحو نصف سكانها.

مفاوضات وبحث عن مختطفين
وفي 2017، كشف النائب السابق عن صلاح الدين شعلان الكريّم لـ(المدى) بانه دخل في مفاوضات مع إيران والمرجعية الدينية في النجف، في محاولة إعادة 350 ألف شخص الى مناطقهم الأصلية في المحافظة.
وتوجه الكريّم، بحسب قوله، الى تلك الاطراف، بعدما أكدت الحكومة الاتحادية والحشد الشعبي، بأنهما لا يمانعان عودة السكان “لكن القرار ليس بيدهم!”. ويطمح نواب بحسب أحاديث جرت بينهم وبين رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، لأن يتم إغلاق ملف النازحين بشكل تام نهاية العام الماضي.
ورغم ذلك مازال سكان صلاح الدين يسألون عن مصير منازلهم المدمرة وكيف يعيدون بناءها بدون تعويضات؟. كما يقول ملا جياد إن الاهالي كذلك يسألون عن “مصير أكثر من 3 أشخاص اختطفوا من منازلهم بالمحافظة من جهات مسلحة بعضها تدعي انتماءها الى الحشد الشعبي”.
وأكد المسؤول المحلي أن بعض المختطفين أعمارهم أقل من 18 عاما، وبينهم تتجاوز أعمارهم الـ40 سنة، ولم يعثر على أي أحد منهم حتى الآن.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here