الحكومة العراقية و ألأزمة السورية

بعد سنوات من الحرب المريرة و الشرسة في سوريا و التي باتت على ابواب ان تضع أوزارها و تحط رحالها و تهدأ مدافعها و تستكين ان بدأت الوفود ومن كل حدب و صوب بالتوافد على العاصمة السورية ( دمشق ) التي رحبت بتلك الوفود و فتحت ذراعيها على الرغم من سنوات القطيعة و العداء التي سادت علاقات تلك الدول مع الحكومة السورية لا بل وصل الأمر بالكثير من الدول المعادية للحكم السوري ان تمد الفصائل المعارضة المسلحة بالأموال و الأعلام و التأييد و الآخر بادر الى فتح معسكرات تدريب و قواعد تأهيل كما هو في الأردن و كذلك الأمر الأكثر علانية و انتشارآ في تركيا التي دعمت و سهلت عملية انتقال المقاتلين الأجانب الى داخل العمق السوري للنيل من الحكم القائم هناك .

انقسمت الدول ذو التأثير الفعال في الشأن السوري الى معسكرين متناقضين الأول يقف بقوة و صلابة الى جانب الحكم السوري و يدعمه و يمده بكل اشكال الدعم المالي و التسليحي و كذلك بالأمدادات البشرية المقاتلة في الأشتراك الفعلي المباشر في المعارك التي تجري في سوريا هكذا فعلت أيران من خلال مشاركة الحرس الثوري الأيراني و كذلك الفصائل الموالية للحكومة الأيرانية مثل حزب الله اللبناني و العديد من الفصائل العراقية مثل ( حركة النجباء ) و كذلك فصيل ( عصائب اهل الحق ) و الكثير من الفصائل الأفغانية الموالية كذلك للحكومة الأيرانية و كذلك كان الدور الأكثر أهمية في قلب موازين القوى في الحرب السورية لصالح الحكومة السورية هو الأشتراك الفعلي للقوات الروسية المقاتلة و التي كان لها التأثير الحاسم و المهم في تغيير المعادلة التي كانت تميل لصالح المعارضة السورية المسلحة الى صالح الحكومة السورية و قواتها المسلحة .

كذلك كان الوضوح و الشفافية هي السائدة في مواقف الدول التي تدعم التغيير في سوريا و اسقاط النظام الحاكم فيها من خلال الدعم العسكري المباشر بالقوات المتواجدة على الأرض او من خلال الأسناد المالي و التسليحي و الأعلامي فقد كانت قوات ( حلف الناتو ) متواجدة في قواعد ثابتة في العمق السوري حيث القوات الأمريكية و البريطانية و الفرنسية و كذلك كان الدعم المالي الهائل الذي كانت السعودية و قطر و الأمارات تضخه في شرايين الفصائل السورية المسلحة بشكل علني حيث اوضحت هذه الدول مساعيها الحثيثة في اسقاط النظام السوري و بذلت في ذلك الهدف المجهود الكبير و كان حال الحكومة التركية و التي لم تكن المبادئ وحدها من تحركت لأجلها كما ادعت انما المصالح الآنية للدولة الأخوانية و الثأرو الأنتقام القديم من الدعم السوري لنضال الشعب الكردي و حزب العمال الكردستاني .

ايضآ كانت هناك مواقف ضبابية غير واضحة من الأزمة السورية و هو ما كان عليه موقف ( الحكومات العراقية ) الرسمي الذي اتسم بالتذبذب و عدم الوضوح في الموقف من الحكم السوري و هي التي وقعت بين فكي كماشة النظام الأيراني المهيمن على الكثير من الأحزاب و الحركات الأسلامية العراقية الفاعلة على الساحة السياسية و بين حاجة العراق للجانب الأمريكي الذي يقدم التدريب العالي المستوى و التسليح بالمعدات القتالية المتطورة و توفير المساندة العملية و المشورة الفنية في القتال ضد المنظمات الأرهابية و ان كان التأييد الحكومي العراقي الغير معلن للحكومة السورية قد اخذ اشكالآ متعددة فالعراق من الدول العربية القليلة التي لم تقطع العلاقات الدبلوماسية مع سوريا و كذلك كانت الميليشيات العراقية ( عصائب اهل الحق و النجباء ) و غيرها من التسميات قد شاركت و بشكل فعلي و فعال في الحرب السورية الى جانب قوات الحكومة و قد كانت الحكومة العراقية تغض الطرف عنها و عن تدخلها العسكري في سوريا اضافة الى ان العلاقات الأقتصادية و التبادل التجاري بين البلدين لم ينقطع او يتوقف كما فعلت العديد من الدول العربية .

كان القصور في الرؤية و التخبط في المواقف هو الأمر السائد في الموقف العراقي الرسمي من الأزمة السورية و عندما لم يعرف و يفهم المسؤولون عن السياسة الخارجية للدولة العراقية مهامهم الوظيفية في ( ان لا اصدقاء دائمين و لا اعداء دائمين انما مصالح دائمة في السياسة ) عندها كان من الممكن ان يتغير الموقف من الوضع السوري فهاهي العديد من الدول و بالأخص العربية منها تعيد العلاقات الدبلوماسية مع سوريا و قد لاقت من الترحيب و الأهتمام من الجانب السوري الشئ الكثير فقد كانت تلك الحكومات قد تماشت مع الوضع الدولي الناقم على الحكومة السورية وقتها و حين قاربت الأزمة على النهاية مدت الجسور المقطوعة مع الحكم في سوريا و قد كانت موضع احترام و اهتمام من جانب الحكومة السورية في حين بقي الموقف السياسي الرسمي العراقي و كأنه تحصيل حاصل و واجبآ لا بد من تأديته و ليس فيه حسنة او منة و كأن قدر العراق و الحكومات التي تعاقبت عليه ان يقدم الغالي و النفيس من ارواح ابناءه و اموال شعبه و تعريض أمن الوطن للمخاطرة و المجازفة هكذا هو حال العراقيين في ظل هذه الحكومات القاصرة كانوا و مازالوا يقاتلون بالنيابة و يحاربون بالوكالة عن الجميع دون مقابل او ثمن حتى كلمات الشكر و الثناء استكثروها عليهم .

حيدر الصراف

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here