القطاع المختلط يستغيث فهل من مجيب ؟!

القطاع المختلط هو عبارة عن استثمار مشترك بين الدولة والقطاع الخاص ، وشركات القطاع المختلط هي مجموعة الشركات المنتجة المساهمة والمؤسسة من قبل القطاعين العام والخاص والأفراد ، وتعود بداية هذا القطاع في العراق إلى ثلاثينات القرن الماضي عندما تولى المصرف الزراعي تأسيس شركة السمنت (المحدودة) في إطار ترويجه لفكرة الاستثمار الحكومي والأهلي المختلط في مجالات إنتاجية متطورة بسبب تردد وعجز القطاع (الأهلي) في ولوج هذا النوع من الاستثمارات ، وبعد ظهور المصرف الصناعي ( 1946/ 1947 ) كمؤسسة تستهدف التنمية وتطوير الإستثمار الصناعي أصبح القطاع المختلط من مهامه الكبيرة ، وقد استطاعت شركات القطاع المختلط تحقيق قفزات كبيرة خلال عقد الثمانينات والتسعينات (بسبب الحروب والحصار) بعد رسملة الجزء الأكبر من أرباحها وبلوغ أموال الشركات حوالي (63) مليار دينار، كما عمدت شركات القطاع المختلط على توظيف التراكمات المالية بإعادة رأسمالها وإضافتها إلى رأس مال الشركات التي حققت أرباحاً مجزية ، إذ تجاوز دوران رأسمال الشركات إلى أكثر من ثلاثة مرات، وشراء الموجودات من أراضي ومكائن جعلها ذات رصانة مالية أدى إلى ديمومتها لحد الآن ، وقد حصل العكس تماماً بعد عام 2003 حيث تعرض هذا القطاع إلى أضرار جسيمة عندما خسرت شركاته ما لا يقل عن (30) مليار دينار بسبب الإنفلات الأمني وأعمال السلب والنهب، ورغم ذلك فأن قيمة موجوداته بأسعار السوق حاليا هو بحدود (90) مليار دينار إذ تعادل ثلاثة مرات القيمة الدفترية ، ولم يتم تعويض الشركات عن هذه الخسائر خلال هذه السنوات الأمر الذي يحتاج إلى عناية لرد المكانة الإنتاجية لهذه الشركات لكي تساهم في الناتج المحلي وتشغيل العاطلين وتعويض المستورد وتحديث وسائل الإنتاج لتكون بالطموح المنشود لتعويض المنتج المحلي بالمستورد من الخارج .

وشركات القطاع المختلط والتي تشكل أكبر الشركات المساهمة في العراق حالياً لها دور كبير في مرحلة الخصخصة، فمعظم دول العالم الصناعية المتقدمة تعامل الشركات المساهمة كملكية للدولة باعتبار أنها ملك للمجتمع وأن هذه الشركات تقوم وتساعد الدولة في بعض مهامها تجاه الأمور الاقتصادية والاجتماعية من خلال تطوير صناعتها وبحوثها التخصصية وحاجتها إلى توظيف الأيدي العاملة وامتصاص البطالة للوصول إلى الرخاء الاقتصاد وتحقيق مزايا إنشاء الشركات المختلطة ، فالاقتصاد الوطني بحاجة ماسة لإعادة النهوض بالقطاع المختلط إذ يشهد القطاع الإنتاجي لبلدنا ( ولكل القطاعات العام والمختلط والخاص ) تدهوراً وتراجعاً ، وأن اغلب التشريعات منذ عام 2003 ولحد اليوم تصب لصالح التجارة وليس الصناعة بل أن بعضها تعمل على الإضرار بالصناعة القائمة ، فحتى القروض الميسرة التي أعطيت للصناعة كانت غالبيتها للقطاع العام وجزءاً قليلاً للقطاع الخاص ولم يرد أي شيء لشركات القطاع المختلط، ، ولكن أّذا نظرنا على واقع القطاعات فأن وضع القطاع العام يمكن وصفه بأنه سيئاً أو سلبيا رغم دعم الدولة الكبير له وواقع أغلب شركات القطاع العام يؤشر تسجيل خسائر كبيرة رغم التمويل الاتحادي لميزانياتها التشغيلية والاستثمارية ، أما القطاع الخاص فأن المعلومات تشير بأن لدى المديرية العامة للتنمية الصناعية والتي مسجل فيها بحدود (30) ألف مشروع صناعي فان 80% منها متوقفة ، أما شركات القطاع المختلط فرغم الأضرار التي أصابت معظمها وحرمانها من دعم الدولة لها فإنها تعمل بخسائر متفاوتة وهناك ثلاث شركات فقط توقفت عن العمل من مجموع 18 شركة ، علماً أن ميزانياتها السنوية تعتمد على نشاطاتها فحسب ، وأن أسباب هذا التدني في العمل مشخص ويعود أما إلى أسباب عامة وعدم رعاية الدولة للصناعة أو إلى أسباب ذاتية خاصة بكل شركة مختلطة يمكن معالجتها ووضع الحلول لها.

وفي حالة التلكؤ بمعالجة أي من السببين لن يمكن للشركات من معالجة وضعها بشكل عام والتوجه نحو وضع صحي يحقق الأرباح وديمومة الشركة وعملها، علماً أن كل شركات القطاع المختلط الإنتاجي (18 شركة ) مسجلة في سوق العراق للأوراق المالية وأن توقفها سيصيب البورصة بهزة قوية من الممكن أن يكون لها مردود سلبي كبير على الاقتصاد والاستثمار في الأسواق العراقية ، علماً إن هناك تطورات واضحة وخارطة طريق يمكن من خلالها إعادة تنشيط القطاع المختلط وبحلول أسرع وأسهل من القطاعين العام والخاص، وأغلب الحلول المقترحة تتوافق مع البرنامج الحكومي ولا تتقاطع مع قانون الإستثمار الصناعي رقم 20 لسنة 1998 أو قانون الإستثمار رقم 13 لسنة 2006 وتعديلاتهما. وان من ابرز الحلول المقترحة :

1. إلزام جميع الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة بشراء منتجات القطاع العام والخاص والمختلط للخمس سنوات القادمة على الأقل من خلال قانون يصدر بهذا الخصوص وليس من خلال قانون الموازنة الاتحادية .

2. منح الإعفاءات من الضرائب والرسوم عند إستيراد معدات ومتطلبات الإنتاج لغرض تحديث التكنولوجيا المستخدمة وبلوغ مراحل المبادرة والإبداع .

3. تجهيز مشاريع القطاع المختلط بالسعر غير التجاري للمحروقات وتخفيض أجور الكهرباء في مقابل ضمانات أكيدة بعدم حدوث فساد بهذه التسهيلات

4. منح القروض والتسهيلات المصرفية للمشاريع القائمة بدون فوائد عند ثبوت جدية الشركات من خلال دراسات الجدوى المقدمة التي تحدد الأهداف .

5. منح امتيازات وقروض ميسرة للشباب وحاضنات الأعمال وإدخال الجامعات شريكاً في أعمال وخطط وتجارب القطاع المختلط لإعطاء الأمل للشباب.

6. السماح بتحويل جنس الأرض الزراعية إلى صناعية أذا كانت ليس لها حصص مائية على أن تقدم ضمانات بعدم خرق الشروط بهذا الموضوع .

7. السماح بإقامة مشاريع الصناعات الغذائية على الأراضي الخالية من المزروعات للاستفادة من فائض الإنتاج الزراعي في الأمن الغذائي والتصدير.

8. قيام الحكومات المحلية بتخصيص قطع الأراضي اللازمة لإقامة المشاريع الناجحة بشكل يحدث التنمية المستدامة وإتباع اللامركزية بحدودها المقبولة

9. تشكيل المجلس الأعلى للقطاع المختلط ليعمل إلى جنب الجهات المعنية في الدولة بما ينعكس على منفعة الدخل القومي وتحقيق المؤشرات الناجحة.

10. تفعيل القوانين الداعمة للصناعة العراقية كقانون المدن الصناعية وحماية المنتج المحلي وحماية المستهلك وحماية البيئة وقانون المحافظات وغيرها.

11. تبسيط إجراءات الحصول على الموافقات لإكمال تأسيس المشاريع المختلطة في بغداد والمحافظات وتأسيس نوافذ تمنع الفساد والاستغلال.

12. حث البنك المركزي والمصارف على تيسير منح القروض لشركات القطاع المختلط بمزايا تشجيعية لتوفير السيولة النقدية لشركات القطاع المختلط .

13. التنسيق مع الأمانة العامة لمجلس الوزراء لقيام الوزارات بإصدار تعليمات تخصيص الأراضي للمشاريع من خلال قانون 21 لسنة 2008 وغيره.

14. قيام الجهات المعنية بإصدار تشريع لتوحيد مزايا القانون 20 لسنة 1998 والقانون 13 لسنة 2006وبشكل يوفر الإسناد التشريعي للقطاع المختلط.

15. الدعم للمنتج المحلي وإقامة ما يلزم من نشاطات وفعاليات وطنية .

16. قيام الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية بتحقيق العدالة بين المنتج المحلي والمستورد من حيث تطبيق والسياقات المتعلقة بهذا الخصوص.

باسل عباس خضير

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here