حزبنا هو المستهدف

مرتضى عبد الحميد

في حياة كل المجتمعات، صغيرها وكبيرها، حقائق كبرى سياسية وإجتماعية وثقافية وعلى جميع الأصعدة، لا يجوز التغاضي عنها، أو إهمالها. ومن أجل الاستفادة منها لاحقاً، يجب التعامل معها بموضوعية وعقلانية، دون تضخيمها أو تقزيمها، بما يجعلها عديمة الفائدة.

في حياتنا السياسية في العراق، ثمة حقائق تنتمي إلى هذا المستوى من الأهمية، من بينها أن قوى التخلف والفساد يضيرها كثيرا و يستفزها أي نجاح تحققه القوى الديمقراطية واليسارية، وخصوصاً الحزب الشيوعي العراقي، ولذلك تبادر على الفور إلى شنّ حملة شعواء ضده بشكل مباشر، أو ضد أحد مناضليه، مجردة كلياً من أية علاقة مهما كانت واهية بالضمير أو الأخلاق، يحركها الحقد الدفين، والمصالح الأنانية سواء كانت شخصية أو حزبية أو جهوية، وتكرس لها الإمكانات والطاقات الكبيرة المتوفرة لدى هذه القوى المعادية، لغرض التشويه والافتراء، والمستلة أصلاً من ترسانة العداء للشيوعية، والمشتراة بأموال السحت الحرام.

وقد تجد أحياناً أن السبب في هذه الحملات، هو للتغطية على ما يمارسه أصحابها من نصب وإحتيال ونهب للمال العام والخاص، والسعي لوصم الآخرين بما هو فيهم، لكي يتساوى الجميع (ومفيش حد أحسن من حد) وهو ما يسمى في علم النفس بالإسقاط الذاتي. أي أن ما تعانيه الذات الضعيفة من نواقص وسلبيات، أو المبتلاة بمثل هذه الأمراض المعدية، يجري إسقاطه على الآخر. فاللص يرى الجميع لصوصاً، والفاسد أخلاقياً أو مالياً أو طائفياً يرى الآخرين مثله، وبالتالي يبذل المستحيل لتحقيق هدفه الخبيث.

لقد إستطاع حزبنا الشيوعي أن يحقق قدراً كبيراً من النجاح على الصعيدين السياسي والجماهيري، بفضل سياسته الصائبة ومواقفه المبدئية، في ظل

أوضاع غاية في التعقيد والصعوبة، أدت بالعديد من الأحزاب والقوى السياسية الأخرى إلى الضياع والتيه في صحراء العملية السياسية، التي كانت أسسها خاطئة منذ بدايتها. حيث كان شعارها وممارساتها الفعلية لصيقة بالمحاصصة الطائفية والقومية، والتعامل مع الدولة وممتلكاتها كما لو كانت غنيمة، أو مالاً سائباً لا أحد يملكه، الأمر الذي يوضح الخلفيات الأيديولوجية لهذه القوى، وجذورها القبلية أو العصبية الدينية والطائفية، حسب قول وتحليل المفكر العربي المعروف محمد عابد الجابري في تفسيره هذه الظاهرة المغرقة في الجهل والتخلف.

إن لقب “ذوي الأيادي البيضاء” الذي يُعرّف به الشيوعيون العراقيون لم يأتِ صدفة أو إعتباطاً، وإنما جاء كنتيجة لتجارب مريرة خاضها أبناء شعبنا العراقي، مع القوى المتنفذة والطبقة السياسية الحاكمة، وعرفوا بالملموس أن كأس الفساد المالي والإداري والسياسي طفح عن آخره، ولم يشرب منه الشيوعيون إطلاقا، بل شرب الآخرون حتى الثمالة.

لهذا السبب تحديداً جرى في الفترة الأخيرة، استهداف الحزب بشخص رفيقين قياديين، في محاولة خائبة لتشويه سمعتهما، من قبل أشخاص احترفوا الكذب والاساءة إلى الآخرين.

لا يسعنا في هذا المجال، إلا أن نقول لهؤلاء البائسين، تلك الحكمة العميقة (القافلة تسير ولا يهمها ..)

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here