الإنتصارات لا تتحقق إلا برؤى موحدة عابرة للمذهبية والقومية

دكتور/ علي الخالدي

لقد إعتاد شعبنا على سماع خطاب الفخر الهوائي الذي يردده الإعلام الحكومي الرسمي عن عظمة وإنجازات قادة الحكومات التي توالت على العراق ، على الرغم من معرفة الجميع أنهم قد ضيعوا البلد وجلبوا الهزيمة للوطن والفقر لأبناءه ، لقد خربوا الشخصية العراقية التي ستحتاج سنين طويلة لإصلاحها ، ففي زمن النظام الدكتاتوري كانت هناك فئة تفتقر الحس الوطني العراقي دافعت وتدافع عنه حاليا . اما من جاء بهم المحتل في 2003 ، فالبعض منهم لا زال مشيعا للطائفية والقومية سياسيا وإجتماعيا ، إذ من خلال موقعه القراري تبنى نهج المحاصصة الطائفية والإثنية كصيغة يحقق عبره أجندات مرجعيته الحزبية ودول الجوار ، وذلك بفتح ابواب تجيير مردودات إسقاط النظام الصدامي لصالحهما ، بإشاعة الفساد والمحسوبية في المرافق الإدارية والأمنية للدولة . كلا الطرفين(الدكتاتورية وحكم الأحزاب الإسلامة) قمعا مطالبة الجماهير الشعبية الفقيرة بإلديمقراطية ، وبالتغيير والإصلاح واصفين إياهم بالغوغائيين ، مما اثار إشمئزاز و إستنكار اغلبية ابناء الشعب ، وبوازع طائفي بعيد عن الوطنية صدقهم المغفلون .

ومع هذا ليس خافيا على أحد أساليب اللف والدوران حول محاربة الفساد ، والصخب إلإعلامي الرسمي بتكرار ما يتقول به المسؤولون ، من أنهم عازمون على محاربته وإجتثاثه كما فعلوا بداعش التي عادت للتنفس من جديد ، سيما وإن ايدي أحد الذين تربعوا على موقع القرار ، وقعت يديه على ملفات فساد ، لو فُتحت ستهد عروش كما إدعى ، لكنها سرعان ما إختفت من بين يديه، ومعها إختفت جهود نبشها نتيجة كثرة ما تاسس من لجان محاربتة تيمننا بمقولة إذا أردت تمييع شيء ما فعليك بتشكيل لجان متعدده منهم لمحاربته

لو أمعنا النظر بسؤال من يقف وراء بقاء الفساد ونهوض داعش من جديد ، لبان لنا كما تؤكده الوقائع اليوم ، ان المحاصصة الطائفية والقومية ومن يحمي متبنيها وراء ذلك ، حيث تُبذل جهود متفانية لبقاء هذا النهج في كافة مرافق الدولة الإدارية والأمنية ، إذن كيف تقوم نية تفليش نهج المحاصصة ومحاربة الفساد!!؟؟ ورؤوسة يشغلون الهيئات المتعددة في الأحزاب الحاكمة .

سابقا كانوا يتحججون بمحاربة داعش ، بكون محاربتها تسمى على كل شيء ، فأجلوا معركة إجتثاث الفساد , وحاليا يتخوف ناسنا من أن تصبح محاربة الفساد، تتساوى مع ما تشهده الأحداث من عودة داعش ، طالما المحاصصة الطائفية والقومية هي من خلق أرضية إنتشارها ، وخاصة عندما غُيبت أسس المجتمع المدني ، وإنتهج عدم تساوي الناس بفرص العمل وتحقيق مصالح الجماهيرالفقيرة ، والإبعاد المتعمد لقوى أحترفت النضال الوطني في برامجها و الداعين لتقويم العملية السياسية ووضعها على سكتها الحقيقية سيما وإن ممارستهم النضالية بينت نظافة ايديهم للنهوض بواجباتهم الوطنية والجميع يعترف بنزاهتهم

لذا تقع على قوى الغزو مسؤولية كنس جذور داعش من أرض العراق وتخليص شعبنا ممن جاء بهم . إنها مسؤولية أخلاقية ودولية ، يُفرض عليها ، إذا تنفست من جديد وفي أي مكان بالكرة الأرضية بإعتبارها تهدد الأمن والسلام الدولي

فعدم تحقيق الإنتصار الكلي على البؤر الداعشية ، أتى نتيجة غياب التنسيق مع السكان المحليين في المناطق التي إحتلتها ، بالتزامن مع عدم التساوي بمنح الحقوق والمساوات بين السكان ، وعدم التثقيف بالروح الوطنية بعيدا عن التصعيد الطائفي ، وحثهم على كشف الأماكن الخفية التي تتواجد بها داعش عن عيون القوات الأمنية . تلك المهام بلورتها مكائد ومخططات الدول المعادية لمصالح الشعب والوطن ، فحلفها غير المعلن بينها وداعش ، وما يجري من تقديم مساعدات مالية ولوجستية لها ، تحت الستار هو وراء انعاشها مجددا ، كما إن عدم إعتماد أيادي نظيفة تلبي مطاليب الشعب الأساسية وتعتمد النهج الوطني في محاربة الفساد وهدم نهج المحاصصة ، أدى إلى توسع التصحر في كافة الاصعدة السياسية والإجتماعية ، في وقت كانت هذه الاصعدة ، معين لا ينضب لرفد الشعب بالكوادر العلمية والوطنية حتى اصبحت أرض السواد الخصبة بهم محل قلق وإرباك حكومات بلدان الجوار ، مما جعلها تقف ضد هذا المد الذي بداء يتحرك في ارض الرافدين

فإذا لم تتم محاربة فساد الأحزاب الإسلامية ووقوف الشعب على مصادر تموليها وإبقاء قادتها ومحسوبيهم في مواقع القرار دون سؤالهم من اين لك هذا ، فإن كل الإجراءات تبقى مشوشة ومبهمة كما جري ويجري حاليا ، مما سيؤدي غلى تصاعد حراك الجماهير وطنيا ، وستتوحد رؤآها كما علمها الحراك الجماهيري والذي تمثل مؤخرا بإضراب المعلمين ، فبهذه الطريقة فحسب ستُفعل الجماهير حراكها وتُجبر المسؤولين على مكافحة الفساد ، وعمل كل ما من شأنمه تهديم ركائز داعش ، ليتحقق الإنتصار الذي سيكحل عيون العراقيين ، وينطلقوا نحو بناء وطن خالي من الفساد والمحاصصة اللذان أحرقا الوطن و غيبا الوطنية التي كانوا يتحلون بها

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here