من مذكرات برزان التكريتي الحلقة الثالثة عشر

يقول برزان كنت مستمرا في طريقي التقيت بنعمة فارس فتبادلت معه التحية رغم اني لا اريد اللقاء به حتى حاولت الرجوع حتى لا التقي به لكن رجوعي سأعطي انطباعا باني لا اريد القاء به وسألته هل زرت العراق خلال الفترة الماضية قال لا لم ازر العراق منذ مغادرتي العراق فكان قصدي ان اودعه بسرعة دون أبطاء لاني لا احب هذا الشخص ولم يسبق لي ان احترمته ولأسباب موضوعية وبعيدة كل البعد عن كل ما هو شخصي السبب لاني اعرفه منافق وانتهازي ولا يهمه سوى مصلحته الشخصية وضعيف مهنيا واجتماعيا نعم انه عسكري محترف ووصل الى رتبة لواء ركن وقائد فرقة وفيلق واذكر كنت من المعارضين على تعين نعمة فارس كقائد للفيلق الاول عندما احتلت ايران كردمند على ما اذكر والذي كان مسئولا عن شمال العراق اثناء الحرب مع ايران وكان ذلك في اجتماع المكتب العسكري عندما كنت عضوا به وفي ذلك الوقت كان الرئيس اي صدام يرسل الاسماء التي يريد ان يسند مناصب لها في الجيش للمكتب العسكري لمناقشتها وقلت انه سوف يفشل لان نعمة فارس لا يصلح للقيادة وفي ظروف مثل تلك الظروف وقلت انه مدني يرتدي بدلة عسكرية وانه يقضي كل وقته مع العوائل البرجوازية وفي نوادي الطبقات المترفة وهذا لا يليق بعسكري محترف وأشرت بشكل واضح الى وضعه الاجتماعي وكنت اقصد زوجته اني اعرف زوجته لانها موظفة في وزارة الخارجية وكنت اعرف عنها معلومات كثيرة غير طيبة

بعد الحرب الاخيرة عين نعمة فارس سفيرا للعراق في الفلبين ثم ارسل رسالة الى صدام فعين سفيرا للعراق في النمسا وعينت زوجته جنان شوكت شخص ثاني في السفارة نقل عام 1988 مع بقية السفراء وكان برزان التكريتي احدهم الى ديوان الوزارة وأستلم نعمة فارس دائرة الدول المجاورة ولكن بعد اشهر ارسل نعمة فارس رسالة الى صدام فاصدر صدام قرارا بالموافقة على التحاقه بزوجته في النمسا التي تم استثنائها من النقل على اساس حاجتها للفحص كل ستة اشهر لانها اصيبت بمرض السرطان قبل اكثر من 15 سنة ويشير الكتاب الى ان بطاقات سفره وعائلته مجانا عندما يزور العراق مع هدية 50 الف دولار له السبب من هذا الكرم وهذا التمييز وهذه الطريقة من التعامل مع نعمة فارس لانه جبان ولان زوجته قدمت خدمات خاصة في فترة من الفترات ولكن شاءت الصدف ان يقدم لبرزان تلك الخدمة ولكن دارت السنين وتغيرت الظروف واذا بي احتاج الى نعمة فارس

في عام 1996 بدأ صدام يتأثر بما يسمعه وما تقوله وسائل الاعلام المختلفة عني وكيف اني اختلف مع صدام وكيف لي منهج سياسي خاص سموه المنهج الاصلاحي ان برزان اصلح من صدام وممكن ان يكون بدلا منه لانه ذو فكر منفتح لانه استفاد من وجوده خارج العراق لعدة سنوات في اوربا وله علاقات عربية ودولية كما انه من نفس العائلة وانه بعثي وممكن ان يسيطر على الامور دون دماء لا شك ان هذا الكلام يغضب صدام ويقلقه قلقا شديدا خاصة بعد ان طعنه حسين كامل الذي كان يثق به ثقة مطلقة فكيف الحال مع برزان الذي تنكر له واستبدله بسعر جدا بخس ومنذ عام 1983 وهو يدفعه خلف الستارة اضافة الى عقلية صدام التي تسيطر عليها نظرية المؤامرة والى ما يسمعه من عائلته التي أثبتت الايام انها قصيرة النظر وغبية ونتيجة لهذا السبب حدث كل ما حدث اما ما يقرأ في الصحف فحدث ولا حرج وما تسربه اجهزة المخابرات هدفها دفعه لأتخاذ قرارات ضد نفسه وبما انني متمسك بشعرة معاوية وعدم قطعها مع صدام لاسباب اخلاقية ولان ظروفي لا تسمح لي بالعودة الى بغداد

ويعترف برزان بالهوة بين الفكريين اي بين فكر صدام وفكر برزان سحيقة لذلك اصبحت عودته الى بغداد بعيدة ومن اجل منع التصعيد بينه وبين صدام الذي ممكن ان يحدث نتيجة الشكوك من قبل صدام وجدت في ذلك عملية تطمئنه وتغير نظرته وتزيل شكوكه فقرر ان يرسل زوجته واثنين من اطفاله (نور وخولة الى بغداد ) وشبه هذا العمل بالعمل الذي قام به السوفيت لخدمة مصر اثناء فترة حرب الاستنزاف بين مصر واسرائيل في عهد عبد الناصر عندما زار موسكو سرا وشكا للسوفيت من نشاط الطيران الاسرائيلي فقرر السوفيت ان يبعثوا بعدد من الطيارين ليطاردوا الطائرات الاسرائيلية مستخدمين الطائرات المصرية وطلبوا منهم ان يتكلموا مع بعضهم باللغة الروسية لانهم يعرفون ان اسرائيل ستقوم بالتقاط المكالمة وبذلك تعرف ان السوفيت دخلوا على الخط وتكف اسرائيل عن عدوانها على مصر وفعلا تحقق ما كانوا يرمون اليه

وكان برزان يأمل من ارسال زوجته وابنيه الى بغداد كي ينتبه صدام لهذا العملية ويأخذها بنظر الاعتبار ومن شانها ان تريحه وهو الخبير بالتآمر والمؤامرات لا بد ان يقول من يريد ان يعمل ضدي لأستلام الحكم لا يرسل زوجته ونصف اطفاله ويضعهم تحت رحمتي (حقا امر عجيب وغريب احدهم لا يثق بالآخر رغم انهم اخوة ومن نفس العصابة لا ادري كيف يتعاملون مع الآخرين يا ترى كيف كانوا يحكمون العراق طيلة اكثر من 35 عاما )

مهدي المولى

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here