تجليات شمخي صلبوخ السيركية المهلوّسة : قصة قصيرة

بقلم مهدي قاسم

بدءا نفترض أن عبقري زمانه الفريد شمخي صلبوخ العتيد !! ، لم يقرأ قصة الضفدعة التي
تخّيلت نفسها أعظم و أضخم حتى من أفيال ــ مدفوعة من شدة غرورها و أوهامها ــ لأنها في سرها تمنت أن تكون فيلة ضخمة وهائلة الحجم ــ فأخذت تنفخ بنفسها و تنفخ ، حتى انفجرت بفقاعات رذاذية ، مثيرة ضحكة أقرانها الأخريات من مهزلة أوهامها الفادحة ، ولكن … قبل كارثة
الانفجار الفقاعي للضفدعة المسكينة ، فأنها كانت تدعي يوما بعد يوم ، كأنما ضربا مقصودا من استفزاز أوإثارة مبتذلة ــ ما الأفيال إلا أقزاما بائسة و تافهة !، بالمقارنة معها هي ، وأنه بإمكانها أن تكون فيلة عملاقة لو أرادت ، حتى أنها تستطيع أن تطير لو شاءت !!(
ولنا أن نتخيل فيلة تطير ) ، ولكنها ترفض أن تكون فيلة ، لأنها أكثر رقيا ، ورؤية كونية تتجاوز حتى حدود مملكة الإلهات ، من أن تكون مجرد فيلة ، وهذا ما كان يفعله شمخي صلبوخ و لازال ، مدفوعا بهلوساته اليومية التي كان ولا زال يعاني منها بشدة وهو محاط بفقره العاطفي
و تيبَّس مشاعره المجدبة برمال روحه القاحلة ، وحيدا مستوحشا في أقصى وحدته وعزلته الإجباريتين . ولكي يخدع ذاته ــ كنوع من عزاء و سلوى ــ حتى يطيق محنة وجوده الخانقة ، فكان يلجأ إلى اختلاق أوهام مهلوّسة ليتخيل نفسه و كأنه إلهة على الأرض، زاعما أنه ما من شيء
يعجبه على وجه الخليقة ، ما عدا مجموعة بشرية قامت بإعالته وهو عطّال و بطّال ، دون أن يعمل في حياته أي شيء نافع وملموس يُذكر، ما عدا نسج هلوسات وأوهام و مزاعم مضحكة كل هذه العقود الطويلة ، طبعا ، نشدانا للعزاء ليس إلا ، بينما في حقيقة الأمر أن امرأة واحدة
فقط كانت كفيلة أن تجعل قلبه عامرا بود ومحبة إزاء نفسه وآخرين ، ولكنه كان كارها حتى لذاته ، التي ياما كان يحتقرها هي أيضا ، حينا علنا و أحيانا كثيرة في سره ، وحيث في قرارة نفسه ينظر إليها على أنها قميئة و رثة بائسة ، تفتقر إلى شعاع و إشراق داخليين ، بينما
أثناء ذلك قد تحول ــ قلبه ـ إلى مدخنة سوداء و مقعرة لا تني تنفث دخان الكراهية على طول الوقت ، فشمخي صلبوخ كان محروما ولا زال ، من لمسة أنثوية ، من قبلة امرأة دافئة ، و أسوأ من كل ذلك كان محروما من الحب المتبادل ذاته ، ذلك الحب المتبادل الذي يجعل العالم جميلا
ورائعا و أخويا في نظر معظم المحبين و العشاق الولهانين ، لذا فقد قال بعض الذين يشفقون على شمخي صلبوخ في هذه الأيام من شدة غروره و هلوساته المتفاقمة يوما بعد يوم ، وهو يقرع طبول الحروب و القتل و الموتى بحماس منقطع النظير، فيتمنون أن لا ينتهي مصيره إلى مصير
تلك الضفدعة الواهمة فيتشظى أربا متناثرا من شدة انفجار فقاعي مباغت ..

بل أكثر من ذلك ..

حتى يتمنون له ومضة حب تضيء ، مخترقة ، متغلغلة إلى جوانب قلبه المعتمة ، لتزيل تلك
البقع الكبيرة والمنتشرة من لوثات أحقاد وكراهيات مزمنة ، لتجعل من قلبه نبعا نقيا يقطر محبة إنسانية..

ملحوظة : مثلما يلاحظ قارئنا العزيز ، أن هذه القصة هي من نسيج الخيال فحسب ، لذا
، إذا صادف أن شخصا ما ، يحمل اسم بطل القصة أو أن مناخ وأجواء القصة ذاتها تنطبق على حياة وسيرة شخص آخر ، فما الأمر إلا بمحض صدفة بحتة لا أكثر ، ونحن مقدما لهما من الآسفين !..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here