تغريدة بثمن الماس

محمد جاسم
أحياناَ تقف الحيرة حائلاَدون إختيار العنوان المناسب، فيكون التشبيه بالمادي الملموس مخرجاَ من تلك الحيرة ،ربما يكون هنالك تجنٍ على الأهداف السامية، لكن المجاز اللغوي يعطي العذر عند إختيار المفردة، البعيدة كونه استثماراً للتشبيه من اجل تقريب الصورة، والوقوف على ضالة المؤمن (الحكمة) .
يابى الكبير إلا ان يكون كبيراً، بلحاظ موقفه وما يصدر عنه من كلمات، تنم عما يختلج في صدره، فالكلام صفة المتكلم .
تعاطى الإعلام بإتجاهاته المختلفة، مع تغريدة الحكيم (علينا ان نكون عراقيون قبل ان نكون أنا أو انت)، والتي من خلالها إختصر كثيراً من الكلام، حول مشكلة الفهم العام للشأن العراقي٠
أهم مايدورفي الفكر من تساؤلات
هل الحكيم اكثر عراقيةً من غيره ؟
هل تصمد هذه التغريدة أمام النقد ؟
عند النظر للواقع نجد ميلان الكفة لصالح الرجل، ففي بُعدها المكاني، كانت في العراق الذي يعتبرمسرح الصراع بين الاقطاب المتنازعة داخلياً وخارجياً .
وهنا تكمن مصلحة العراق في النأي بنفسه عن إثارة أي طرف على حساب الطرف الآخر، فالتغريدة هنا تحمل إتهام مبطن لإقزام السياسة أصحاب الدور الفاعل ، في الواقع العراقي المزري، وكاننا تحت الوصاية الاقليمية، وكان الحكيم يريد ان يلبس خصومه جلباب الوطنية، الذي خلعوه باارادتهم ٠
نعم علينا أن نتحلى بشجاعة الاعتراف بالتقصير، فلم يكن لدى الحكيم ترفا فكريا، أو حالة من النرجسية، بل هو يعني مايقول، متناغما مع سلطته الروحية، التي جعلت الإنتماء للوطن قبل الدين، فهل يتعض من فقدصفة الإنتماء، إعتمادا على العامل الخارجي الذي يمثل محوراً معيناً من المحاور الإقليمية؟
أما البعد الإقليمي للتغريدة، فهي تحمل هماً وطنياً يلفت الانتباه من خطورة صراع الإرادات ،المتقاطعة في المنطقة ومدى تاثر الساحة العراقية بها سلباً وإيجاباً، بعد أن دفع العراق ضريبة الإنحياز لهذا الطرف او ذاك .
هنا كشف الحكيم عما في داخله من هواجس وأباح بمكنونات توجهاته،وبجرأة قد لا يجرؤ غيره على الإفصاح عنها، وإن إدعى ذلك غيره فالواقع يفند هذا الإدعاء .
اذن الأزمة تكمن في تشخيص مشكلة الولاء للوطن التي أشارت اليها التغريدة ضمناً رغم الإيجاز المتعمد وقصر العبارة .
ربما يقول قائل إن في ذلك إنجياز للحكيم في تغريدته، لكن عند التجرد من العواطف والمواقف المسبقة يزول هذا الإشكال، وإلا اين مقياس الربح والخسارة في ما قال ؟
نعم هو الخاسر الأكبر على صعيد الدعم الخارجي، لكنه يدرك العواقب ،ولايبالي لأنه تغذى من ذلك الفكر ، الذي يؤمن بأننا لسنا أيتام عند أحد، وأكبر دليل على ذلك شبه العزلة التي يعانيها، وحملات التشويه الموجهة ضده، وضدتياره
ما يهما ألآن هو تحريك المفاهيم لفك شفرات الواقع السياسي ، وتسمية الاشياء بمسمياتها، ومعرفة الدوافع كي نُعذرْ حينها عند تسمية الذهب ذهباً والماس ماساً ونطلق عبارة الهذيان على كل ما لا يمت للهم الوطني بصلة، لنفتخر باننا امة عراقية، بعد فقدان الهوية٠ فهذا وعيا متاصل في النفوس، وتشخيص للضرف الذي نعيشه ٠

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here