الحركة الاحتجاجية .. آفاق رحبة

محمد عبد الرحمن

راهن الكثير من “المضغوطين” على فشل وتقهقر الحركات الجماهيرية الاحتجاجية والمطلبية، وهي كل يوم تقض مضاجعهم وتسبب لهم المزيد من الصداع والقلق والاكتئاب.

يحصل هذا في العراق منذ فترة طويلة نسبيا ومنذ الانطلاقة الموفقة والجريئة في شباط ٢٠١١ لحركة الاحتجاج التي تواصل مسيرتها، رغم التعرجات وحالات الصعود والهبوط وهو ما يعد أمراً طبيعيا في ظروفنا الملموسة، وتقدم كل يوم الدليل والبرهان على اصالتها وشرعية مطالبها، مقابل اندحار كل الدعوات والإجراءات بهدف وأدها بشتى الطرق بما في ذلك استخدام السلاح الحي والقتل العمد وسقوط شهداء ابرياء أبرار واعتقالات وانتزاع لاعترافات وتواقيع تدين من يسعى اليها قبل غيره.

بفضل هذه الحركة والمساهمة الفاعلة للنشطاء المدنيين وغيرهم وبينهم الشيوعيون غدت المطالبة بالحقوق والتظاهر والاحتجاج طريقا مجربا لانتزاع الحقوق. وفي الفترة الاخيرة سار على هذا الطريق فئات اجتماعية واسعة ويبقى إضراب المعلمين وسعته وشموله محافظات عدة في ذات الوقت معلما مهما في الحركة المطلبية، وكذلك الامر بالنسبة الى الإضراب الناجح لعمال الجلود حفاظا على شركتهم ودعما للمنتج الوطني العراقي. وتتوجب الإشارة ايضا الى العديد من الاعتصامات والتظاهرات والحركات المطلبية المناطقية.

وفي مناسبة حلول ٨ آذار، عيد المرأة العالمي، دشنت حملة واسعة تحت عنوان “عدها حق”، تقودها منظمات عدة بينها رابطة المرأة العراقية، مطالبة بتشريع قانون ضد العنف الأسري فيما ارتفعت اصوات معارضة لذلك وهو امر متوقع منها، في حين يحظى هذا المطلب بدعم مجتمعي وقوى سياسية واسعة.

المواطنون بتجربتهم الملموسة اخذوا يدركون بانه لا حقوق تاتي بالمكرمات ولابد من الحراك المنظم لنيلها وتعزيز ما هو متحقق منها، وفِي هذا بلدنا ليس استثناء بين بلدان

العالم فها هي جماهير الأرض المحتلة الفلسطينية، ومثلها في السودان والجزائر ولبنان وفرنسا وغيرها وهي جميعها تقول وتردد “وما نيل المطالَب بالتمني” بل عبر طريق الكفاح، مهما كانت الصعوبات والعثرات فيه، وهو وحده المفضي الى نيل الحقوق وتحقيق الطموحات.

وخطت حركتنا الاحتجاجية ونشطاؤها في العراق خطوة اخرى مهمة تدلل على النضج والإدراك العميق للمسؤولية ليس ارتباطا بهذا المطلب المشروع او ذاك، بل ولعموم الاوضاع العامة في البلد، فكان مؤتمرها التوحيدي المنعقد اخيرا في البصرة تحت شعار “‘قوتنا وحدتنا” وما تمخض عنه من قرارات وتوصيات من شأنها ان تعيد الزخم والحيوية الى الحركة ويوسع من صفوفها وعلاقاتها.

وكان الصواب الى جانب المجتمعين عند تأكيدهم على الاصلاح والسياسي في مقدمته، وفِي استمرار الاحتجاج والتظاهر ضد المحاصصة والفساد فهي من الأسباب الرئيسة لما نحن فيها، وهي من معوقات تحقيق ما يريده المواطنون في الأمن والاستقرار وتوفير الخدمات وفرص العمل وتحقيق تنمية حقيقية ، فيما كان مهما تأكيد الانفتاح على المشاركين في الحركة الاحتجاجية على اختلاف توجهاتهم الفكرية والسياسية .

من المؤكد انه بمزيد من التشاور والتنسيق ورسم التوجهات المشتركة والتوافق على آفاق الحركة ومساراتها وتاكيد سلميتها والاندكاك مع هموم الناس وتبني مطالبها، سينقل الحركة الى آفاق رحبة تفضي الى المزيد من الجمع بين الخاص والعام الوطني.

ان الحركة ليس تستحق فقط الدعم والإسناد، بل ايضا المشاركة الواسعة فيها.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here