الاتفاقات العراقية الايرانية والمصالح الوطنية

ماجد زيدان

وقع العراق وايران مجموعة من مذكرات التفاهم والاتفاقات لتنمية العلاقات بين البلدين في مختلف المجالات ، فيما اجلت اخرى اكثر الحاحا وحاجة مثل المياه . وانقسم السياسيون والمحللون بشان تقيمها وضرورتها وتاثيراتها المستقبلية ، رغم الاتفاق النظري على المبادىء التي تتلخص في بناء علاقات متوازنة ومتكافئة واحترام سيادة كل بلد للاخر وعدم التدخل في شؤونه الداخلية ..

المواطنون يشعرون بالقلق والخوف من ان يكون تفريطا قد حدث بالمصالح الوطنية لانه لا يكفي البيان الحكومي لتكوين صورة واضحة ووافية عما جرى ، وهي خشية نابعة من ضعف الثقة بالحكومة والمفاوض العراقي الى جانب وجود مجموعات ضغط قوية ومؤثرة في صنع القرار ببلادنا لصالح الجارة ايران تبرر ايدولوجيا وسياسيا ومذهبيا ، بل لكل بلدان الجوار حسب القضايا المطروحة . الى جانب مساع ايرانية لزيادة النفوذ والمكاسب واستغلال العراق للخروج من ازمة العقوبات .

تقتضي الضرورة لتبديد هذا القلق والحرص على الوطن ان يطرح ما ابرم من اتفاقات وتفاهمات على الملأ والقيام بشروحات مستفيضة لتفهمها وتقدير اهميتها وبيان سلبياتها وايجابيتها لكلا البلدين والشعبين الايراني والعراقي وتلبيتها لمصالحمهما دون ضرر لاي منهما . وخصوصا لبلدنا الذي يعاني من اوضاع غير طبيعية ويشعراغلب شعبه بالغبن جراء اختلال ميزان القوى والتكافؤ ولا تتوفر له الظروف الملائمة للدفاع عن حقوقه في ظل اطماع الجيران بتوسيع نفوذهم وهيمنتهم على بعض موارده والوقوف ضد اعادة تاهيل اقتصاده .

المجتمع الدولي ينبه او يحذر لاسباب موضوعية من عقد اتفاقات طويلة الامد ونهائية ، ليست قابلة للتعديل اومعقدة اذا ظهر ما يستوجب مراجعتها ، ومما يشخص في هذا الصدد الفارق الشاسع في الامكانات والخبرة المتراكمة لدى الطرف الاخر والتي نفتقدها في هذه المرحلة المتسمة بقوة التدخلات الاقليمية والدولية في صناعة القرار الوطني والسيادي مع خسارتنا للكفاءات الوطنية لاسباب مختلفة وعدم محاولاتنا لاجتذابها مجددا الى الاسهام في المفاوضات ولو على سبيل الاستخدام المؤقت .

القراءة السريعة لما تم الاعلان عنه يبين ان ضررا الحق بالاقتصاد الوطني ، فعلى سبيل المثل وجهت ضربة قوية للقناة الجافة والى القطاع السياحي في البلد عندما منح الربط السككي دون مقابل وتقديم تسهيلات في النقل والغيت اجور التأشيرة بين البلدين كبدته خسائر بلايين الدولارات سنويا .. الان بامكان الزائر الايراني ان يزور العراق دون انفاق مبلغ يذكر ، فهو ينقل من الحدود الى مدن المراقد المقدسة مجانا وتوجد اماكن للمبيت بلا مقابل او تحدد باسعار مخفضة واطعام بلا ثمن .. في حين لا يعامل العراقي بالمثل ، وهذا على الضد من برنامج حكومة عبد المهدي الذي ينص على تطوير السياحة وتنميتها وزيادة اسهامها في الموارد المالية .

العلاقات مع دول الجوار حساسة ولها امتدادات داخلية مؤثرة في قرار بعض القوى السياسية ،لاسيما العلاقات الايرانية العراقية والتي وتجاهر بها بعض القوى وتقدمها سرا وعلانية على المصلحة الوطنية ، بل ان الجارة تنشط بين الاوساط الاجتماعية خلافا للاعراف الدبلوماسية تحت انظار الحكومة .

وينتظر ان توقع اتفاقات مع جيران العراق كافة وعليها ملاحظات كثيرة وعلى ما يبدو انها لرفع العتب وسيبقى اغلبها حبرا على ورق لان قلة منها ستنفذ ما يتفق مع سياسات القوى المتنفذة وسيخوض الجوار العراقي حربا اقتصادية ضروس على السوق العراقية .

لا خلاف على ضرورة التعاون والتكامل بين بلدان المنطقة لمنفعة شعوبها وتنمية قدراتها والارتقاء بها لتقليص الفجوة في التطور فيما بينها واستغلال مواردها لتلبية حاجاتها ومن ثم الانطلاق الى الاسواق العالمية وهذا يتطلب ان لا يكون على حساب احدها وابقاء تاخره او تخلفه مستداما .

من خلال متابعة التصريحات واخرها الايرانية الكل يريد ان يزيد صادرته الى العراق ، بل مضاعفتها في وقت قصير ولا احد يتحدث عن تاهيل الاقتصاد الوطني وتطويره ، وانما ابقائه سوقا لتصريف منتجاتها .

المطلوب تطمين العراقيين على حقوقهم وتنمية اقتصادهم الوطني والحفاظ على ثرواتهم واعادة اعمار بلدهم و تنفيذ مشاريعهم الاستراتيجية .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here