الرد على دافعين رئيسيين من دوافع مجزرة نيوزيلندا

إيهاب المقبل

مجزرة نيوزيلندا، والتي ارتكبت يوم الجمعة الماضية على يدّ أربعة أشخاص قوميين أو أكثر، وراح ضحيتها ما يزيد عن خمسين مصليًا في مسجدين بمدينة كرايستشيرش، لم تكن تحمل دوافع فردية عابرة، بل تحمل معها رسالة هامة من “منظمة شعوبية” إلى المهاجرين والمسلمين كتبها احد منفذيها المجرم الاسترالي “برينتون تارانت”.

يعلل “برينتون تارانت” إرتكابه المجزرة في أحد المسجدين، بدافعين رئيسيين:

الأول: “انحدار السلالة البيضاء نحو السقوط البيولوجي، من خلال إنخفاض معدلات إنجاب البيض بالتزامن مع الهجرة الجماعية من غير البيض إلى جميع البلدان البيضاء”.

هنا، انحدر “برينتون تارانت” نفسه نحو أخطاء كثيرة في هذه الجملة مقارنة بفعله الإجرامي، ابرزها ان الدين لا علاقة له بلون البشرة، فمن المسلمين من هم بيض ومن هم سود، كما هو الحال مع النصرانية واليهودية. وعلاوة على ذلك، لا يقف المهاجرون كعقبة أمام زيادة انجاب الاوروبيين أو السلالة البيضاء كما يصفها، بل ان سبب انخفاض معدلات انجاب السلالة البيضاء في اوروبا هو اختيار الاوروبيين أنفسهم العيش دون أطفال، وعند البحث عن السبب نجد بانه غالبًا ما يكون هناك نقص في رعاية الأطفال، وصعوبة الجمع بين العمل والأسرة. والقوميون النازيون، والذين هم على دراية أوسع من القوميين الشعوبيين من أمثال “برينتون تارانت”، يدركون ان سبب مشكلة الانجاب في البلدان الاوروبية تتركز أساسًا بما يطلقون عليه تسمية “الراسمالية”، ويطالبون الحكومات الغربية بانه بدلًا من إستيراد مهاجرين للانجاب لسد الفراغ يكون الحل بمنح العوائل الاوروبية الأموال لكي تنجب وتحتضن النساء الأطفال بدلًا من العمل خارج المنزل. وبعبارة اخرى، وبصريح العبارة، لا تقع المسؤولية على الأرانب، بل على مربيها. ولذلك كانَ الاحرى من “برينتون تارانت” وأمثاله ان يوجهوا نيرانهم وأقلامهم صوب المربين لا غيرهم لو كان لديهم مشكلة إجتماعية من هذا الجانب.

الثاني: “يرتكب العديد من المهاجرين عمليات قتل وإيذاء وإغتصاب وسرقة وإعتداء، والتي تؤثر على الأشخاص البيض في جميع أنحاء العالم”.

لا ترجع مثل هذه الإعتداءات أو الجرائم إلى عرق أو دين بعينه، وإنما هي جزء لا يتجزأ من المشاكل الإجتماعية الموجودة في جميع أنحاء العالم. ولو برزَ المهاجرون على السطح في مثل هذه الاعتداءات من خلال وسائل الإعلام وما شابه، فهذا لا يعني ان مثل هذه الجرائم محصورة بين المهاجرين، وانما تسلط وسائل الإعلام الضوء على مجموعة معينة لأهداف ايديولوجية بحتة. مثال على ذلك، السويد، الدولة الاسكندنافية في شمال اوروبا خلال الفترة ١٨٥٠-١٩٠٠، وهي فترة عدم وجود مهاجرين اليها، تظهر الإحصائيات ان الشرطة تلقت نحو ١٠٠ ألف بلاغ عن مثل هكذا جرائم في وقت كان فيه التعداد السكاني للسويد لايزيد عن خمسة مليون نسمة. وتشير المراجعات التاريخية أيضًا في كل من السويد ودول اوروبية أخرى إلى أن الناس أصبحوا أكثر شيوعًا للقتل خلال القرن ١٨٠٠ مما هو عليه اليوم.

وهكذا يظهر الينا جليًا مدى غباء وحماقة المجرم الاسترالي “برينتون تارانت” ومن على شاكلته من القوميين الشعوبيين، ولكن كعادة الشعوبيين عبر التاريخ يكون “الاحباط” الدافع الرئيسي لارتكابهم مثل هكذا جرائم، فهم يعيشون دون أمل في التغيير لكون افكارهم لا تذهب بالتوازي مع الأسباب الواقعية أو الحقيقية في مجتمعاتهم.

فيديو الجريمة البشعة في نيوزيلندا.. لا ينصح بمشاهدته امام الاطفال او المرضى:

https://uptobox.com/c3cyt4ubtbic

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here