المطلقة والأرملة في نظرالمجتمع

علاء كرم الله

على الرغم من التطور الكبير الذي شهده العالم في كافة مجالات الحياة العلمية منها والأنسانية والأجتماعية وغيرها، حتى صار وكأنه قرية صغيرة بفضل التقدم التكنولوجي المذهل الذي أجتاح العالم أجمع،

ولكن ظلت المجتمعات العربية ومنها المجتمع العراقي، تنظر الى المرأة نظرة متخلفة ودونية ونظرة بأستصغار وحتى تراها عورة!، لكون هذه المجتمعات لازالت تعاني من أرث الجاهلية، وترى نفسها أنها مجتمعات ذكورية فقط!.

فهي لازالت تفهم الشرف بأنه الأعضاء التناسلية فقط!، أما باقي ممارساتهم الأخرى اللاأنسانية واللاأخلاقية والبعيدة كل البعد عن أية قيم ومباديء فتلك لا تدخل بمفهوم الشرف حسب فهمهم!، وخاصة بعد الأنقلاب الأخلاقي والقيمي السيء الكبير! الذي شهده المجتمع العراقي من بعد 2003، حيث صارت الرشى والسرقة والنصب والأحتيال والكذب والتدليس وسرقة المال العالم رجولة وفهلوة وشطارة، بل أصبحت ثقافة مجتمع آيل للسقوط بشكل نهائي!.

فالكثير منا لاحظ أنه عندما تتوفى المرأة لا يذكر أسمها في لا فتتة العزاء؟ بل يذكر أنتقلت الى رحمة الله عقيلة السيد فلان، أو أنتقلت الى رحمة الله كريمة السيد علان، فذكر أسم المتوفية يعتبر عيب وفيه أنتقاص للشرف!.

ناهيك عما تنقله وسائل الأعلام والفضائيات بين الحين والآخر، عن تعرض الكثير من النساء الى الأضطهاد والعنف الأسري، الذي جر وراءه الى مشاكل أجتماعية كثيرة منها الأنتحار والهروب من الأسرة الى جهات مجهولة!، لا سيما والكل يعلم أن العراق يعيش حالة من الضياع والأنفلات الأمني وضعف القانون وبروز سلطة العشيرة بشكل سافر منذ الأحتلال الأمريكي عام 2003 ولحد الآن.

لندخل الى صلب الموضوع ونسأل: لماذا ينظر الى المرأة المطلقة والأرملة وحتى العانس نظرة من الشك والريبة اللاأخلاقية من قبل الرجال؟، حال معرفتهم بذلك أذا راجعت دائرة من دوائر الدولة لتعقيب معاملة أو أذا قدمت للتعيين أو لأي أمرآخر!،

حيث تبدأ عيون الرجال وفضولهم بملاحقتها والتحرش بها بأية طريقة!، وكم من مرة عرضت الفضائيات ووسائل الأعلام مثل هذه الحالات لنساء مطلقات وأرامل كن في مراجعة لدائرة التقاعد أو لدائرة الضمان الأجتماعي أو وزارة العمل والشؤون الأجتماعية لغرض متابعة معاملات لهم هناك، حيث عرضت الفضائيات

كيف يتم مساوتهن على شرفهن!! من قبل بعض الموظفين الذين يقومون بعرقلة معاملاتهم بشكل متقصد مقابل ذلك؟!.

وقد شهدت السنوات التي أعقبت الأحتلال الأمريكي للعراق وسيطرة أحزاب الأسلام السياسي على الحكم في العراق تدهورا كبيرا في كافة مناحي الحياة وتفصيلاتها في العراق من تخلف وجهل وأمية وأنهيار المنظومة القيمية للأخلاق وأنتشار الفساد وسرقة المال العام بشكل لم يسبق له مثيل في العالم أجمع!؟،

فكان من الطبيعي أن تشهد أحوال المرأة العراقية وخاصة المطلقات والأرامل المزيد من التدهور واللامبالاة من قبل الحكومة، وبنفس الوقت زاد المجتمع الذكوري العراقي المتخلف من قساوة نظرته المتخلفة والدونية عليهن.

ولا أدري لماذا ينظر الى المرأة المطلقة دائما نظرة الشك وعدم الشرف خاصة اذا كانت جميلة؟ رغم معرفة الجميع بأن الطلاق هو شرع الله وأنه حلال عند الله ولكنه أبغضه!.

كما أنه ليس كل مطلقة تعني بأنها خرجت عن الطريق، وأقامة علاقات غير شرعية مع شخص آخر ولهذا السبب طلقت، كما يفهم غالبية العراقيين!، صحيح هناك من تم طلاقهن بسبب ذلك، ولكن ليس الكل.

وأسأل هنا ولست في باب الدفاع عن المطلقة التي أقامة علاقة غير شرعية مع شخص آخر!: هل سأل الرجل نفسه لماذا خانته زوجته وأقامة علاقة مع شخص غيره؟ هل عرف العيب الذي فيه؟

فقد قرأت عن قصص طلاق ونفور المرأة من زوجها وأقامتها علاقة مع شخص آخربسبب من رائحة الرجل!، وعدم أهتمامه بنفسه وهندامه وقلة ذوقه وأفتقاره لأبسط أنواع الأتكيت والبريستيج في كيفية التعامل مع المرأة وقلة ثقافته وعصبيته المفرطة بسبب أو بدون سبب،أو لأنه كان يضربها ويهينها لأتفه الأسباب أو لأنه كان سكيرا ويلعب القمار ويسهر الليالي الى الكثير من الأسباب الأخرى.

المشكلة أن غالبية العراقيين وتحديدا المتزوجين منهم ، لا يقبلون من زوجاتهم أن تنبههم الى عيوبهم تلك ولا يتقبلون النقد!، كما وأن غالبية العراقيين نساء أم رجال أن كانوا متزوجين أو غير متزوجين لا يعرفون لغة الأعتذار ويعتبرون ذلك أنتقاصا لهم ومس لكرامتهم!، وهذا بسبب جهلهم وقلة ثقافتهم وأعتدادهم الفارغ بنفسهم.

وبسبب من عناد الرجل وأصراره على أخطائه وتصرفاته وفرض رأيه بالقوة ومن باب الذكورية والعنتريات العراقية الفارغة!، تتعمق المشاكل أكثر وأكثر حتى تصل الى طريق مسدود، عندها يقع الطلاق.

هذه أضافة الى أسباب أخرى يكون الرجل (الذكر العراقي) التافه في تفكيره هو السبب الرئيسي بذلك، ولكن كبريائه العربي الفارغ الذي لا معنى له يمنعه من الأعتراف بذلك!.

نعود للسؤال: كم واحد منا فكر بأيجابية وبشكل سليم وطبيعي أذا صادف وأن تعامل مع أمرأة مطلقة أو أرملة؟، وهل سأل نفسه، كم هناك من نساء طلقن بسبب ظروف عديدة كالتي ذكرناها، كانوا هن الطرف المظلوم بالمشكلة!، وتركها زوجها بلا معيل وبلا سند وبلا مورد مع طفلين أو ثلاثة،

ولكنها كافحت وناظلت وأجتهدت وسهرت الليالي مكتفية بالمورد البسيط الذي يأتيها من عملها ، بعد أن صارت هي الأم والأب والعائلة لها ولأولادها وصمدت أمام كل المغريات والضغوط ولم تضعف وقاومت كل تحديات المجتمع بكل تخلفاته وتناقضاته وكبرت أبنائها وأحسنت تربيتهم وقدمتهم كافراد نافعين للمجتمع، أقول لماذا لم تكن صورة هذه المرأة ومثلها الكثيرات الكثيرات أمام أعيننا بدل الصورة السلبية السيئة المطبوعة في عقولنا وأذهاننا!؟.

من جانب آخر على الدولة أن يكون لها دورها الأنساني والأجتماعي الفاعل لرعاية المرأة، وخاصة المطلقة والأرملة اللائي ليس لديهن أي عمل أو مورد مالي أو وظيفة أو سكن، وذلك من خلال دوائرها ووزاراتها المختصة.

ويبدوا أن أمانينا هذه ستبقى أماني ضالة وأضغاث أحلام،وكأنها أنتظار أيتام على موائد اللئام!، فالحكومة والأحزاب السياسية التي حكمت البلاد من بعد الأحتلال الأمريكي للعراق عام 2003 أتخذوا قرارهم بحق الشعب، بأن لهم الملك والنعيم وللشعب الجحيم؟!.

ومن المناسب أن أذكر هنا شيئا عن تجارب العالم في كيفية التعامل مع المرأة المطلقة والأرملة، ومنها التجربة الدانماركية، حيث يطلقون عليها تسمية (الأم الوحيدة) أي التي تعيش مع أطفالها بدون رفقة زوج، وقد بدأت الدانمارك بالتفكير بهذا الأمر منذ عام 1905- 1906!!،

وذلك من خلال أنشاء مؤسسات لمساعدتهن على الأعتماد على أنفسهن، وأستطاعت الدانمارك من خلال المنظمات الأنسانية ومنظمات المجتمع المدني أن

يقروا في عام 1939 قانون(مساعدة الأمهات) لتقديم النصح والمشورة لهن في كل مجالات حياتهم الأجتماعية والقانونية والشخصية والتعليمية.

أخيرا، لا أعتقد أن حكومتنا برئاساتها الثلاث يخطر على بالها أو يطرق سمعها أنين مئات اللألاف من المطلقات والأرامل الذين دار بهم دولاب الحياة ورمت بهم الحياة وظروفها بكل قسوة الى الشارع وبلا أية رحمة لتفكر في أيجاد الحلول لهم!.

وأرى ان المرأة العراقية عموما ستظل تندب حظها وبؤسها وشقائها، وهي تردد بيت الشعر الدارمي( ما تنسمع رحاي بس أيدي أدير تطحن بكايا الروح مو تطحن شعير).لله درك أيتها العراقية الصبورة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here