الموضوع : السبيل الى السعادة

___________ بقلم : ضياء محسن الاسدي

(( أنها فتاة في منتصف العقد الثالث من عمرها تمتلك من الصفات الجميلة والحميدة قل ما يمتلكها كثير من جيلها وشخصية قوية ما يميزها عن أقرانها من الفتيات وهي الصبغة الدينية الملتزمة التي تضفي على جمالها لمسة سحرية تزين وجهها النوراني الذي رسم عليها الحجاب أروع لوحة ليزيدها عفة وحشمة وأكثر رغبة للزواج من الرجال الذين يقدرون هذه الخصال . لذا تقدم لخطبتها شاب أصغر منها سننا ليكمل بها دينه ويتوجها بأسرة مستقرة بهذه النكهة الدينية وهذه المواصفات التي وجدها في فتاته وبدأ الاثنين بوضع أول لبنة في جدار الحياة الزوجية ليتما خطوبتهما معا ومرت الايام بنسق جميل ليعيشا أروع أيامهما وأحلى فترة من العمر الا أن القدر كان قد رسم لهم طريقا آخر بعد تدخل بعض الاهل والاقرباء للشاب الذين لا يجدون الا التدخل سلبيا في حياة الاخرين وأبداء الملاحظات التي تهدم ولا تبني وبدون وعي ولا تفكير لم سيؤل اليه الامر وأخذوا يطلقون العنان جزافا لبعض الافكار ويدسونها في عقل الشاب لألغاء الخطبة مبررين بها بعدم التكافوء بالعمر والفارق العمري بينهم وعدم أمكانيتهم في الانجاب في مثل هذا السن المتقدم للفتاة فقد وجدوا الآذان الصاغية لهم فيه ليجد الشاب نفسه وهو يرضخ ويذعن لهم ويقدم أعتذاره للفتاة طالبا أياها ألغاء الخطبة وعدم قدرته على الاستمرار معها تاركا جرحا عميقا لمشاعرها لم يهتم له وما يسببه هذا الجرح النفسي مبررا قراره بالقول

_ الشاب : بعد النقاش المطول مع الاهل قررت الانفصال .

_ الفتاة : هل فكرت مدى الالم الذي قد تسببه لي .

_ الشاب: أنت فتاة جميلة ولكي مواصفات خاصة اعترف بها والالف من يتمناك .

_الفتاة : لكن يجب أن يكون لك شخصية مستقلة ورأيا خاصا بك في شؤؤن حياتك.

_الشاب: أنا من هذا المجتمع الذي لا يرحم وأنا بين نارين بين عواطفي وبين الاهل وضغطهم علي من جهة أخرى وأعتراضهم على العمر ومدى تأثيره على الانجاب,

_الفتاة : لكن الانجاب أمر ألهي يرزق من يشاء من عباده .

_الشاب:هذه اللغة لا يفهمها الاهل ونحن جزءا منهم خاضعون لتقاليدهم .

_الفتاة : هل تعترض على قوانين الله تعلى ودينه هل فكرت أن هذا الامر بيد الله فقط .

_الشاب: عذرا هذا قراري النهائي متمنيا لكي كل التوفيق والسعادة .

وبهذه الكلمات طوت الفتاة صفحة جميلة من عمرها التي عاشتها مع نفسها حالمة بالعش الزوجي المتأخر محملا بالاحلام والامال فقد تم الانفصال بينهما تاركا خدشا عميقا في قلبها وحزنا قطع الامل الذي تشبثت به في هذا العمر الا أن الاخلاق الكريمة ودينها وقفت فيه أمام المجتمع متحدية نفسها بانها هي الاقوى ضد كل هذه الافكار التي سادت المجتمع حينها أستمرت بشق طريقها في الحياة وهي أكثر أيمانا بالله وصلابة وأصرارا وكان الخاسر الاكبر الشاب الضعيف الشخصية الذي رضخ لنواميس الطبيعة والتقاليد الاجتماعية تاركا نواميس الله تعالى التي لا تعرف المستحيل في كل شيء . أخذت الفتاة تلملم أوراق حياتها المبعثرة وهي تحاول جمعها في دفتر واحد لتجعله من الماضي لتبدأ رحلة جديدة من العمر تاركة أحزانها وآلآمها وراء ظهرها مستمدت قوتها وعزيمتها من أيمانها بالله تعالى وتقديره للامور لتعيش حياتها الطبيعية لذا قررت السفر الى أداء مناسك العمرة لبيت الله الحرام مع بعض زميلاتها لتكون لها السلوان ونسيان الماضي والانطلاق نحو حياة جديدة وفي يوم من ايام العمرة المباركة وهي تفترش أرض المسجد الحرام المطهرة وبأجوائها الروحانية وأختلاف الملائكة ودوي الحجاج حول البيت الحرام وصلت الى مسامعها آية من آيات الذكر الحكيم بصوت زميلتها التي تقرأ بجنبها هزت مشاعرها ودخلت أذنها بدون أستأذان لتطلق العنان لحبات الدموع المتلألئة وهي تتحدر على الخدين وهي تستمع الى الآية ( ولسوف يعطيك ربك فترضى ) فأخذت تجهش بالبكاء لتفوض أمرها الى الله تعالى وبعدها هدأ الحال وأستسلمت الى الامر الواقع براحة بال مطمئنة النفس وحين العودة الى الوطن وفي الطائرة تعرفت الى أحدى الزميلات مع زوجها وأخيه الشاب المرافق لهم في العمرة ليتعارفا مع بعضهما معرفة عابرة تنسقها رحلة الطائرة وليفترقا بعدها . مرت الايام والشهور وأذا بالهاتف يرن حيث كانت المكالمة مع زميلتها التي كانت معها في الطائرة مستأذنة منها بلقاء مستعجل على أثره طرحت فكرة الزواج من الشاب الذي كان مصاحبا لهم وهو شقيق زوجها وبعد التفكير والعميق أستسلمت الفتاة وتم عقد القران والزواج وأكتملت الفرحة والسعادة بالحمل وبعد عدة شهور مضنية دخلت الفتاة صالة الولادة لتضع حملها بصعوبة من جراء العملية القيصرية وما هي الا

ساعات من الالم والترقب والقلق من الاهل أفاقت الفتاة من المخدر وأذا بالاهل والوالدة محاطين بها والدهشة والحيرة والدموع على محياهم مما استفزها الموقف وزادها قلقا على مستقبل جنينها حيث قطعت الصمت المطبق بالسؤال هل رزقت بالطفل .

– الوالدة : الحمد لله على السلامة .

– الفتاة : الحمد لله على كل حال لا أسالكم ذكرا أو أنثى لكن هل في صحة جيدة .

– الوالدة: نعم بخير

– الفتاة : لكن لم هذه الحيرة على وجوهكم .

– الوالدة: الحمد لله لقد جزاك الله عن صبرك لسنوات وعوضك بأطفال ثلاثة ولدين وبنت كالاقمار .

– الفتاة : لقد علمت يقينا بأن الله لن يتركني لوحدي ولا ليأسي من رحمته .

هنا توصلت الفتاة الى حقيقة أن السبيل الى السعادة مفادها أولا التمسك بقضاء الله وقدره في كل شيء والتمسك بما يؤمن به الشخص في حياته اليومية حيث لن يؤثر عليه أي طاريء مهما كان ما دام أعتماده على رحمة الله وتوفيقه وأن الانسان لا يمكن أن يخرق نواميس الله التي رسمها للبشر وأخيرا أن الانسان كلما صبر على أمر وقدر الله ولن يعترض عليه جزعا وحزنا فأن له الجزاء العادل والعطاء اللهي الرباني الذي لا يضاهيه من العطاء الدنيوي البشري … )) ضياء محسن الاسدي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here