ساعة السودة!

خالد الناهي
ربما يسأل البعض ما هي ساعة السودة؟ وهل توجد ساعة سوداء وأخرى حمراء وثالثة خضراء؟
ان رغبت معرفة ساعة السودة في العراق، ما عليك الا ان تفتح التلفاز على أي قناة تلفزيونية عراقية، وتستمع الى ساعة إخبارية فيها، او برنامج سياسي يتحدث عن الوضع في العراق، هذه الساعة كافية بأشعارك أن الاوكسجين ربما ينقطع في أي لحظة، ولمجرد خروجك من المنزل ستجد هناك من يصوب مسدسه نحوك ويرديك قتيلا.
ساعة واحدة يرسمها مذيع او مقدم برامج، يتحدث بلغته الدارجة، يشكك في كل شيء في البلد، هي كافية لتجعل من البلاد غير صالح للعيش، لكن لا نعلم لماذا هذا المقدم لا زال يسكن في العراق ؟ ولماذا لم يقتل لغاية الان؟ هل من الممكن ان يكون على علاقة بالقاتل؟ او ربما يكون هو القاتل؟
ساعة واحدة تتحدث فيها قناة او إذاعة محلية عن حجم السيول والفيضانات التي سيواجهها العراق، وهو يستخدم مصطلحات (الموجة المطرية) او العواصف الرعدية، كفيلة بجعل من يسكن العراق، ان يهرع الى الأسواق، لشراء نجادات ومعدات الغوص والسباحة، خشية الغرق.
ساعة واحدة تستمع اليها في برنامج سياسي لعضو برلمان او محلل سياسي، وهو يتحدث عن الخيانة ومؤامرات الحكومة، تجعل من يسكن العراق، يعتقد انه في أحد الصباحات، يفتح عينه فيجد العلم الإيراني او السعودي، وربما حتى العلم الإسرائيلي يرفرف في باب داره، وعندما يمر من امامه جاره(جويسم) الذي غير اسمه الى شمعون وهو يرتدي الطاقية الصغيرة(الكيباه) ليقول له (شالوم), بعدما باعت الحكومة الوطن.
اما من يعيش خارج العراق ويستمع الى القنوات والمحللين العراقيين، يعتقد ان من يريد ان ينتحر او يقدم على الموت، ما عليه الا ان يقطع تذكرة سفر الى العراق، وهو كفيل بموته بمجرد ان تطأ قدمه ارض العراق.
الغريب ان هذا السياسي او مقدم البرامج يريد ان يبني الوطن، من خلال تشكيكه بكل شيء، ويقتل كل امل لدى المتلقي، كيف تبنى الحياة بلا امل؟ لا نعلم.
الغريب أيضا هذا المذيع او مقدم البرامج يتحدث عن القمع والقتل ومصادرة الحريات، وهو يصرخ بعلوا صوته، متهم هذا وناقم على ذاك، دون خوف او تردد، كيف هي الحرية حسب وجهة نظره؟ لا نعلم.
المريب ان هذه القنوات، وعلى مدار الساعة تعمل ومن خلال برامجها الساخرة على الانتقاص من الوطن، وتطلب بناء وطن. ما هو معيار الوطنية لدى تلك القنوات لا نعلم.
باختصار (من ساعة السودة الى خلتنه نشوف هيج قنوات، وهيج محللين ومقدمي برامج وسياسيين)، فبمثل هؤلاء تهدم الأوطان ولا تبنى.
اما باقي ألوان الساعات فما نعرفها، لان ما موجودة بالعراق، حيث نعيش.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here