قصة قصيرة ـــ لاجئ

أنا لا اختلف كثيراً عن الكلاب المشردة , سوى أني اهتم بأناقتي , لا أستحم بماء البرك والمستنقعات , ولا اتناول الطعام من القمامة , مهما أشتد بيّ الجوع .

لست كلباً هجيناً مثل ( البيتبول) او كلباً تليداً , لكني أشتاق إلى طفولتي أحياناً , أحن إلى الاشياء التي مازالت عالقةً في ذاكرتي .

اذهب إلى الحدائق والمتنزهات , التقي بالكثير من الكلاب المرموقة , وهي تسير برفقة أصحابها , مثل كلاب الزينة وغيرها من الكلاب التي يضعون حول رقابها طوق من الجلد الثمين , يشبه ربطة العنق .

ينادونها بأسمائها , كل كلب لديه أسم هنا , الا أنا , أنا الكلب الوحيد الذي لا أسم له , مجهول الهوية , كلب لاجئ , نزح من المكان والزمان , يبحث عن ذاته التي فقدها , عندما كان إنساناً في السابق .

لقد عشت الكثير من المغامرات , وفي كل مرة أنجوا من الموت بأعجوبة , عندما تطاردني مفارز الشرطة بتهمة التسول , يسقط منا الكثير بين جريح وقتيل , منهم من يتعافى ويعود ومنهم من لا يعود إلى الأبد , اما أنا كنت أذهب إلى بيتٍ بعيد , بعيداً جداً , هناك عائلة كريمة , رغم عوزها وبؤسها , كان يقدم لي صاحب البيت , الخبز والماء والمأوى .

ذات مرة تعرفت على كلبٍ بولسي أسمه ( هاف ) يحرس بيت أحد المسؤولين في الدولة , كان يسمح لي بالدخول إلى حديقة القصر , كلما ذهب الحراس للراحة , العب والهوا مثل الصغار , ثم يقدم لي اشهى الوجبات , اللحم المقدد , أفخاذ الدجاج , البيتزا , فأقوم بجمع الطعام في كيسٍ أسود , وأعود مسرعاً إلى بيت صاحبي الفقير , فيأكلون ويضحكون ويتحدثون فيما بينهم , قال أحدهم : لقد رزقنا الله بكلبٍ لطيف .

أما أنا كنت أهز ذيلي و أشاركهم الابتسامة العارمة .

وفي اليوم التالي خرجت أتفقد رفاقي , شاهدت صوري الشخصية معلقة على أعمدة الإنارة وعلى جدران المعابد , وقد كتب عليها اعلان طويل ( من يعثر على هذا الشخص , يرجى الاتصال بالأرقام التالية ….) , ذهبت مسرعاً إلى بيتي القديم , شاهدت أطفالي وهم يعودن من المدرسة , حاولت الاقتراب منهم , فأحاط بي أطفال الشارع ,انهالوا عليَّ بالضرب , كانت الحجارة مثل رشقات المطر , حتى أطفالي

شاركوهم الشتم والضرب , وعندما حاولت الفرار اصطدمت بصديقي القديم , تعرف عليَّ من خلال دموعي , فقال : لمَ فعلت كل هذا ؟ عد إلينا سريعاً .

هززت رأسي وتحدثت إليه , لكنه لم يفهم كلامي , كنت أعوي , حاولت أن أشرح له , اتركوني وشأني مع الكلاب , تعلمت منهم الصدق والاخلاص والوفاء .

حيدر الهاشمي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here