برسائل لبارزاني وارقام مفجعة.. اربيل تحتضن استذكار ابادة الفيليين

جرت في عاصمة اقليم كوردستان اربيل، مراسم استذكار الابادة الجماعية للكورد الفيليين ال39 بحضور مسؤولين حكوميين وحزبيين وجمع من ابناء الشريحة.
وعقدت المراسم تحت شعار “جريمة بِكتمان”، برعاية وزارة الشهداء والمؤنفلين في كوردستان ومنظمة بيشتكو للكورد خارج الاقليم.
وقال زعيم الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، إن الابادة الجماعة للكورد الفيليين جرح لن يندمل من جسد الشعب الكوردي.
حديث بارزاني جاء في برقية القاه نيابة عنه المتحدث باسم الحزب الديمقراطي محمود محمد، حيث جاء فيها:
الاخوة المحترمون الحضور في مراسم الذكرى الـ39 للابادة الجماعية للكورد الفيليين..
احييكم على تنظيم هذه المراسم واتمنى لكم النجاح..
ان الشعب الكوردستاني بمكوناته كافه، له تاريخ مليء بالآلام. وكانت الإبادة الجماعية للكورد الفيليين بداية المساعي لصهر شعبنا وواحدة من الجروح التي لا تندمل في جسد شعبنا.. وان الظلم والجور الذي جرى عليهم لايمكننا نسيانه ابدا.
وعلى الرغم من كل الجرائم اللاانسانية التي واجهها شعبنا، الا انه لم يستسلم واستمر في في مقاومة الظلم والاضطهاد الذي مورس بحقنا.. وتاريخ الحركة التحررية لشعبنا شاهد على ان الكورد الفيليين كانت لهم المشاركة المؤثرة في مختلف المراحل النضال على جميع المستويات اذ قدموا الاف الشهداء في سبيل نيل الحرية والحقوق المشروعة فضلا عن المشاركة في ثورات شعبنا ودعمها.
وعلى الرغم من انه وفقا لمعظم القوانين والاتفاقيات الدولية والحقوق الدولية فان الجرائم التي مورست بحق الكورد الفيليين تندرج في اطار الجرائم ضد الانسانية والابادة الجماعية، ورغم ان المحكمة الجنائية العراقية العليا عرّفَت الافعال اللاانسانية والوحشية التي قام بها النظام البعثي ضد الكورد الفيليين، على انها جريمة ابادة جماعية – جينوسايد – الا انه وللاسف مازالت اثار هذه الجرائم باقية وكذلك لازالت الثقافة التي ادت لاقترافها سائدة.
ويتوجب على المجتمع الدولي والحكومة العراقية ان تقوم بخطوات جدية لتعويض المتضررين من الابادة الجماعية والجرائم الاخرى، التي اقترفت ضد شعبنا، وان الجرائم التي ارتكبت ضد الكورد الفيليين وباقي ابناء شعبنا هي دلائل حية على مشروعية حقوقنا ومطالبنا، ويجب الا تذهب كل هذه التضحيات سدى.
وقدم ايضا البروفيسور خليل اسماعيل بحثا عن جغرافية وتاريخ الكورد الفيليين.
اعقبها كلمة لممثل الكورد الفيليين في البرلمان السابق لاقليم كوردستان علي حسين فيلي، قال فيها، “العراق منذ 1980 والى 2003 اقدم وبطريقة بشعة على سن قوانين جائرة انتجت واقعا خاليا من الوجود الفيلي، وبعد 2003 لم نشاهد من الجهات المسؤولة جهدا لمتابعة اثار تلك الجريمة”.
واضاف، “الكورد الفيليون يشهد على وجودهم اليوم 40 دولة حيث ينتشرون ومقصد استقرارهم، لكن نرى ان هذا الاستقرار منعدم لهم في دولة اسمها العراق”.
وعرج الفيلي على حديث للمدعي العام بملف ابادة الكورد الفيليين عبد القادر الحمداني الذي قال “يوجد 10 الاف ملف تم جمعه من عام 1996 الى 2003، وهذه احتوت على اسم 600 الف كورد فيلي تم تهجيره ومصادرة امواله”.. كما تطرق الفيلي لحديث رئيس الحكومة العراقية وقتها نوري المالكي بأن “شهداء الفيليين اكثر من 22 الفا، وما تم مصادرته من اموالهم وحقوهم يزيد بكثير مايتم الحديث عنه”.
ويضيف علي حسين فيلي، “أصل الابادة الجماعية في العراق عامة وعلى شعبنا الكوردي خاصة وضع نواته على الكورد الفيليين. وبذلك على شعبنا الكوردي أن يعي حجم تلك المأساة. فمثلا باحصائية عام 1979، كان عدد نسمة محافظات اقليم كوردستان تتكون من مليون ونصف المليون، في حين ما تم تسفيره من الكورد الفيليين بلغ نصف عدد تلك النفوس تقريبا.
وقال الفيلي، “ماحصل على الكورد الفيليين لم يكن ضريبة قومية او مذهبية او اقتصادية فما حصل اكبر من تلك المسميات. لكن ما يعزز الشق القومي بتلك الابادة يعيدنا الى عام 1970 وبالتحديد بعد توقيع بيان اذار بين كوردستان والحكومة العراقية، فقد خرج للاحتفال بهذا المنجز اكثر من نصف مليون كوردي، وكان اغلبهم من الكورد الفيليين، وكان ذلك جرس انذار صارخ لحزب البعث اذ اظهر حجم الانتماء القومي للكورد ببغداد، ليعقبها البعث بسلسلة جرائم”.
واختتم حديثه، “نأمل لهذه الذكرى ان تكون جرس انذار لشعبنا الكوردي ان يغير النظرة الخاطئة وموقفه تجاه مأساة هذه الشريحة من شعبهم”.
من جانبه قال احمد كلهر مسؤول منظمة “بيشتكو” في كلمته، “اليوم نحيي ذكرى ضحايا بلا مزار. فالموت سهل في هذه البلاد. لكن ان تكون شهيدا امرا صعب جدا. بخاصة ان هذا الشهيد لن يتم الاشارة لاسمه، او قد تُرك مغيبا في الصحارى، او نزل ضيفا في نكرة السلمان وابو غريب والفضيلية ومختبرات الكيمياوي، يالها من وحدة، فشهداؤنا بلا مزار”.
واضاف، “الاعداء. بعيون الجلاد. وبنفس الابادة على تربة ارضنا قطعوا انفاسنا. وهذه مصيبة شريحتنا ومنذ 39 سنة يتم تضييعنا، فطعم المحبة زال منا، لكننا بهذا اليوم نتطلع للاخرين ان يحبوا ويسعوا لتقليل الالام، علها تلتئم الجروح، فامهاتنا يقيميون عزاءهم وابناءهم شهداء بلا مزار، ومازال اباء الشهداء يتقفون اثار اكثر من 20 الف شاب بلا ذنب او مأوى، مجهول المصير ومفقود. لذا نريد من شعبنا وحكومتنا ومن الاطراف المسؤولة أن يعينوننا كي يبقى المتبقي من شريحتنا، و الا يتعرضوا للتهميش والاهمال، فلا نريد ابادة ثانية”.
كما تضمنت الفعاليات معرضا مصورا جسد فيه عمليات تهجيرة وابادة الكورد الفيليين.

وتضمنت الفعاليات ايضا قبسات تجسد المعاناة بطريقة مؤثرة منها ما جاء:

لا تسألوا عن عدد الضحايا، فقد تعبنا من كثرة العد. ولا تسألوا عن عناوين القبور، فالصحاري المترامية الاطراف، مليئة بشهداء الكورد الفيليين بمقدار ظلم جميع المجرمين..

بأوامر من مجرمي تاريخ هذه المنطقة؛ لا يحتاج الاستشهاد الى عمر معين، أتعلمون لماذا؟ منذ زمن بعيد، يحصون أمة الكورد، من اجل ابادتهم، ويهاجمون ارضهم من اجل غصبها.

لا تنظروا الى الفيليين كعدد !، ففي الماضي كان اكبر عدد من الضحايا منهم، واكبر عدد المشردين واللاجئين منهم. اما اليوم فهم اكثر ابناء امتهم غربة..

من هنا الى صحاري عرعر، لن نشعر بالوحدة أبدا، فلنا مأوى في اي شبر من الارض، عليها اثار اقدام شهيد كوردي، في كل زاوية قصة منها، هناك عين شهيد كوردي دليل، ولأي سؤال يجول بخاطرنا هناك جواب من الشهيد بلغته الام..

في اعاصير هذا الفصل، وفي احضان هذه الارض، لم يبق جبل لم ينحني اجلالا للشهيد، ولم يبق انسان كوردي وَفيّ وصامد لم يزرع زهرة وفاء لذكرى شهدائنا..

في هذه المناسبة، امنحوا جائزة الصمود للذين يصرخون نحن كورد في عقر دار الاعداء، امنحوا جائزة الوفاء للذين يقولون ان شهداء الكورد الفيليين منحونا رمز الخلود.

في احضان هذا التأبين نقول لكم، ان الذين اصبحوا شهداء من دون كفن او مزار ومن دون ان تندبهم الاخوات والامهات، هم كورد. والذين بقوا في غربة الارض، وفي خلوة الوحدة، وفي الانتظار اللامنتهي بقيت اسماؤهم خالدة في اذهاننا ابدا، يبقون ابدا شهداء..

اتعلمون لماذا لا يتركوننا وشأننا حتى بعد ان يقتلوننا؟ لان شواهد قبور شهدائنا تصبح سواتر لا يمكن احتلالها. وحصونا وقلاعا لن تنهار..

الكوردي الفيلي هو الشخص الذي لا ينقص بالاستشهاد، ولا يُذعِن بالتهجير، ولا يَكِلّ في سعيه لنيل الحقوق.

كما جاء في البيان الختامي لمراسم الذكرى الـ39 لجريمة الابادة الجماعية للكورد الفيليين:
على الرغم من عدم تنفيذ مطالبنا المشروعة في السنوات السابقة بسبب تقصير الحكومة الاتحادية في بغداد، الا اننا و كتوصية من الذكرى الـ39 لجريمة الابادة الجماعية للكورد الفيليين نقول مرة اخرى:
1- على الحكومة الاتحادية الالتزام بواجبها الانساني والقانوني والوطني وتنهي عهودا من الصمت والتقصير، لان ارهاق دماء المواطنين الابرياء والتطهير العرقي، ليس حلا لمشكلات هذا البلد، بل على العكس فان ضمان الحقوق الانسانية والقومية يعني بداية لخروج العراق من عهود الظلم الحكومي والتطهير العرقي.
2- على الحكومة الاتحادية الالتزام بقرارات محكمة الجنايات العليا فيما يخص تحديد مصير الشهداء والمفقودين من الكورد الفيليين وتعويض ذوي الضحايا وجميع المتضررين.
3- على حكومة اقليم كوردستان ان تصر على متابعة هذا الملف جنبا الى جنب مع الملفات الاخرى التي تخص الابادة الجماعية لشعبنا الكوردي عن طريق وزارة شؤون الشهداء والمؤنفلين وان تتحمل واجب تحريك هذا الملف على المستوى المحلي والاوساط الدولية.
4- نطالب وزارة شؤون الشهداء والمؤنفلين، بالاضافة الى عقد الندوات والمؤتمرات الخاصة بالذكرى، ان تهتم بالبحوث العلمية والقانونية من اجل توثيق هذه الجريمة.
5- كما نطالب جميع الاحزاب والاطراف السياسية الكوردستانية، وجميع مكونات شعبنا الكوردي ان يجعلوا من هذه الذكرى مناسبة قومية، وان يعينونا ويؤازرونا بهذا الصدد.
6- كما نطالب مراكز البحث العلمي والمؤسسات المدنية والاوساط الثقافية والاعلامية وجميع المفكرين والمخلصين من ابناء شعبنا، الاهتمام في فعالياتهم ونشاطاتهم بالمجزرة التي تعرض لها الكورد الفيليون كواجب انساني وقومي، لكي تصبح هذه الكارثة مناسبة لفرض السلم العام والقومي بعيدا عن اية رؤية سياسية او اجتماعية او حتى مذهبية.
7- واخيرا نطالب الحكومة المحلية لعاصمة اقليم كوردستان ان تفي بوعدها الذي قطعته منذ سنوات بوضع رمز شاخص لهذه الكارثة في مكان لائق في اربيل.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here