في ذكرى إستشهاد محمد باقر الصدر

من حقنا اليوم وبعد مضي هذه الحفنة من السنيين العجاف ، أن نفتخر بالشهيد الصدر كرمز للتفكير وللعلم المجرد ، ومن حقنا أن نباهي أقواما أخرين على أنه كان من بيننا رجل من هذا العيار الثقيل ، سنتذكر مع الأيام طريقته في التفكير وحسن إنتمائه للإنفتاح العلمي والتشرب بالثقافات الأخرى والغوص فيها حتى ويكأنه واحدا منها .

لم أحسب السنيين التي بها فارقنا إلى دنيا الخلود ولا يهمني ذلك ، لأني أجده في كل زاوية وبيت ، وأقدر همته العاليه حين تبرأ من الإنزواء السياسي تحت أية مظله ، وأبقى الباب مشرعاً لكل فكر حر يتلاقح معه ويتناغم في خدمة شعبه وأمته وقومه ، وأحيي روح البطولة التي كان يتمثلها الراحل الكبير وهو يتجاوز بحسه وبضميره كل فرقعات الدهر وتلاوين الحزب المنقرض المنحوس .

لم تكن النجف ولا بلدات العراق التالية تفتح ذراعيها ووعيها لما كان يقدمه من رؤية وفكر غير منحاز ، كانت بعض العمائم المزيفة ولا زالت تطعن فيه وفي فكره التقدمي ، لأنها بالطبع لا تحسن فن الإصغاء والتفكر وحُسن التدبر ، فظلت شاردة تآئهه ليس لها غير التشويه والتنكيل وتلك صفة الجبناء .

سنتذكر الشهيد بكثير من الفخر وبكثير من الولاء للمنهج وتحييد أؤلئك الضعفاء وذوي النيات الخربه ، سنتذكر أهمية الإصلاح والتجديد والبعث على نحو مختلف وأصيل ، ولن ننسى التذكير بمنجزاته الفذة والتي كانت عندنا تمثل قدس الأقداس ، وأشير بوجه خاص لكتابه الموسوم – الأسس المنطقية للإستقراء – ، الذي في حينه زادنا قوة وتشجيعاً وإصراراً على أن العقل غالب .

مهما حاول أهل النوايا السود والمثبطين والمنافقين والناعقين حسب مصالحهم ، سيكون العقل غالب تلك هي سنة الله التي لن نجد لها تحويلا أو تبديلا ، وفي لغة المغالبة بين العقل واللاعقل سينتمي الجمع يوما ما إلى قافلة الحق الداعية لوضع الأشياء في مواضعها .

وفي طريق الصدر الشهيد تراكمت خبرة المحبين ولم تقتصر على النقد البناء

بل ذهبت بعيداً ، لتحليل النصوص من جديد وفهم العلاقة الجدلية مع الله من جديد .

ولا يفوتنا التذكير بأن مناسبة الرحيل والمعراج الكبير هو تلاق من حيث القدر والوسم ، في يوم نهاية عهد التخلف والظلم والقبلية المتخلفة والدكتاتورية ، وهاكم نداء التاسع من نيسان يصدح بالحقيقة ، فالأقدار والزمن وعلم الله تجسدت في خارطة إنتزاع بعض الحقوق من أولئك المتخلفين وضيقي الأفق ..

وفي الختام أقول سلاماً لك أيها الشهيد ، وسلاماً لرحتلك في معراج الخلود ، ودعائنا أن يتحقق للعراق حقه المسلوب وكرامته المبعثرة ، نم قرير العين فإن في العراق والمنطقة رجال صدقوا ماعاهدوا الله عليه ، ليس مرجفين ولا خائفين وأملهم بالمستقبل كبير ، مهما كانت الظنون وسقاطات المريدين ..

راغب الركابي

9 نبسان 2019

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here