موضوعات في الترجمة: 1536 – 1546:عشر سنوات غيرت مفهومنا للمترجم

ترجمة: يوسف سعد حسين

و

ا.د. كاظم خلف العلي

استاذ اللسانيات و الترجمة – كلية الآداب- جامعة البصرة

[email protected]

على من يفترضون أن المترجمين يعيشون حياةً قاسيةً في الوقت الحالي أن يطلعوا على اقدار زملائهم في القرن السادس عشر، فخلال العشر سنوات بين 1536 و 1546 لقى ثلاثة مترجمين حتفهم. لقد عُذِّبَ احدهم اولاً ثم حُرِقَ على الخازوق في باريس التي تعد مركزاً حضاريا عظيماً, و تم شنق الثاني و حرقه بمدينة انتويرب, و بالرغم من أن زميلنا الثالث مات ميتة طبيعية فلم يكن ذلك يعني عدم توق نصف سكان أوربا لرؤيته متدلياً من مشنقة, و مجروراً من حصان, ومقطعا الى ارباع او مقطعا في كافة اجزاء جسده.

وفي اكثر هذه الحالات اثارة, كان السبب الجلي لإعدام المترجم هو إضافة ثلاث كلمات في ترجمته لم تكن موجودة بشكل واضح في النص الاصلي. و في هذه الحالة الخاصة جدا، كان “خبراء الأعتمادية” على الاقل محقين حرفياً, فترجمة إتيان دوليه Étienne Dolet الذي يعد اشهر شهيد في مهنتنا اضافت ثلاث كلمات زائدة فعلياً فضلا عن الكثير من الكلمات الأخرى, و إن احد كتاب سيرته الذاتية دافع عن ذلك بقوله أن هذه الكلمات تعزز الوضوح.

تعد اللغة اليونانية لغة صعبة على اقل تقدير, و ليس ذلك بسبب كون كلماتها غامضة او خارجة عن المألوف, ففي الحقيقة ، من المحتمل أن يواجه أي طالب لغة يونانية في السنة الثانية هذه الصعوبات. و سبب المشاكل هو الطبيعة المليئة بالأدوات و الحذف لهذه الكلمات البسيطة ظاهريا و يستطيع القليل من المترجمين أن يستخرجوا أي معنى للقطعة من دون اضافة كلمات على النص.

و المترجم الثاني الذي وافته المنية بسبب انتهاكاته هو ويليام تينديل William Tyndale و كان قريبا من وصول سن النضج في الرابعة و الأربعين. و كان تينديل مدفوعا بالإخلاص الديني أكثر من العاطفة البشرية، و عندما كان في العشرين من عمره كان متأثرا بتعاليم “لوثر” إلى درجة بحيث أن اصدقائه من انكلترا عبروا عن قلقهم. و عندما اقترح محاكاة

عمل “لوثر” بترجمة الانجيل الى الانجليزية, اُجبِرَ على ان يلوذ بالفرار الى شواطئ المانيا التي عُدَّت ليبرالية حينها. و مع ذلك كان عليه تجنب التعرض لإلقاء القبض و الهروب من مطبعي إلى آخر، لكنه نجح اخيراً بخلق نسخة انجليزية للنصوص المسيحية و التوراة على حد سواء, و التي هُرِّبَت من ثمَّ الى انكلترا. و بسبب هذا الفعل وضع زميله في الكنيسة التصحيحي و العالم الديني “هنري الثامن” جائزة مالية على رأسه و ألقي القبض عليه في النهاية ببلجيكا حيث أعدم سنة 1536 بعد قضائه عاماً في السجن. و يعود لترجمته للإنجيل الفضل بالتأثير على الترجمة اللاحقة لنسخة الملك جيمز.

و آخر فرد من “محاربينا المترجمين” الثلاثة هو “مارتن لوثر”, و كان الرجل الذي سيفرح الكثير من الناس لرؤيته مصلوباً, و كان اكثر الشخصيات نجاحاً كمترجم و كشخصية جذابة على حد سواء. و لنستمع لما قاله عن مجال عملنا:

و غالباً ما حصل لنا ان نبحثنا و سألنا عن كلمة واحدة لأربعة عشر يوماً – بل و لثلاث اسابيع او اربع – و لم نجدها في كل ذلك الوقت. و ليس لي علم اذا كان باستطاعة احدهم ان يعبر عن كلمة Liebe (أي حب) بنفس الإخلاص و بالتمام في اللاتينية او في لغات أخرى بحيث ترن و تقرع خلال جميع حواسنا كما تفعل في لغتنا.

صديقي العزيز, الآن و النص مترجم الى الالمانية و بشكل تام, يستطيع اي كان ان يقرأ النص و يدرسه, و يمكن لك ان تطلع على ثلاث او اربع صفحات من دون أن تضرب أبدا بجذع شجرة , و لن تلحظ الصخور و جذوع الاشجار التي كانت هناك حتى, لأنك الآن تعبر خلال ذلك كله و كأنه سطح مصقول, لكن كان من الضروري علينا ان نعرق و نشقى لإبعاد الصخور و جذوع الأشجار من ذلك الطريق.

النص مقتبس بتحوير عن: http://language.home.sprynet.com/trandex/30years.htm

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here