من هم ألدّ أعداء العراق؟

ساهر عريبي
[email protected]

ينقسم العراقيون والمعنيون بالشأن العراقي إنقساما حادّا عند الإجابة على هذا السؤال, ففيما يرى البعض ان البعث الإرهاب ألد العراق يرى آخرون أنها السعودية او تركيا فيما يعتقد البعض بان أمريكا هي ألد اعداء العراق فيما يعتبر البعض ايران هي العدو ويؤمن آخرون بان اسرائيل هي العدو الأكبر بحكم الآيديولوجية التي تأسست وفقا لها والقائمة على إقامة الدولة الموعودة من الفرات الى النيل!

فهل حقا أن أي من هذه الإجابات تعطي الجواب الشافي للسؤال اعلاه ؟ والجواب كلّا. لإن ألد وأخطر أعداء العراق ليس أيا من هؤلاء! فهؤلاء جميعا. لهم مصالحهم لكنهم ماكان بإمكانهم التدخل في الشأن العراقي لولا أن العدو الأخطر للعراق سمح لهم بذلك, ألا وهي الطبقة السياسية الفاشلة والفاسدة فتلك هي العدو الحقيقي للعراق!

فهذه الطبقة الجاثمة على صدور العراقيين منذ العام 2003 تعج بالفاشلين والفاسدين ممن لايهمهم العراق ولا سيادته ولا رقيه وازدهاره بل كل ما يهمهم ماصلحهم الشخصية والعائلية وامتيازاتهم وسلطتهم التي جاءتهم على حين غفلة من الزمن حتى عاثوا فسادا في البلاد. ولست من المتجنين على هذه الطبقة التي وصفها أكثر شخصياتها جدلا ألا وهو رئيس الوزراء السابق نوري المالكي وصفها بالفاشلة داعيا إياها للتنحي جانبا.

وقد أصاب المالكي في تشخيصه للداء وقدم الدواء لكنه لم يتجرعه شخصيا لمرارته مقابل حلاوة السلطة فكان مصداقا للمثل القائل طبيب يداوي الناس وهو عليل. لقد فشلت هذه الطبقة بالرغم من موازنات العراق الخيالية في حل ازمة واحدة من ازماته لا يستدعي حلها سوى إنفاق عشر ما انفق عليها ومنها أزمة الكهرباء, وهكذا بالنسبة للأزمات الأخرى حتى أصبحت رهينة لدول الجوار فهي بحاجة لها في مختلف المجالات.

كما وان هذه الطبقة فشلت في بناء أجهرزة امنية وعسكرية طول أكثر من عشر سنوات من الحكم حتى بان عجزها وفشلها بسقوط ثلث العراق بيد تنظيم داعش الإرهابي الذي ارتكب جرائم في العراق لم يشهد تاريخه لها مثيلا الا ماندر فكانت النتيجة تدخلا عسكريا من جميع الدول في الشأن الداخلي العراقي . وقد وضع العديد من اعضاء هذه الطبقة أنفسهم في سوق النخاسة للتحول الى أداة لتحقيق مصالح تلك الدول المختلفة الا العراق حتى سمحوا لمن هبّ ودب بان تكون له كلمة في العراق .

وفشلوا بالرغم من تصرفهم باكثر من ألف مليار دولار في عملية إعادة إعمار العراق او رفع المستوى العلمي فيه او في استغلال موارده الطبيعة والبشرية وموقعه الإستراتيجي. وكانت سياساتهم الداخلية والخارجية بائسة جعلت العراق إضحوكة بين الأمم فإذا ما ذكر الفساد كان في الصدارة وإذا ما ذكر فقدان الأمن كان في المقدمه وإذا ماذكر الناتج القومي كان في القعر حتى تحول العراق بطاقاته العلمية وكوادره وكفاءاته الى بلاد تنعدم فيها الصناعة والزراعة ويتفشى فيها الجهل والخرافة ويصبح فيها المجتمع استهلاكيا وغير منتج بامتياز.

واما أسوأ ما فعلته هذه الطبقة وخاصة من رفع منهم شعارات إقامة الدولة الكريمة, فقد اساؤا الى الدين وادوا الى نفور منه بين قطاعات واسعة في المجتمع لأنهم حولوا الدين الى سلعة يتاجرون فيها لتحقيق مآربهم الدنيئه. ثم عززوا الإنقسامات في المجتمع من دينية وعرقية وطائفية وعشائرية وحزبية ومناطقية حتى غاب القانون وسادت شريعة الغاب حيث القوي يأكل الضعيف فيما يحاسب القضاء الضعيف .

وبعد كل ذلك أليست هذه الطبقة أخطر وألد أعداء العراق؟ أم سنظل ندس رؤوسنا في الرمال ونعلق الدمار والتخلف وانتقاص السيادة على شماعة دول ماكان لها أن تدس أنفها في الشان العراقي لولا خواء وفساد هذه الطبقة السياسية؟

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here