لثورة الايرانية,زرعها العلمانيون وحصدهاالاسلام السياسي

[email protected]

هناك مسألة اجدها في غاية الاهمية تتعلق بالثورة الايرانية التي اطاحت بالشاه عام 1979,
حيث ان غالبية من الناس,تجهل,اسبابها وبدايتها ومراحل تطورها,ومعظم الناس يتصورون بأن الذي فجرها كان الامام الخميني,خصوصا انه عرف بقائدالثورة وشاع مصطلح الثورة الخمينية
بسبب سيطرته التامة على كل مقدرات الامور في ايران بعد هروب الشاه,
لكن في حقيقة الامر,ان الثورة الايرانية لم يفجرها الامام الخميني
بل مجموعة من الاحزاب العلمانية,كالجبهة الوطنية ومنظمة مجاهدي خلق وحزب تودة الشيوعي,واخرين
وقد بدأت بوادرهافي عام ,1971,وبعد فترة قصيرة من قيام الشاه بتنظيم احتفالات اسطورية كبرى,بمناسبة مرور 25 قرنا على ميلاد كورش,مؤسس الامبراطورية الفارسية,حيث دعى اليهاالالاف من الضيوف,من كل انحاء العالم,احيتها فرق فنية واستعراضية,مع اشهرالمطربين العالميين,وكان من ضمن المدعوين,الرؤساء والامراء ورجال الاعمال والصحفيين,وقد قرأت عن بعض تفاصيلها من خلال كتاب للصحفي الشهيرالمرحوم انيس منصور,عنوانه(اعجب الرحلات في التاريخ)وكان من المدعوين,حيث ذكر بأن الملاعق والشوكات والسكاكين التي كانت على موائد الطعام الطعام كانت من الذهب الخالص
وقد كلفت تلك الاحتفالات التي تجاوزت المعقول من ناحية البذخ خزينة الدولة حوالي عشرة مليارات من الدولارات,وادى ذلك الى حدوث ازمة اقتصادية خانقة,وعندما حاول الشاه اصلاح الامر,ارتكب اخطاء ادت الى عواقب سيئة,واشتعلت الجماهير الغاضبة,للمطالبة بالاصلاح الاقتصادي
واستمرت الاحتجاجات بشكل شبه يومي,واصبحت المسيرات الجماهيرية تتسع شهرا بعد اخر حتى وصلت الذروة عام 1977ورغم القمع القاسي والوحشي من قبل السافاك,الا ان الانتفاضة لم تفتر ولم تتوقف الاحتجاجات,
وهنا,لابد من التذكير,بأن الذين كانوا يتصدرون التظاهرات الجماهيرية ,ويقودونها في حركات الاحتجاجات
هم,كل من
كريم سنجابي,زعيم الجبهة الوطنية
ومساعداه شابور بختيار ومهدي بازركان,
اضافة الى مسعود رجوي
واخرين,لااتذكرهم اسمائهم حاليا لمرور مدة زمنية طويلة,
لكنهم كانوا ممثلين عن حزب تودة,واحزاب اخرى اقل شعبية
والمهم ان رجال الدين كانوا حتى ذلك التاريخ خارج حركة الاحتجاجات
مااكتبه الان,لم استقيه عن تقارير ,أومصادراخبارية او بحثية,بل اسجل ماشاهدته بام عيني,حيث كنت شخصيا اتابع اخبارالثورة يوما بيوم,لاهتمامي بالامور السياسية
وتعاطفي انذاك مع ثورة الشعب الايراني ضد ديكتاتورية الشاه
المهم انه وحتى عام 1977 لم يكن لرجال الدين اي دور في الاحتجاجات والتظاهرات,

وقد بدأوا بدعم الثورة والثوار بعد ذلك التاريخ,ورغم ان الثوار,ذوي التجه العلماني,واليساريين منهم كانوا قد قدموا عشرات الالاف من الضحايا الذين سقطوا تحت نيران السافاك,الا ان رجال الدين لم يواجهوا بمثل ذلك القمع الوحشي, بسبب ما كان يعانيه الشاه,من خوف وتوجس,وعدم استعداده لاثارة الجمهورالمتدين من سكان الارياف والمناطق غيرالحضرية والذين انظموا الى صفوف المتظاهرين في وقت متأخر,وبعد ان زادت الضغوطات على الشاه,الذي حاول استرضاء رجال الدين بالغاء بعض القوانين ذات الطابع التغريبي,والتي بسببها,سبق وان ثارالخميني على الشاه لاول مرة عام 1963 ونفي على اثرها الى تركيا ثم النجف في العراق.

وقد ظهر اسم الامام الخميني لاول مرة بداية عام 1978,كقائدا للثورة بعد اتفاقه مع الجبهة الوطنية,وبعد ان وقع شخصيا اتفاقا مع زعيم الجبهة الوطنية كريم سنجابي في باريس على اقامة جمهورية اسلامية,لكن ديموقراطية,يكون دور الامام الخميني مشرفا ومرشدا,للنظام الجديد,وقد نشط الاعلام العالمي بتسليط الزوم حول شخصيته وبالغ كثيرا في وصف افكاره وامكانيته وشخصيته الكارزمية,وقد تبين لي ان تلك الحملة كانت مفتعلة ومخطط لها بدقة ولغاية اصبحت واضحة لاحقا

وهكذا اصبح الخميني,هو القائد الاعلى والاوحد للثورة,وعاد الى طهران بعد ان غادرها الشاه
وجرى استقباله من قبل الجماهير الثائرة وقادتها
وتحولت ايران الى جمهورية,وحقق الخميني وعوده بتسليم السلطة الى قادة الثوار,فعين مهدي بازركان رئيسا للوزراء,,وكريم سنجابي وزيرا للخارجية ومن ثم الاستاذ الجامعي الباريسي ابو الحسن بني صدر رئيسا للجمهورية
وفي غمرة فرح واحتفالات الشارع بانتصار الثورة,وبعد ان ارتفع اسم الامام الخميني عاليا كقائد ومرشد للثورة,استغل فرصة تاريخية لتنفيذ مشروع فكرة طالما راودته,وهي تأسيس جمهورية اسلامية تحت نظام ولاية الفقيه والتي تتلخص
في قيام المرشد الديني الاعلى رتبة بقيادة جمهورية اسلامية وبحكم مطلق يعبرعن الارادة الالهية,وكنائب للمهدي المنتظر حتى ظهوره,اي ماسمي بولاية الفقيه,وقد استغل حالة الحماس والنشوة الجماهيرية بعد انتصار الثورة,وطرح هذا المشروع,والذي كان مبهما تماما انذاك,طرحه للتصويت الشعبي,ونال الموافقة,وبالتالي اسقط النظام الجديد في فخ دستوري,واستغل ذلك القانون لفرض حكمه المطلق على الدولة وقام باعفاء المهدي بازركان وتعيين اسلامي متطرف بديلا عنه(محمد علي رجائي),وحاول اعتقال رئيس الجمهورية,والذي كان له الفضل الكبير في استضافته في باريس وتقديمه الى الاعلام,(ابو الحسن بني صدر)والذي استطاع الهروب من طهران وعاد الى باريس,وما كان من سنجابي الا الاستقالة من وزارة الخارجية قبل ان يقال بالقوة,وهكذا احكم الخميني سيطرته المطلقة على ايران

مازن الشيخ

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here