الهولوكوست جريمة العصر

بقلم: المحامي والكاتب السياسي

سركوت كمال علي

جلبت بداية الحرب العالمية الثانية الاضطهاد والترحيل المتسارع ثم القتل الجماعي لليهود في ألمانيا. وعمومًا ، قتل الألمان والمتعاونون معهم ما بين 160،000 و 180،000 يهودي ألماني في الهولوكوست ، بما في ذلك معظم هؤلاء اليهود الذين تم ترحيلهم إلى خارج ألمانيا.

1- مع بداية الحرب العالمية الثانية في سبتمبر من عام 1939 ، انتقل أكثر من نصف اليهود الألمان إلى بلدان أخرى. حوالي 304،000 يهودي ، هاجروا خلال السنوات الست الأولى من الديكتاتورية النازية.

2- بين عامي 1939 و 1941 ، تم حرمان اليهود بشكل منهجي من ممتلكاتهم والعمل. وبحلول أوائل عام 1939 ، كان حوالي 16٪ فقط من اليهود يملكون عملا من أي نوع. أصبحت الحياة في ألمانيا صعبة بشكل متزايد نتيجة للعديد من القوانين المقيدة.

3- في عام 1941 ، أصبحت السياسة النازية المعادية لليهود أكثر راديكالية. تم تمييز اليهود بشارة نجمة داود. وبدأت عمليات الترحيل الأولى لليهود من ألمانيا إلى الغيتو والمعسكرات في الشرق.

الهولوكوست (من اليونانية ὁλόκαυστος holókaustos: حيث hólos تعني “الكل” وkaustós تعني “محروق”)، تعرف أيضاً باسم شواه (عبرية: השואה تلفظ هاشواه وتعني “الكارثة”)، هي إبادة جماعية وقعت خلال الحرب العالمية الثانية قٌتِل فيها ما يقرب من ستة ملايين يهودي أوروبي على يد النظام النازي لأدولف هتلر والمتعاونين معه. يستخدم بعض المؤرخين تعريف الهولوكوست الذي يضم الخمس ملايين إنسان الإضافيين من غير اليهود الذين كانوا أيضاً من ضحايا القتل الجماعي للنظام النازي، ليصبح المجموع الكلي إلى ما يقرب الأحد عشر مليون إنسان. جرت عمليات القتل في جميع أنحاء ألمانيا النازية والمناطق المحتلة من قبل ألمانيا في أوروبا.

استهدف النظام النازي والمتواطئين معه اليهود وجرى قتلهم بطريقة منهجية في خضم الحرب العالمية الثانية خلال الفترة الممتدة من عام 1941 حتى 1945، في إحدى أكبر الإبادات الجماعية في التاريخ البشري، وكان اضطهاد وقتل اليهود جزءاً من مجموعة أوسع نطاقاً لأعمال الاضطهاد والقتل الممنهجة التي نفذها نظام هتلر والمتعاونون معه بحق العديد من المجموعات العرقية والسياسية المختلفة وتحديداً الإبادة الجماعية لشعب الغجر الروم والمعاقين والمعارضين السياسيين وغيرهم الكثير.

في 1933؛ بلغ تعداد اليهود في أوروبا أكثر من تسعة ملايين. وكان يعيش معظم اليهود الأوروبيون في الدول التي كانت الدولة النازية ستحتلها خلال الحرب العالمية الثانية. قبل عام 1945، قتل الألمان والمتعاونون معهم حوالي اثنين من كل ثلاثة يهودي أوروبي كجزء من ‘الحل النهائي’ وهو السياسة النازية لقتل ‘يهود أوروبا’.ورغم أن اليهود كانوا هم المقصودين من العنصرية النازية؛ إلا أن أعداد الضحايا بلغت 200.000 من الغجر. كما قتل 200.000 معاق ذهنيًا أو جسديًا في برنامج “القتل الرحيم”.

بدءا من عام 1933 بدأ النازيون بتشكيل العديد من معسكرات الاعتقال التي كانت تحتوي على عدد كبير من البشر في رقعة صغيرة من الأرض فسمّيت بمعسكرات التركيز أو معسكرات التكثيف معسكر اعتقال، وكانت لغرض سجن المعارضيين السياسيين وغير المرغوب فيهم، وفي نهاية عام 1939 كانت هناك 6 من هذه المعتقلات في ألمانيا، وتم أثناء الحرب العالمية الثانية بناء أعداد أخرى في الدول الأوروبية التي خضعت لسيطرة ألمانيا.

معسكرات التكثيف كانت تضم اليهود والشيوعيين والبولنديين وأسرى الحرب والغجر وشهود يهوه وممن اعتبروا مثليين جنسيا، وكان المعتقلون يقومون بصورة قسرية بإنجاز أعمال موزعة عليهم، وتم كذلك إجراء تجارب علمية وطبية على المعتقلين. بعد بداية الحرب العالمية الثانية وبالتحديد عام 1941 تم إنشاء أنواع أخرى من المعسكرات وسميت بمعسكرات الإبادة أو الموت وكانت متخصصة في القضاء على المعتقلين بواسطة الغاز السام أو القتل الجماعي بوسائل أخرى وحرق الجثث بعد ذلك.

بالإضافة إلى هذه المعتقلات أنشأ النازيون ماسميت بالكيتو وهي منطقة سكنية كبيرة وتم إجبار اليهود على العيش فيها، وكانت مداخل ومخارج المنطقة تحت سيطرة النازيين ومن أشهرها گيتو وارسو الذي كان يقطنها 380000 يهودي، وكانت نسبة الساكنين فيها مقارنة بالغرف في ذلك المنطقة هي غرفة واحدة لتسعة أشخاص، وتوفي الآلاف في هذه المناطق نتيجة المجاعة ومرض التيفوئيد، وفي 19 يوليو 1942 أصدر هينريك هيملر أمرا بنقل اليهود من هذه المناطق إلى معسكرات القتل .

كان السجناء في هذه المعتقلات يرتدون شارة على شكل مثلث مقلوب بالوان مختلفة لتمييزهم من ناحية العرق وسبب اعتقالهم، وكانت الشارات مصنوعة من القماش ومثبتة على ملابس المعتقلين، ومن الأمثلة على هذه الشارات:

الشارة السوداء: للمتشردين ومجاميع ماسمي الکولي الذين يرجع أصولهم إلى الهند وباكستان والغجر، والمعوقين والنساء التي تم اعتقالهن لأسباب أخلاقية أو لأسباب الشذوذ الجنسي.

الشارة الخضراء: للمجرمين.

الشارة الوردية: لمن وصفوا بالمثليين جنسيا من الذكور.

الشارة البنفسجية: لجماعة شهود يهوه.

الشارة الحمراء: للسجناء السياسيين والشيوعيين.

شارتين من اللون الأصفر: لليهود.

شارة من اللون الأصفر على شارة من اللون الأسود: للسجناء من العرق الآري الذين كانت لديهم صفة قرابة الدم مع الأعراق أو الجماعات الغير مرغوبة فيها .

وصل مجموع هذه المعسكرات 47 معسكرا 17 منها في ألمانيا و9 في بولندا و4 في النرويج و2 في كل من هولندا، إستونيا، إيطاليا، فرنسا، 1 في كل من تشيكوسلوفاكيا، لاتفيا، النمسا، بيلاروس، أوكرانيا، لثوانيا، بلجيكا، وجزر الشانيل بين فرنسا والمملكة المتحدة. وأكبر معسكرات التركيز أو معسكرات التكثيف معسكر اعتقال على الإطلاق كان معسكر أوشفيتز في بولندا حيث اعتبر المعسكر خليطا بين معسكرات العمل القسري ومعسكرات التصفية الجسدية، استمر هذا المعسكر من أبريل 1940 إلى يناير 1945 وقدر عدد المعتقلين فيها 400،000، وتم تصفية ما يقارب المليون ونصف من غير المرغوب فيهم .

بدأت فكرة الإبادة الجماعية وأمكانيتها مع إبادة المعوقين في برنامج أكسيون تي 4 حيث أن النازيين بعد أن بدأوا بالأطفال المعوقين والمشوهين قرروا إبادة المعوقين كلهم فبدأوا بالحقن القاتلة والتجويع وتطور الأمر إلي إطلاق النار الجماعي، ثم غرف الغاز للقتل بغاز أول أكسيد الكربون وقد كانت تلك الغرف هي التي أوحت للنازيين بفكرة الإبادة الجماعية لإعداد كبيرة من اليهود فيما بعد.

معسكرات الإبادة أو الموت هي مصطلحات استخدمت لوصف مجموعة خاصة من المعتقلات تختلف عن معسكرات التكثيف أو المعتقلات الجماعية التي تم ذكرها في السابق. المعتقلون في هذا النوع من المعسكرات لم يكن من المتوقع أن يعيشوا لأكثر من 24 ساعة بعد وصولهم المعسكر، ويعتقد أن معظم المساجين في معسكرات التكثيف قد تم نقلهم إلى معسكرات الإبادة بعد عام 1942.

كانت هناك 6 معسكرات من هذا النوع وجميعها في بولندا وهي:

معسكر أوشفيتز II: حيث كانت يختلف عن معسكر أوشوتز I ومعسكر أوشوتز III اللذان كانا معسكرات تكثيف وأعمال شاقة. كان معسكر أوشفيتز II من أكبر معسكرات الإبادة، وكان يقع في منطقة برزيزنكا على بعد 3 كم من مدينة أوشوتز، وتم بناؤه عام 1941 ضمن خطة الحل النهائي، كان طول المعسكر 2.5 كم وعرضه 2 كم. كان في المعسكر 4 محارق وماسمي مستودعات الغاز، وكان كل مستودع يتسع لحوالي 2،500 شخص، كان السجناء يصلون إلى المعسكر عن طريق القطار وكانت هناك سكك حديد مؤدية إلى داخل المعسكر، وبعد وصولهم كانت هناك عملية فرز وغربلة أولية لفصل البعض منهم لغرض إجراء التجارب عليهم من قبل الطبيب النازي جوزف منجيل، كان هناك قسم للنساء في

المعسكر لتقليل مخاوف السجناء، كان النازيون يقولون لهم أنهم ذاهبون إلى الاستحمام، وحسب بعض المصادر التي وكما سنرى لاحقا كانت مثيرة للجدل أن النازيين قد ربطوا أنابيب الاستحمام بمصادر قناني الغاز من نوع زيلكون بي وهي عبارة عن السيانيد المستعمل كمبيد للحشرات والآفات الزراعية، وبعد موت السجناء بهذه الطريقة أو طرق مشابهة كان استعمال الغاز فيه وسيلة رئيسية كانت الجثث تساق إلى المحارق لحرقها في نفس المبنى، وهناك أرقام مثيرة للجدل منها أنه في هذا المعسكر وحده تم إبادة 300000 يهودي من بولندا و69000 يهودي من فرنسا و60000 يهودي من هولندا و55000 يهودي من اليونان و46000 يهودي من مورافيا و25000 يهودي من بلجيكا، ووصل العدد الإجمالي للأشخاص الذين تم إبادتهم في هذا المعسكر إلى مليون ونصف من الضحايا.

معسكر بلزاك: وتم إبادة 434508 يهودي في هذا المعسكر الذي يعتبر أول وأقدم معسكرات الإبادة، وكان يقع على بعد نصف ميل من بلدة بلزاك الواقعة في منطقة لوبلن لوبلين في بولندا .

معسكر جيلمنو: كان على بعد 70 كم من لودز وودج ثاني أكبر مدينة في بولندا، وتم إبادة 152،000 سجين في هذا المعسكر .

معسكر ماجدانيك: وهناك تضارب على العدد الإجمالي للأشخاص الذين تمت إبادتهم حيث قدرت المصادر السوفيتية التي دخلت المعسكر أول مرة أعداد الضحايا بحوالي 400000 ولكن فيما بعد وفي عام 1961 تم تقدير العدد بحوالى 50000، وتشير آخر التقديرات أن الأعداد كانت حوالي 78000 .

معسكر سوبيبور: لقى معظم الغجر حتفهم في هذا المعسكر، وبلغ العدد الإجمالي للضحايا في هذا المعسكر 250000 منهم 150000 يهودي من بولندا و31000 من تشيكوسلوفاكيا .

معسكر تريبلنكا: استمر هذا المعسكر من يوليو 1942 إلى أكتوبر 1943 وتم إبادة 80000 شخص في هذا المعسكر، مما يجعله بالمرتبة الثانية بعد معسكر أوشوتز .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here