عيد العمال العالمي

أبدء الكلام بالتهنئة الخالصة للطبقة العاملة في وطننا الحبيب وفي بلداننا العربية ، وأبلغ التحية لجميع عمال العالم في يومهم الأغر هذا ، ولن أنسى التذكير في هذا اليوم بالتضحيات التي قدمتها الطبقة العاملة ، وهي تخوض صراعاً مشروعاً ومستديماً من أجل نيل الحقوق وإحترام طبيعة العمل وجهد العمال .

وفي المناسبة أيضاً أقف مع الكادحين حيثما كانوا ، وأحيي فيهم روح البطولة و التفاني وحب الحياة والنظر للمستقبل بعين الواثق المطمئن ، وأندد بأقصى العبارات ما تقوم به الرأسمالية وجنودها من إحتكار وهيمنة وتقسيم للناس والعالم إلى طبقات وفئات ومذاهب وأديان ، مما شكل هذا نوعاً من التفرقة والعنصرية التي يتمسك بها أصحاب رؤوس الأموال تحت مسميات شتى .

إن جذوة العيد خف أوآرها نتيجة لهيمنة قوى الرأسمالية وإنزواء قوى الديمقراطية والإشتراكية الحقيقية في العالم ، مما أثر ذلك بشكل واضح على علاقة الجيل الجديد بهذا العيد وبهذا اليوم ، وفي هذا لا يجب أن نلوم الأخرين فيما فعلوا أو قاموا به ، إنما اللوم كل اللوم على العناصر والقوى التقدمية التي أستسلمت للوضع الراهن ، وقدمت مصالحها الآنية على المصلحة العامة ، ومن هنا ننبه إلى خطورة ذلك كي لا يكون ثقافة عامة للمستقبل وللجيل القادم ، إضف إلى هذا تلاشي القوى الثورية الصالحة للعمل في بلداننا العربية والإسلامية ، والتي أُدخل إليها عبر قنوات مشبوهه هذه الموجات الفاسدة من الفتن والحزبية الضيقة ، والعنصرية والفاشية حتى ان الكثير منها أستسلم لقدره ، مدفوعاً بعلامات إستفهام مختلفة ، وتذكرون حقبة النهوض الثوري أيام الخمسينات والستينات وحتى بدايات السبعينات من القرن الماضي ، كان الناس وكانت الطبقة العاملة أكثر حرصاً على صيانة نفسها ومجتمعاتها من هذا الترهل وهذه الوظيفية الزائلة .

نعم إن عصر الأدلجة قد ولى وهذا موافق لطبيعة الأشياء والتوجهات العامة التي نحترمها ، ولكن ليس من اللائق أن تنتهي مع ذلك القوى المحركة للفعل

المجتمعي ،

قد يقول قائل : إن ذلك كله كان متوقفاً على الجهد والعمل والدعاية للمحفل الإشتراكي الدولي .

ونقول : صحيح هذا ولكن لا يجوز دائماً الإتكاء على الغير في صنع الحاضر والمستقبل .

لأن ذلك يجعلنا نقول بعجز مجتمعات العربية والإسلامية في صنع حاضرها ومستقبلها ، لأنها لا تمتلك الرؤية والمنهاج والعمل الصالح ، وهي تميل حيث يميل الأخرين فليس لها طعم ولا لون ، وقد أثبتت تجربة ما يسمى بالربيع العربي ذلك ، فقد إنهارت الدول والحكومات والمجتمعات العربية ، وفقد الشعب فيها توازنه ودوره وتشتت قوآه وتناحر فيما بينه ، باحثاً عن أحقيات دينية ومذهبية وطائفية من التاريخ .

إن التذكير بيوم العمال ليس فقط تذكيرا بالحق العام للعامل ، بل بدور القوى التي تصنع الحياة وتجعل منها أكثر طواعية وقابلية ، والعمال في نظرنا المتواضع هم كل الفئات العاملة وكل المنشغلين بتحقيق الرفاهية والإستقرار والعيش الصحيح للمجتمع ، إن تنمية ذلك وتوزيعه كثقافة عامة لازمه جهد مشترك وعمل من الجميع ، بحيث لا يتسع فيه مكان للتفرقة أو للتخصيص مما يعزز فرص العنصرية ونموها .

إننا في عيد العمال نحيي البطولة والتفاني وروح الإصرار على الخلق والإبداع والإنتاج للصالح العام ، وفيه أيضاً نتذكر المضحين وباذلين العرق والدماء في سبيل هذا الهدف ، نحييهم جميعاً ونعتبر مما قاموا به وفعلوه فهو المثل والقدوة .

إن تاريخ عيد العمال حافل بكل ماهو خير ، وبكل ما يسر وينفع ولهذا نقف معه ونجدد العهد مع كل العمال في بلدنا وفي كل بلدان العالم ، ونقول : – إننا وآياهم متحدون ضد العنصرية والإرهاب والرأسمالية والجشع ، والتفاوت الطبقي والأثني والديني والمذهبي – ، نحن معهم نشد على يد المخلصين منهم لإستكمال المشوار حتى تتحقق الأهداف كاملة غير منقوصة .

دام عيد العمال بفرح وإنتصار ، ودامت رآية العمال خفاقة غير ملوية ،

وللجميع كل عام وأنتم بخير ..

راغب الركابي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here