جزنا من العنب ونريد سلَّتنا

بقلم : عبد الهادي كاظم الحميري

في 8/8/ 1988 توقفت الحرب العراقية الإيرانية وملأت الأفراح قلوب وبيوت وشوارع العراقيين ورأى جميع من نجا من طاحونة الحرب ان فرصتهم في الحياة قد جاءت وأنه ليس من المعقول أن يعود عاقل أو ينصح عاقل بالعودة الى مآسي الحرب مرة ثانية مهما كانت المبررات. ولكن وا أسفاه فقد دخل صدام الكويت في 2/ 8 /1990 أي بعد أقل من سنتين بستة أيام .

في 17 /12 /2017 أعلن العراق النصر على داعش ومرة أخرى داعبت أفكار الناجين من الطاحونة الدموية فكرة أن فرصتهم في الحياة قد جاءت وانه ليس من المعقول أن يعمل عاقل أو ينصح عاقل بالعودة الى الحرب مرة ثانية لسبب أقل مما فعلته داعش . ومرة أخرى وبعد أقل من سنتين بستة أشهر تدفع بنا أطرافاً خارجية وأخرى داخلية الى أتون حرب مدمرة أخرى.

في الحرب العراقية – الإيرانية لم تتوفر لدى القادة العسكريين والمدينين المحيطين برأس النظام في كلا البلدين الشجاعة لعذله عن التصعيد في الكلام والممارسات قبيل الحرب أو ثنيه عن البدا بالحرب في الجانب العراقي أو حمله على قبول وقف إطلاق النار بعد سنتين خصوصاً وأنه قد استعاد كامل أراضيه في الجانب الإيراني والسبب واضح بالنسبة لتصرف الخط الأول من القادة في البلدين آنذاك حيث أن الروح عزيزة كما يقول المثل العراقي وقد تتجاوز العقوبة روح الناصح والعاذل الى أخذ أرواح أحبته من العائلة والعشير.

لقد تغير العالم اليوم بقدر لا يصدق في أسباب العلوم والتكنولوجيا ولكنه وللأسف لازال حبيس أحلام و عُقد واهواء المتسلطين والأبوبريصات النافخين في النار.

إن مصلحة الشعب الإيراني يجب أن تكون فوق كل اعتبار بالنسبة لدولة إيران وأهمها أن تكون تلك المصلحة فوق طموحات وأحلام تصدير الثورة و مقارعة الشيطان الأكبر ، وكذا الأمر ، إن مصلحة الشعب الأمريكي يجب أن تكون فوق أية مكاسب انتخابية أو حب ظهور أو حب نتانياهو أو مجاراة لليمين المتطرف .

وأما مصلحة الشعب العراقي المثخن في الجراح في هذه المعمعة فأقل ما تكون “جزنا من العنب ونريد سلَّتنا ” وبعبارة أخرى نريد أن نسلم على أبنائنا ووحدة بلدنا وقادتنا أمامهم إعمار ما دمره داعش وعودة باقي النازحين وتخليص الشباب من ذل البطالة وتقديم الخدمات لمدن الجنوب والوسط المحرومة وليعلموا أن خلفهم شعب “روحه طالعة” سيطيح بهم إن دقَّت طبول الحرب مرة أخرى في ربوع أرض الرافدين وليس أمامهم إلا أن يُبَصّروا الطرفين ويَصدقونَهم القول ببطلان دوافعهم ويبرهنون لشعبنا شجاعتهم وأصالتهم .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here