عاصفة الربيع العربية قد تعبر الحدود

حين اطاحت تلك ( الزوبعة ) بالعديد من الأنظمة العربية و اختلفت حدتها من بلد عربي الى آخر وفق نمط الحكم المتسلط في ذلك البلد فكانت على شكل مظاهرات واعتصامات و الى حد ما سلمية لم تكلف الكثير من الضحايا و كانت تلك في الدول ذات الأنظمة المنفتحة الى حد ما و ان لم تكن ديمقراطية و لكن لم تكن بذلك القمع و الأستبداد و العنف ( تونس و مصر ) الذي كانت عليه دول و انظمة عربية عسكرية ذات نهج قمعي مستبد لم يكن للرأي المخالف أي فسحة للتعبير او الأنتقاد و لم يكن المجال مفتوحآ امام حرية الصحافة و ابداء الأراء ناهيك عن تشكيل الأحزاب المناهضة او المعارضة للسلطة الحاكمة ( العراق و ليبيا ) و غيرهما من الدول العربية ذات الأنظمة الدكتاتورية .

في الحالتين التونسية و المصرية لم تكن الأوضاع تتحمل اكثر من تظاهرات و احتجاجات في الشوارع و الساحات العامة و لم تأخذ تلك المظاهر الأحتجاجية الكثير من الوقت او حتى الكثير من الضحايا لينسحب الحاكم ( المستبد ) و يقدم استقالته و يذهب الى المنفى حفاضآ على ارواح و ممتلكات الناس كما فعل الرئيس التونسي ( زين العابدين بن علي ) اما الحاكم ( المستبد ) الآخر هو ايضآ آثر ترك الحكم و تقديم الأستقالة بعد ان نزل الناس الى الشوارع يطالبونه بالتنحي عن الحكم وترك المنصب الرئاسي حينها قدم الرئيس المصري ( حسني مبارك ) استقالته لكنه فضل البقاء في وطنه و تقديم نفسه للمحاكمة و هكذا سارت الأمور .

لم يكن النظام العراقي السابق ( صدام حسين ) ان يقبل اقل صوت معارض او مخالف في ابسط الأمور تلك التي لا تدخل اطلاقآ في المنافسة على المناصب الحكومية و كان شديد القمع و القسوة المفرطة تجاه المعارضين حتى اصبحت السجون و المعتقلات تعج و تزدحم بالمعارضين او حتى المشتبه بمعارضتهم و كانت الأحكام التعسفية القاسية تنفذ و بشكل واسع و من دون محاكمات عادلة و في الكثير من الأحيان كانت تلك العقوبات تصدر و تنفذ خارج قاعات المحاكم و هيئات القضاة و كان هذا النوع من الأنظمة القمعية على استعداد في أبادة و قتل المئات او حتى الالاف ان هم فكروا في الخروج في مظاهرات منددة بممارسات النظام القمعية و المطالبة بأسقاطه و لم يكن هناك من قوة بأستطاعتها الأطاحة به سوى القوة العسكرية الخارجية و هكذا كان عندما احتلت القوات الأمريكية العراق و اسقطت النظام .

هكذا كان النظام الليبي السابق ( معمر القذافي ) النسخة الليبية لتلك العراقية في تأليه الحاكم و الزج بالمعارضين و المنتقدين في السجون و المعتقلات و سوق ( الخطرين ) منهم الى ساحات الأعدام و التصفية الجسدية العلنية و لم يكن هناك أي امكانية في الأطاحة بهذا النظام من خلال المظاهرات و الأعتصامات و التي سوف تقابل و بكل تأكيد بالقوة المفرطة و سوف تقمع بكل قسوة و حينها لم تجد قوات ( حلف الناتو ) بدآ من التدخل العسكري المباشرحينها قامت الطائرات الفرنسية بقصف الموكب الرئاسي و قتل ( العقيد القذافي ) و انتهى حكمه و طويت صفحته .

ليس بعيدآ عن هذين النمطين من الأنظمة الدكتاتورية هو النظام الأستبدادي الديني الأيراني و الذي لا يقل وحشية و عنفآ عن تلك الحكومات ان لم يكن قد تفوق عليها من منطلق النظرية الدينية الفاشية و التي تحتكر الحقيقة و حدها و تدعي امتلاكها الحق المطلق و المخول من ( الأله ) الذي لايمكن ان يخطئ او يسهو و عدا ذلك فالجميع المعارض او المناهض هو على خطأ و في ظلال مبين لمخالفته او معارضته تفسير النص الديني الذي تؤمن به المؤسسة الدينية الحاكمة في ايران و من السهولة و اليسر في اصدار احكام الموت بحق اولئك المخالفين الذين خرجوا على النصوص الألهية المقدسة و عندما اعتبرت المؤسسة الدينية الأيرانية الحاكمة نفسها ظل الله على الأرض و الحاكم بأسمه و بقوانينه فأن أي خروج او احتجاج على تلك المؤسسة انما هو خروج على ألأمر الألهي و انتقاد للقوانين الربانية ما يستدعي انزال اقسى العقوبات و اشدها باولئلك المارقين .

امام هذا النمط من النظام الديني القمعي لم يكن امام الشعب الأيراني الذي عانى الويلات و النكبات من سياسات النظام الأيراني و مؤسساته الدينية ان يتمنى يوم الخلاص و الفكاك من براثن هذا النظام و دوائر أمنه و لكن ليس عن طريق الحرب و الأحتلال الأجنبي و لهم في تجربة العراق و ليبيا المثل القاسي عندما ترك هذان البلدان يتخبطان في فوضى عارمة و حرب اهلية ضروس لا يمكن لأي عاقل ان يقبل ان تؤول مصير بلاده الى ما شابه ذلك اما و ان الكرة الآن في ملعب النظام الديني الأيراني الذي كان السبب في جلب القوات الأجنبية من خلال سياساته العدوانية و تدخلاته الفظة في شؤون دول المنطقة و التصرف و كأن ( ايران ) دولة عظمى و هي ليست كذلك ما جعل المنطقة بأسرها في حالة من عدم الأستقرار و الأمان و منذ قيام نظام الجمهورية الأسلامية في ايران و هاقد عرضت مصير الشعب الأيراني و شعوب المنطقة الى الخطر و شبح الحرب الذي عانت منه شعوب هذه المنطقة كثيرآ و مريرآ و الحكيم من تجارب الآخرين و حروبهم يتعلم و يتعظ و لا يكرر الأخطاء و الأخطار .

حيدر الصراف

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here