مكافحة الفساد على الطريقة البيروية

الفساد في العراق واضح ومكشوف، ورؤوسه واركانه معروفه واصحاب مناصب وحمايات وبعضهم قادة ورموز في احزابهم وطوائفهم، وبعملية حسابية بسيطة لاملاكهم بين اليوم الاول الذي جائوا فيه للعراق اوتم تعيينهم ،وحالهم اليوم يبين فسادهم حجم الاموال التي يحتاجون الى عمر سيدنا نوح عليه السلام وشغل ليل ونهار للحصول على جزء او قليل منها لو بالحلال.

ومع كل ما ينشر في وسائل الاعلام والفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي التي توثق بعضها بالصوت والصورة مشاهد وقضايا الفساد لهم ولابنائهم ونسبائهم وعوائلهم ومن ينتسب اليه ولو من سابع ظهر، الا ان واقع المحاسبة والعقاب مازال في اطار الاقوال والمطالبات وتشكيل المجالس والهيئات والتي كلما كثرت اعدادها ومسمياتها كلما توفر المجال والطريق للتملص من احكام القانون.

الطريقة العراقية في مكافحة الفساد طريقة لا يوجد مثلها في العالم، لان الكل يتحدث عن الفساد والفاسدين ويقدم الادلة والبراهين بل ويصل ببعضهم (عضو مجلس نواب سابق) يقول بالصوت والصورة انه استلم ميلون دولار رشوة للتستر على ملف فساد، وغيره الكثير الكثيرلكن في العراق فقط لا جريمة ولا عقوبة على الفساد لانه لم نجد مسؤلا او وزيرا او وكيل وزارة او مدير عام تتم معاقبته، وحتى اذا ما تمت معاقبته فالعفو العام او الخاص او جنسيته الاجنبية الثانية حصانة الى جانب الحصانة البرلمانية والحزبية والعائلية و .وغيرها من موانع العقاب..

بيرو..بلد فقير من دول امريكاالجنوبية عدد سكانها حوالي 32 مليون نسمة وهم من عدّة مجموعات عرقيّة كالصينيين واليابانيين والهنود الأمريكيين والمستيزو والأوروبيين والأفارقة، ويتحدثون اللغة الإسبانيّة التي تعتبر اللغة الرسميّة في البلاد، ويدين غالبيّتهم بالدين المسيحيّ من طائفة الكاثوليك، بالإضافة إلى أقليات طائفة الكاثوليكيّة الرومانيّة، والدين الإسلامي، ونظام الحكم فيها جمهوري وعاصمته ليما، لهم طريقة في مكافحة الفساد تستحق تسجيلها وتقديمها، وهي باختصار بدون مجلس اعلى لمكافحة الفساد وليس لديهم مفتشين عامين ولا ديوان رقابة مالية ولا لجان نزاهة برلمانية ولاهيئة مستقلة للنزاهة وغيرها من المؤسسات والاجهزة الموجودة عندنا، ومع ذلك استطاعوا وعبر القضاء العادي اي المحاكم الموجودة في بلدهم محاصرة الفساد ومعاقبة المفسدين حيث اصدر القضاء امراً باعتقال الرئيس السابق (بيدرو بابلو كوشينسكي) لمدة ثلاث سنوات ووضعه رهن الإقامة الجبرية، حتى يتم إعداد اتهامات بالفساد ضده بسبب ما تردد عن تقاضيه رشى من شركة «أودبريشت» البرازيلية للإنشاءات، وبموجب القانون في بيرو( يمكن حبس المشتبه بارتكابهم جرائم الفساد فترة تصل إلى ثلاث سنوات قبل محاكمتهم إذا أثبت الادعاء أن من المرجح إدانتهم، وأنهم قد يحاولون الهرب أو عرقلة سير التحقيقات إذا لم يتم اعتقالهم)، وان هذا الأمر صدر بحبس الرئيس السابق ثلاث سنوات انتظاراً للمحاكمة، وان مكتب المدعي العام، صرح إنه جرى تخفيف الحكم بسبب مشكلات صحية يعاني منها الرئيس السابق البالغ من العمر 80 عاماً الذي سيبقى رهن الاعتقال المنزلي.

كما شهدت بيروانتحار الرئيس الاسبق (آلان غارسيا) لتجنب اعتقاله بقضية فساد، كما أمر القضاء ايضا بحبس آخر أربعة رؤساء لبيرو وزعيم المعارضة انتظاراً للمحاكمة فيما يتعلق بهذه القضية التي عرفت بقضية (شركة «أودبريشت البرازيلية للإنشاءات) والتي اعترفت الشركة في أواخر عام 2016 بأنها دفعت نحو 30 مليون جنيه رشى لسياسيين في بيرو مقابل عقود للأشغال العامة.

الطريقة البيروية في مكافحة الفساد هي ضرب الرئيس او المسؤول الاكبر والاعلى وحبسه وتجريده من كل صلاحياته وقوته ونفوذه وتأثيره حتى لا يتم التأثير والتلاعب بالادلة، وبعدها يسقط و يتقدم الاقل منه والاصغر بتقديم المعلومات والادلة، وهي طريقة ناجحة استطاعت تقديم اربعة رؤساء وعشرات الوزراء ومئات المسؤولين الذين اعادوا الاموال المسروقة حتى قبل ان يتم محاكمتهم.

القاضي نائب المدعي العام

عبدالستار رمضان

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here