نجم الدين كريم ليس القطان ولا السوداني

بقلم نعمت الشريف

من البديهي في العلوم الاجتماعية ان الاغلبية تخلق الاقلية، وليس من السهل ان يشعر افراد من الاغليبة بما يشعر به ابناء الاقلية من ضيم والاهمال، انه شعور لا يتكرر الا بمعاناة الحالة، ولهذا لايمكن خلق الحالة اي قلب الاغلبية الى اقلية كيف يشعر افرادها بما يعانيه ابناء الاقليات. قلة نادرة من الاغلبية يمكنهم معايشة الاقلية ظروفهم لعلما يشعرون بشئ من معاناتهم. ولا يختلف العرب في هذا الشعور تجاه الاقليات، ومنهم الكاتب مهدي قاسم وغيره من الكتاب العرب الذين يتناولون في كتاباتهم ما يمس الكرد والاقليات الاخرى. مع كل الاحترام لهذا الكاتب الذي اعجبني الكثير من مقالاته السابقة، ولكنه اخطأ هذه المرة في انه خلط الاخضر واليابس كما يقال ليكون وقودا لقلمه. نتوقع من اخواننا المثقفين العرب ان يكونوا اكثر واقعية في نظرتهم للكرد. ان الايمان بحقوق الشعوب، ومنها الشعب الكردي ليس كما تفضل به هذا الكاتب الكريم، الاقليم والعراق بعضهم عبئ على بعض، اي انه كان يدعم استقلال كردستان “كفاية شر” كما يقال.

في مطلع مقالته يحاول الكاتب ان يبرر موقفه وكأنه على حياد دون ان يفكر في شعوره تجاه الكرد وما يعانونه من مظالم الى يومنا هذا. من دون اي تبرير لموقفي كما فعل الاستاذ مهدي قاسم، اود ان اقدم تعريفا في سطرين للدكتور نجم الدين كريم. انه اخصائي في جراحة الجملة العصبية في الولايات المتحدة، وما كانت تدر عليه مهنته يغنيه عن التفكير في سرقة قوت الشعب كما يفعل الاوباش الفاسدون. هذا ليس دفاعا ولكنه واقع حال. كان بامكانه ان يعيش هادئا هنيئا يمارس الطب في امن وامان وبعيدا عن السياسة ومهاتراتها او ان يكون موضوعا سهلا لاقلام غير منصفة. ولكنه اختار ان يعيش ما يعانيه ابناء جلدته الكرد عندما كان في المهجر وبعد ان عاد الى مسقط رأسه ليكون على رأس ادارتها لسنوات، ولدى مكونات كركوك وما قدمه لهم غني عن التعريف. ان الخط القومي الذي انتهجه لنفسه واضح وممارساته السياسية كمحافظ لكركوك، بالاضافة الى ادارته الناجحة، جلب له الكثير من النقد، ولكنه لم يبال فاستمر في دعمه لتوطيد الحقوق المشروعة للكرد في كركوك جنبا الى جنب حقوق المكونات الاخرى. لم يرتكب جريمة عندما اضاف كركوك الى محافظات الاستفتاء في 2017، ولم لا؟ الاستفتاء (راي الشعب) هو اللبنة الاولى في العملية الديموقراطية، وخاصة عندما يكون في الامر ضبابية، ياتي الاستفتاء لتوضيح الرؤية والسير على ضوء ساطع هو راي الشعب. ولماذا لا يجرى الاستفتاء في مناطق اخرى من العراق ليقرر ابناء المكونات والمحافظات مستقبلهم بنفسهم! يبقى استعمال القوة في العراق العقبة الكأداء امام العملية الديموقراطية الحقة.

لنكن واضحا، وبما ان الفاسدون في العراق كثر، فان اهم واسهل وسيلة للتسقيط السياسي والتجريم هو اتهام الاخر بالفساد. اليس هذا التسقيط، اخي الكريم، عذرا اقبح من الفعل نفسه، والفتنه اشد من القتل. نعتقد وبما لا يقبل الشك، ان موقف حكومة اقليم كردستان للدفاع عن نجم الدين كريم، موقف صائب وحق، لما يتضمن ذالك من شعور قومي، وواجب وطني، ووفاء للذين يخدمون وطنهم بجد واخلاص.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here