مرتكزات الصراع في الشرق

..بقلم: وهاب رزاق الهنداوي وطارق الكناني

لابد لنا في البداية ان نحدد حقيقة الصراع في منطقة الشرق هل مازالت الطاقة هي اهم مرتكزاتها ام ان مستجدات حدثت جعلت الدول العظمى تغير استراتيجيتها ….ففي بداية الصراع وخصوصا بعد اكتشاف النفط في المنطقة كان نوع الصراع محدد وهو عملية الاستحواذ على ما يمتلكه الشرق الاوسط من ثروات هائلة من الطاقة والتي استخدمتها الدول العربية كسلاح في الصراع العربي الاسرائيلي عندما رفع شعار (النفط سلاح في المعركة ) في مطلع سبعينيات القرن الماضي مما اوقف عجلة الاقتصاد الاوروبي والعالمي وهذا الأمر اثار انتباه كافة الدوائر المعنية بشؤون الاقتصاد والسياسة الامريكية والاوروبية ،حيث اعادت النظر في سياستها بالشرق الاوسط بشكل كامل وجعلت هدفها الرئيسي السيطرة المطلقة على منابع النفط بالمنطقة ،وهذا ما حدث فعلا ،حيث اصبحت لها السيطرة التامة على تلك المنابع وطرق التصدير .فأمريكا اليوم تفرض هيمنتها الكاملة في الشرق الأوسط ،ولم يعد هناك ما يهدد امنها وعجلة اقتصادها في هذه المنطقة وان ما نراه اليوم من تهديدات تطال ايران وتفرض عليها حصارا قويا وتحاول اخضاعها بحجة امتلاكها اسلحة نووية فهي حجة باتت واضحة فكما تم احتلال العراق بحجة امتلاكه اسلحة دمار شامل من قبلها .

المتتبع لحركة التحالفات العالمية يعرف جيدا ان الاتحاد الأوربي بات عاجزا على ان يقف بالند امام القوة الامريكية وما مطالبة ترامب اياهم بدفع مستحقات الدفاع عنهم الا مسألة اراد من خلالها التوضيح لهم بأن دورهم بالسياسة العالمية بدأ بالانحسار وان محاولة الرئيس ماكرون تأسيس حلف عسكري مستقل تكون مهمته الدفاع عن اوروبا سُحقت خلال اسبوع من تصريحه وبدأت خلالها تظاهرات (الستر الصفراء) التي كادت ان تطيح به الامر الذي جعله ان يتهم امريكا وهو مدرك تماما انها وراء ذلك ،فأعاد النظر في تصريحاته ، فالاتحاد الاوروبي لم يعد يحظى بالاحترام الامريكي ،وكذلك روسيا وحدها لم تعد قادرة على مواجهة امريكا فهي لم تستطع مجاراتها لوحدها ،فهي تخطط لجمع كل القوى الناهضة والتي تمثل ثقلا اقتصاديا كبيرا في حلف يمكنها من خلاله مواجهة امريكا فالصين قوة اقتصادية كبرى ،فهي تجتاح امريكا بصناعاتها وقدراتها ومواردها البشرية، وايران اثبتت انها قوة لا يستهان بها من خلال الصراع الامريكي الروسي في سوريا ،فهنا ارادت امريكا من خلال فرض حصار على ايران ان تضرب عصفورين بحجر واحد، اولا: هو تحييد ايران واخراجها من الصراع الروسي الامريكي وقطع الطريق امامها للانضواء بالحلف المزمع عقده بين الصين وروسيا وايران والثاني ان تكون ايران وباكستان وتركيا مرتكزا قويا لحصار المارد الصيني ،وايقاف عجلة اجتياحه الاقتصادي للعالم .

ان الاقتصاد الصيني المتنامي اصبح الشغل الشاغل لدوائر القرار ومعاهد رسم الاستراتيجيات الامريكي فهو ينمو بشكل مضطرد ويهدد الاقتصاد الامريكي بشكل حقيقي ،فلم تعد الطاقة وحدها من يشغل بال صانع القرار الامريكي بل برزت هناك مرتكزات جديدة في الصراع وهو الاقتصاد الذي باتت مفاتحه بيد الصين .

ان ايران بإمكانها الان انهاء حالة الحصار من خلال التفاوض مع امريكا اذا قبلت لعب دور الحليف القوي لأمريكا في المنطقة فتصريح ترامب قبل يومين ان ايران تمتلك مقومات النهوض الصناعي وانه يمكن مساعدتها على ذلك بقيادتها الحالية ،ماهي الا رسالة واضحة بأنهم ليسوا المعنيون بهذه العملية ويمكن ان تكون ايران جزء من الحل بدلا ان تكون جزء من المشكلة .

السؤال الذي يطرح الآن هل ستوافق ايران بنظامها الحالي على لعب هذا الدور والانضواء تحت الراية الامريكية ام لا ….واذا فعلت فماذا ستفعل بشعاراتها التي سوقتها و عاشت منذ العام 1979 تتبجح بها اما شعبها وشعوب المنطقة واصفة امريكا بالشيطان الأكبر ….سؤال سيجيب عليه المفاوض الايراني …

وهاب رزاق الهنداوي
رئيس تحرير
صحيفه الحقيقه في العراق

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here