لماذا ترفض إيران التفاوض مع أمريكا ؟

دعوة الواليات المتحدة على لسان وزير خارجيتها إجراء تفاوض مع
إيران بدون شروط مسبقة عدها البعض خطوة في االتجاه الصحيح
الحتواء األزمة القائمةبين الجانبين .
من الضامن أو الكفيل ؟
يتبادر إلى ذهن القارئ الكريم في بداية األمر مفهوم أومصطلح الكفيل أو
الضامن للشخص الذي يرغب بالحصول على قرض محتاج إلى كافل
ليحصل عليها ، وفي حالة عدم حصوله يصعب القرض على صاحب
الحاجة ، وهي صورة تشبه لحد كبير أسباب رفض إيران التفاوض مع
أمريكا .
لماذا ترفض إيران التفاوض مع أمريكا ؟
أسباب الرفض اإليراني إلجراء حوار وتفاوض مع أمريكا أسباب جوهرية
ومنطقية جدا ، والمشكلة الحقيقية في الطرف األمريكي،وليس في الطرف
األولى ، بسبب منذ تولي السيد ترامب وليومنا هذا ، وأمريكا انسحبت من
عدة اتفاقيات دولية مهم جدا منها ) اتفاقية باريس للمناخ، اليونسكو ،وكالة
االونروا ، مجلس حقوق اإلنسان ، ولعل في مقدمتها وأخطرها على السلم
الدولي ، اتفاقية عدم انتشار األسلحة النووية مع روسيا ، واالتفاق النووي
مع إيران بعد مفاوضات طويلة وعسير وقع االتفاق في زمن اإلدارة
األمريكي السابقة ،والكل يشهد على التزام إيران الكامل ببنوده ، لهذا
ترفض إيران التفاوض مع أمريكا ، ألنها بصريح العبارة امريكا ناكثة
لعهودها واتفاقياتها ، وفي حالة تم الجلوس على طاولة واحدة لبدء مرحلة
التفاوض ،من يضمن عدم انسحابها مجددا ؟ و من يضمن التزام أمريكا
ببنود االتفاق الجديد لو تم بين الطرفين ؟ ، ومن الكفيل أو الضامن لها ؟
وإذا فرضنا كانوا األوربيين كفالء لهاهم أنفسهم لم يلتزموا بتنفيذ ببنود
االتفاق النووي لحد اليوم هذا جانب .
جانب أخر كل الدالئل والحقائق تؤكد أمر غاية في األهمية إننا اليوم نعيش
في عالم متعدد األقطاب وليس عالم القطب الواحد الذي يفرض على
اآلخرين سياسته ومخططاتها من باب أنها القوة العظمى التي ال تقهر،
ومن باب الهيمنة والطغيان ، وهذا األمر أصبح من الماضي ، واليوم
نعيش عالم متعدد القوى واألقطاب ، ومتوازن نوع ما في القوة والنفوذ ،
الن لكل طرف أصبح أسلحة وأدوات تدمر األخر، وفرض الرغبات أو
المالءات التوسعية على الطرف الثاني ) إيران( ، وتوسيع دائرة العقوبات
االقتصادية، وتحشيدها لقواتها أمر ال يهم إيران مطلقا ، الن الذي تريده
إيران بالدرجة األولى إن تجلس أمريكا كدول عظمى إمام دول عظمى
أخر على طاولة كطرف راغب في التفاوض والحوار ،وتكون هناك بوادر
حسن نية ، واحترام متبادل ، وليس من باب الضغط والتهديد أو ألهداف
خبيثة .
إيران نجحت لحد أالن في مواجهة التهديد األمريكية بكل قوة وحكمة ،
والطرف األخر يبحث عن القشة التي تخرجه من األزمة بأقل الخسائر ،
ويحفظ لها ماء الوجه األسود دائما .
ماهر ضياء محيي الدين

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here