نهاية رمضان و .. الصوت الرباني المجسَّم ! : قصة قصيرة

بقلم مهدي قاسم

لا يدري هل كان يقظا أم غافيا ؟ ، وهو مستلقي فرحا ،
مبتهجا براحة و رضا و علائم حبور ترتسم واسعة على ملامحه الجذلة ، حين انتهى اليوم الأخير من شهر رمضان ، أو على الأقل هكذا أعلنوا له ، حيث كان ” هو ” صائما طيلة أيام الشهر الطويلة و المضنية جوعا و ظمئا شديدين ، مع إنهاك جسدي دائم و مزاج معترك ومتوتر على طول
الخط ، رافضا ارتشاف حتى قطرة ماء واحدة ! ، عندما فاجأه صوت غامض و مجهول ، صوت بدا أنه يأتي من مكان ما مجسما وعميقا ، من مكان خفي ، ولكنه قريب جدا ، كأنما من وراء ظله الممتد خلفه متراميا كسلا ..

فسأله الصوت الغامض و المجهول بنبرة واضحة و آمرة :ــ

ــ وها قد انتهى اليوم الأخير من شهر رمضان فهل سقيتَ
ظامئا ؟

أربكه السؤال المباغت فرد بنبرة متلعثمة وحائرة :

ــ لا !..

ــ طيب ! …فهل أطعمتَ جائعا ؟

ــ لا ..

ــ حسنا فهل ساعدتَ ضعيفا ؟

ــ لا

ــ هل أسعفتَ مريضا لا حول له ولا قوة ؟

ــ لا

ــ هل أفرحتَ يتيما وحيدا ومحروما لا أهل له ولا أقرباء؟

ــ لا

ــ هل أويتَ مشردا منبوذا و منهكا ؟

ــ ولكن …ــ أراد أن يضيف أن بيته صغير ليفعل ذلك ــ

فجاء الصوت في هذه المارة بنبرة صارمة وقارعة

ــ لا أريدا ولكن … أنما أجب بنعم أو لا !

ــ إذن فهل أويت مشردا ؟

ــ لا

ــ هل كسبتَ رضا والديك

ــ لا

هل عبرتَ عن شكرك لزوجتك لرعايتها لك و لأطفالك ليلا و
نهارا طيلة شهر رمضان

ــ لا

ـــ جوابك كله كان لا لا لا .. فلماذا صمتَ إذن
؟

ــ ولكني طبقت كل الشروط و الفروض و الواجبات بهذا الخصوص
والتزمتُ بها صوما وصلاة وعبادة ،

ــ هذا لا يكفي ! ..فأنت من خلال صومك لم تلتزم إلا بالشكليات
ربما بدافع غش و مكر لتضمن مكانك في الجنة ، أجل حاولتَ أن تمكر ، ولكن فاتك أن تعلم أن الله أمكر الماكرين و علام النوايا و القلوب !..

عندما أخذ يصحو ليصبح بكامل وعيه كانت أصداء الصوت المجسم
تبتعد متلاشية في رجع بعيد ، فتتم مع نفسه بنفس الرضى و الحبور قائلا :

ــ الحمد لله أنه كان مجرد حلم عابر ليس إلا ..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here