مهزلة إلقاء القبض على الفاسدين في الخارج !! ..

بقلم مهدي قاسم

في غضون  الأسبوعين الماضيين قامت الشرطة الدولية ــ إنتربول ــ  بعملية القبض على اثنين من ساسة متهمين بشبهات الفساد وهما محافظ كركوك السابق كريم نجم الدين في بيروت ، و محافظ بغداد نعيم عبعوب عند حدود اللبنانية ــ السورية ولكن سرعان ما جرى الإفراج عنهما بعد تدخلات سياسية مباشرة ( وقيل حكومية أيضا )  بدلا من الإصرار على تسيلمهما للسلطات العراقية ، في أخطر سابقة للتشجيع على مظاهر الفساد والمضي فيها قدما لعدم وجود حساب أو عقاب ، بل حتى الاستخفاف بجهود الشرطة الدولية التي تريد التعاون مع السلطات العراقية لمحاسبة المسؤولين والساسة العراقيين المتهمين بالفساد وسرقة المال العام !! ..

أجل إنها  في هذه المرة مرحلة  عادل عبد المهدي الميمون و المزدهر العظيم    !! : عصر يسر دون عسر للفاسدين ، و فرصة إفلاتهم من قبضة العدالة ..

فالرجل متسامح و كريم جدا جدا  !!..

نقصد مع الطغمة السياسة الفاسدة  و المخرَِّبة للعراق ومتفهم لوضعهم ، و لمَِ لا ؟ ، وهو الذي ذاق معهم حلاوة السلطة وعسل الامتيازات فضلا عن  اللعب بالمال العام ــ شاطي باطي ـ و حسب كيف ومزاج ، فلماذ لا تستمر مظاهر الفساد في العراق على قدم و ساق ؟ ، طالما أن الأمر ينتهي  دوما بهذه الصورة الهزيلة من المهزلة: إما إصدار عفو عام عن الفاسدين المدانين أو الملاحقين أو ترتيب فصل سخيف من مسرحية إلقاء قبض عليهم ومن ثم تركهم يذهبوا إلى أينما شاءوا و أرادوا ..

بينما نحن ما كنا راضين عن حيدر العبادي لتهاونه ــ هو الآخر ــ  لعدم جديته المطلقة والحاسمة في مكافحة الفساد  بشكل شامل ، ولكنه ـــ على الأقل ــ كان محتفظا بالشكليات ففي عهده جرت عملية جلب كل من المدانين عبد الفلاح السوداني و زياد القطان و أودعهما زنازين  الحبس رغما على كل تدخلات وضغوط سياسية من قبل أحزاب فاسدة ..

و ضمن هذا السياق يذكر و يعد  عادل عبد المهدي في إحدى مقابلاته الصحفية  قائمة طويلة وعريضة من مظاهر الفساد في كل دائرة و مؤسسة من دوائر الدولة ، ولكن بأسلوب و نبرة و تفاصيل طويلة ومعقدة تدعوا إلى اليأس من مكافحة مظاهر الفساد بسبب سعة انتشارها  و تشابكها المتداخل و المعقد و كأني به يقول :

ــ مستحيل القضاء على فساد واسع ومستشري كهذا ومثلما موجود في العراق ..

و لهذا كتبنا مقالة  ــ كرد ــ بعنوان ” عملية تطبيع الفساد في العراق ــ نُشرت مؤخرا في صوت العراق ” من قبل الطغمة السياسية الفاسدة التي تريد أن تقنع الشارع العراقي باستحالة القضاء على الفساد في العراق ، وهذا صحيح بشكل من الأشكال،  و ذلك و بكل بساطة : لكون النظام السياسي الحالي في العراق ذاته قائم على الفساد أصلا كنظام طائفي و توافقي محاصصتي ، أي أن النظام السياسي القائم في العراق هو مصدر الفساد و ليس بالعكس ، و بالتالي فأن القضاء على الفساد يتطلب إزالة أساس هذا الفساد المتجسد بطبيعة النظام السياسي القائم في العراق ..

صورة عن عبعوب ” المقدس ”  الذي يقبله مهدي المهندس ” المقدس على  جبينه ” الرباني ” إعجابا و تبريكا !! ..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here