حرب أشباح أم حرب أصلاء؟

ساهر عريبي
[email protected]

بعد أن انتهت حرب الوكلاء في العديد من ساحات الصراع في المنطقة, توقع البعض ان تبدأ حرب الأصلاء كما عبّر عن ذلك أمين عام حزب الله اللبناني السيد حسن نصر الله. ويقصد بالوكلاء هم حلفاء ايران مقابل حلفاء السعودية الذين خاضوا حربا شرسة في كل من العراق وسوريا ولبنان , إنتهت لصالح طهران وعلى حساب الرياض التي تسعى جاهدة ودون طائل الى تحقيق نصر واحد في أحد ساحات الصراع وهي اليمن لكنها تبدو أعجز من أن تستطيع تحقيق ذلك.

وبعد سلسلة الهزائم التي عزّزت من نفوذ ايران في المنطقة وعلى حساب السعودية وحليفتها امريكا, سرت توقعات بان المنطقة مقبلة على حرب مباشرة بين أمريكا وإيران. وقد تصاعدت حظوظ هذه التوقعات منذ أن اتخذت الإدارة الأمريكية سلسلة من الإجراءات التصعيدية ضد ايران, أعطت إنطباعا بان حرب مباشرة على وشك الوقوع بين الطرفين. لكن شرارة الحرب لم تندلع رغم مرور أكثر من شهر على حالة التوتر التي تعصف بالمنطقة.

إلا ان ما حصل خلال هذه المدّة من أحداث يوحي بان المنطقة لازالت بعيدة عن أن تكون مسرحا لحرب الأصلاء ولكنها توشك أن تدخل في مرحلة حرب الأشباح او المجهولين الذين يصعب معرفة هويتهم. فقد وقعت خلال الأسابيع القليلة الماضية عدة عمليات استهدفت امريكا وحلفاؤها في المنطقة, كانت باكورتها تفجير أربعة سفن في ميناء الفجيرة الإماراتي, والهجوم على ناقلتي نفط عملاقتين في خليج عمان فيما تعرض محيط السفارة الأمريكية ببغداد الى هجومين منفصلين خلال هذه الفترة.

قُيّدت هذه الهجمات ضد مجهول بالرغم من الإتهامات التي وجهت الى ايران وحلفائها بالوقوف خلفها, لكن تلك الإتهامات لم يتم دعمها بأي دليل فظلت مجرد إدعاءات إستعصى إثباتها. ويعود ذلك إما لأنها عمليات متقنة لم تترك أي أثر يوصل الى مرتكبها, او أن الطرف الأمريكي غضّ الطرف عنها لأنه ليس بصدد خوض حرب مجنونة وإنما يلوّح بالخيار العسكري بهدف إجبار ايران على الجلوس عى طاولة المفاوضات والتوصل الى اتفاق يحد من قدراتها العسكرية ويحجم نفوذها المتنامي في هذه المنطقة الحيوية من العالم. كما وأن مثل هذا الوضع المتشنج يزيد من مبيعات الأسلحة الى دول المنطقة.

وفي كل الأحوال فإن ذلك يوحي بان حرب أشباح او مجهولين على وشك الوقوع وخاصة فيما لو استهدفت الأشباح هذه المرّة المصالح الإيرانية في منطقة الخليج بنفس الطريقة التي لن يتمكن فيها كلا الطرفين من إثبات مسؤولية الطرف الآخر عنها بل تقييدها ضد مجهول. ولعل هذه الأشباح ستلجأ الى هذه الخيار من أجل إجبار الأصلاء على النزول مباشرة الى ساحة المعركة, وحينها ستنكشف هوية هؤلاء المجهولين الذين عجزت ولحد الآن تقنيات الكشف الحديثة من تحديد هويّتهم! او ان هناك إرادة لتركهم يمارسوا هذا العبث الذي لا يصب إلا في خدمة عقود التسلح التي ستسارع دول الخليج المصابة بالهلع الى ابرامها والى مزيد من الإلتصاق بالراعي الأمريكي كما يتبع الفصيل إثر أمه!

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here