مهام جديدة على عاتق الجاليات العراقية في الخارج

د. علي الخالدي

هناك أمزجة ورغبات عند بعض عراقي الخارج ممن لم يهضم مجرى ما تؤول له الأوضاع داخل الوطن بعدما نصب المحتل الأحزاب الإسلامية بشقي مذهبيهما ، وعلى أساس طائفي – قومي على مسار العملية السياسية ومقاليد الحكم في العراق ، بعد إحتلاله عام 2003 . مارست الأحزاب الإسلامية سياسة تكتيكية إتصفت بزرع عناصرها ومحسوبيها في كافة مرافق الدولة الإدارية والأمنية ، وسياسة إستراتيجية إستطاعت عرقلة مسيرة العملية السياسية الوطنية وإصلاح ما ورث من الحكومات الرجعية والدكتاتورية عبر ما زعته في دوائر الدولة ، لا بل تواصل ليومنا هذا ، تطبيق قوانين تتماهى واجنداتها الطائفية المعادية لمصالح الشعب والوطن ، بالإضافة تحقيق ما يملى عليها عبر رؤساء كتل تللك الأحزاب و دول الجوار القريبة والبعيدة

لقد إستطاعت حكومات متبني النهج الطائفي ،تجيير ماتحقق للشعب من جراء قبر النظام الصدامي لصالح أحزابها ومحسوبيهم ، ولم تقم بما يفيد الشعب والوطن ليومنا هذا ، غير التصريحات الرنانة والوعود التي لم يشاهدها الشارع على أرض الواقع . فالفساد ينتشر في كافة المؤسسات ، وبحماية متبني نهج المحاصصة الطائفية والإثنية وميليشياتهم السائبة التي وضعت نفسها فوق القانون. بعد

فشل الأحزاب الإسلامية في تحقيق السلم الإجتماعي بين مكونات شعبنا على مستوى الداخل ، لجأءت لعراقي الخارج ، باحثين عن سبل شق وحدتهم عبر سفاراتها ، وذلك بالتغلغل بين صفوف الجاليات العراقية عن طريق أزلامها ، أو بمساعدة شخص يحدد لهذا الغرض أسوة بما كان يفعله النظام الصدامي المقبور بمنظمات أنشاءها في الخارج كمنظمة المهجرين

ففي 21 نيسان من هذا العام أصدرت وزارة الهجرة والمهجرين أمرا وزاريا بتعيين 16 سفيرا ليكون سفير محبة وسلام ، وكرئيس للجالية العراقية في بعض الأقطار ، لكن الكتاب لم يشر أي دولة صاحبة الحظ السيء بشمولها ، مما أتاح فرصة لجوء سفارات أخرى تأسيس جالية توازي لما كان متواجداً ، تتمتع بإمكانيات مادية مع علاقة إشرافية عليها ، عن طريق أحد موظفيها وخاصة في البلدان التي تتواجد فيها جاليات عراقية ضعيفة

لقد كانت جالياتنا ترحب باي تعاون وتنسيق بينها وبين السفارات على اساس خدمة مصالح العراقين في الخارج وكثيرا ما طالبت بتفعيل نشاط تلك السفارات بين أوساط العراقيين ، وليس الإقتصار على المناسبات الدينية وإقامة فطور للصائمين الذي يؤمه أغلبية عظمى من غير الصائميين

لقد فوجيء عراقي الخارج بهذا القرار ، وجاء في وقت والحكومة لم تكتمل كابينها الوزارية ، وهنا يحق لعراقي الخارج أن يتسائلوا عن مغزى الدور الذي سيلعبه سفير المحبة والسلام مع الجاليات التي سيشرف عليها ، والمعروف عن بعض سفاراتنا كانت قد فشلت بتنظيم إنتخابات البرلمانية نزيهة لثلاث دورات إنتخابية ، فضيعت أصوات الخارج ، مما ابعد بعض السفارات عن ما يبرر النهوض بمهام تواجدها ، وكما يبدو لعراقي الخارج ، إن تواجدها جاء ليشغل ابناء ومحسوبي قادة الأحزاب الطائفية طاقم كوادرها ، الذين أغلب نشاطاتهم ولقاءتهم تتم في فنادق فارهة لا يؤمها أعضاء الجالية الذين هم أدرى من غيرهم بشعاب تلك البلدان ، بالإضافة لكونهم يجيدون التحدث بلغة البلد ، وهم يحتكون بأبناء البلد أثناء عملهم في مؤسسات الدولة ، ولهم تجربة في ذلك مورورثه من عراقيين سبقوهم ، وكانت أدوارهم مؤثرة في الأوساط الأجنبية عند مقارعة نظام صدام الذي سهر على التمييز بين عراقي الخارج منذ تسلط البعث الفاشي على رقاب الشعب والوطن ، فعملت سفاراته ما في وسعها عرقلة جهود الجاليات العراقية الرامية عرض مآسي شعبنا ووطننا في الحقبة البعثية الفاشية ، ولم يعد يدخل تلك السفارات سوى بعض المرتزقة

أما وزارة الهجرة والمهجرين الحالية ، فيبدو تحدوها الرغبة بالسير على منوال البعثات الدبلوماسية للحقبة الصدامية ومواصلة تهميش ذوي الكفاءات والعاملين في دوائر تلك الدول ، وتتعمد إهمال نشاطاتهم دون الإستفادة من خبرتهم ورعاية أدوارهم في ذلك البلد الذي أصبح لا يستطيع الإستغناء عنهم ، بينما شعبنا والوطن بأمس الحاجة إليهم في عملية تنميته وتطوره ، إذ لم تقدم لهم ما يشجعهم على العودة لأوطانهم ، ومن عاد للوطن بوازع وطني لخدمة شعبه من حاملي الشهادات وذوي الكفاءات ، فعومل معاملة خشنة وسيئة ، من قبل من زرع في مؤسسات الدولة على أساس التحاصص السياسي ونهج المحاصصة ، إلا من تلون ولبس لباس تدينهم ومن سعى وراء مصالحة ، فإنه إحتل أماكن لا تناسبها خبرته العملية والعلمية .

إن صدور هكذا أمر سيعمق عدم النهوض بمهامها بل سيُحصر نشاطها بأمور جانبية تقود إلى تشتيت جهود جاليات عراقي الخارج ، ويبعدها عن النهوض بمهام ملقاة على عاتقا في نشر ما يتعرض له الوطن من سلب لخيراته من قبل دول الجوار والأحزاب المتبنية للنهج الطائفي

وقد لوحظ أن هناك تياران يتنافسان على قيادة الجاليات في الخارج وكلا هما بدعم من سفاراتنا ، تيار من يدعي التدين والتقوى ظاهريا متقوقع في المراكز الدينية ، وتيار سياسي مدعوم بعامل بعثي قومي لبس لباس الوطنية وبدأء التقرب من المنظمات النشطة لعراقيي الخارج التي صُيغ نشاطها ليومنا هذا بالوطني العام ، ولا ندري كيف سيوفق سفير المحبة والسلام بين هذين التيارين . لذا يقع على عاتق عراقي الخارج التصدي لتلك الجهود التي يراد بها إحتكار نشاط الجاليات العراقية وحصره ليصب في خدمة الأحزاب الحاكمة ونهجها الطائفي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here