ورطة الحياة .. لماذا ترك الله أفضل الخيارات ؟!

خضير طاهر
عشت صراعا مع نفسي وأنا أجري عملية زرع العدسات داخل العينين .. فكلما تهم نفسي بالدعاء بدافع غريزة الحياة ، أسارع الى قمعها من منطلق إحترامي لقناعاتي الجديدة من ان الله لايتدخل في حياة البشر ولايساعدهم في حل مشاكلهم وعذابات وأمراضهم ، بل ان القانون الذي سرى على الحشرات والحيوانات حينما خلقها وتركها تهيم على وجوهها هو ذات القانون سرى على البشر بحسب معطيات التجربة الواقعية ، بغض النظر عن أوهام الأديان وتبريرات تخلي الرب عن مساعدة الناس بتبرير الإمتحان والإبتلاء .
والسؤال الذي أخذ يتردد على فكري هو : لماذا الله ترك أفضل الخيارات وهو القادر على كل شيء ؟ على سبيل المثال : أليس أفضل الخيارات بأن يخلق البشر وهم مبرمجون على حب الخير والعدالة ، ويتمتعون بصحة جيدة كي يسود الخير والمحبة والسلام الأرض بدلا من الصراعات والأحقاد والحروب وسفك الدماء . وأستدرك هنا وأقول : هل حقا الله هو من خلق الإنسان بشكل مباشر ، أم ان قوانين الخلق العامة التي تشمل كافة المخلوقات من بينها الحشرات والحيوانات شملت البشر أيضا دون تدخل الرب !
دخلت المستشفى لإجراء العملية ، أحاطني الممرضات والأطباء بالترحيب رغم ملامح شكلي العربي المسلم ، طبيبي الأميركي الأبيض وهو بدرجة دكتوراه وأستاذ جامعي بعد إجراء العملية سلم صديقي المرافق لي أرقام هواتفه وأخبره بإمكانه الإتصال به في جميع الأوقات في النهار والليل خلال 24 ساعات في حالة حدوث طاريء .
أتذكر بهذه المناسبة كل الممارسات البشعة للأطباء العرب ، عام 2015 رافقت أحد المقربين لإجراء عملية الزائدة الدودية في مستشفى الكفيل التابع للعتبة الحسينية في كربلاء والذي يتقاضى أجورا مرتفعة جدا ، وعندما دخل الطبيب اول كلمة نطقها هي السخرية من المريض إذ خاطبه (( هاي شنو انت قصير قزم نص ردن )) بهذا الكلام السوقي يكلم الطبيب المرضى قبل العملية الجراحية !
وتذكرت العذابات التي كنا نعيشها أثناء مراجعات المستشفيات الحكومية في العراق وكيف ان الطبيب دوامه يبدأ بعد الساعة 10 أو 12 .. ويمارس عمله بإهمال وعشوائية ويعطي لجميع المرضى الدواء نفسه دون تحليل أو فحوصات ، واذا ذهبت للعيادات الخاصة تجد الطبيب متواطيء مع أصحاب المختبرات والصيدليات يرسل لهم المرضى ويحصل على عمولة منهم .
في أميركا لايختلف سلوك الطبيب العربي في بشاعته ، في أحد المرات أجرى لي طبيب عربي عملية توسيع شرايين القلب وكنت لست بحاجة لها ، لكنه خدعني من أجل ان يسرق المال من التأمين الصحي ، وفي أحد المرات راجعت طبيب عيون عراقي يدعي الميول اليسارية ، وحينما إنتهى الفحص وأردت الخروج سحبتني الموظفة وطلبت إجراء تصوير للعين وحينما أخبرتها بإنتهاء الفحص أجابتني (( نخلي الصور بالفايل تنفع ))، والقصد واضح طبعا هي عملية سرقة دنيئة من التأمين الصحي !
بالمناسبة عدم وجود أطباء عرب ضمن المنظمات الإنسانية مثل أطباء بلا حدود هو تعبير عن أزمة الإنسان العربي الأخلاقية !
شكرا للأقدار التي جعلتني أعيش بقية عمري في أميركا ، وأحصل على العناية الصحية المجانية ، وربما أحظى بميتة مريحة من دون عذابات آلام الأمراض ، والمشاعر الوطنية يجب ان تكون بوعي قائم على الأرباح والخسائر وليس (( نموت ويحيا الوطن )) والواجب الأخلاقي والمصلحة الشخصية تدفعني للشعور بالإنتماء لإميركا ومحبتها ، ومسقط رأسي في العراق مؤكد كان لحظة تعيسة في حياتي ليتها لم تحدث.
وأكرر السؤال : أليس من الأفضل لو إختار الله ان يخقلنا بصحة جيدة طوال العمر وفي داخلنا حب للخير والعدالة .. والسؤال الأعمق ما معنى وجدوى هذه المهزلة التي تدعى الحياة ؟!

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here