صبر المرجعية يوشك على النفاد!

ساهر عريبي

إضطلعت المرجعية الدينية ممثلة بآية الله العظمى السيد علي السيستاني حفظه الله بدور حيوي منذ إسقاط النظام السابق في التاسع من أبريل/ نيسان 2003, تمثّل في إرساء أسس العملية السياسية الجارية في العراق حاليا برغم علّاتها وفي تقويم هذه العملية والسعي الى إعادتها الى جادة الصواب , وأخيرا في إنقاذ مستقبل العراق وحاضره عبر فتواها المباركة في الجهاد الكفائي التي تصادف ذكراها الخامسة هذه الأيام, بعد أن فشلت الطبقة السياسية في الحيلولة دون سقوط مساحات واسعة من ألارض العراق بأيدي حفنة من شذاذ الآفاق الذين وصلوا في بضعة أيام الى مشارف العاصمة بغداد.

إبتلي المرجع بالأجزاب الإسلامية الحاكمة وخاصة الشيعية منها التي تهيمن على مقاليد الحكم في بلاد الرافدين, بعد أن أحسن الظن بها منذ دخولها أول إنتخابات تحت مظلة قائمة الشمعة, وهي أحزاب ذات تاريخ عريق في مقارعة النظام السابق, لكنها سرعان مانقلبت على القيم والأهداف التي تأسست من أجل تحقيقها, وتحولت الى شركات للمقاولة لاهم لها سوى نهب مقدّرات البلاد وتسخير تلك المقدرات لتعزيز قبضتها على السلطة, حتى بات أمر إزاحتها ضربا من ضروب الخيال, أو حلما يراود العراقيين في منامهم, علهم يستيقظوا يوما ولا يروا فلان او علان من السياسيين الفاشلين والمقصرين وهم يصدعون رؤوس العراقيين بالحديث عن الوطنية والنزاهة.

إستخفّوا بالعراقيين مستقوين بالثروات المنهوبة وبالدعم الخارجي وبقوة السلاح ضاربين بإرشادات المرجعية عرض الحائط في ضرورة الإصلاح وتقديم الخدمات للشعب والنهوض بواقع البلاد الذي أنهكته عقود الدكتاتورية, حتى عيل صبر المرجع الكبير وأمتلأ قلبه قيحا! آثرت المرجعية السكوت في كثير من الأحيان حتى ثارت ثائرة البعض مطالبين إياها بالتدخل, وعندما بدأت بتقديم النصائح والإرشادات إنطلاقها من واجبها الوطني والإنساني وغيرتها على الإسلام الذي شوّهت سمعة حفنة من عبّاد الكراسي, رفعوا عقيرتهم بالصراخ معترضين قائلين وهل لدينا نظام ولي فقيه! وعلام نشارك في الإنتخابات طالما أن المرجع لديه السلطة لإقصاء فلان الذي فاز بالإنتخابات بزعمهم.

حتى طفح الكيل فماكان من تلك الشيبة المباركة التي أنقذت العراق من براثن الإرهاب, إلا وووضعت خارطة للمشاركين في الإنتخابات النيابية التي جرت العام الماضي, سواء اكان مرشحا او مصوتا, وكانت أبرز معالمها قاعدة“ ان المجرب لا يجرب“ وضرورة البحث والتمحيص قبل التصويت لأي مرشح وتركت للناخب حرية المشاركة من عدمها. وكانت النتيجة ان أطاح الشعب بالعديد من رموز الفساد والفشل الذي جثموا على صدر المواطنين طوال السنوات الماضية لكن الفرحة لم تكتمل!

فقد اشتد الصراع بين الطبقة السياسية حول من يشكل الحكومة وحتى ولدت بعملية قيصرية. لكن حالة التكالب على المناصب والفشل في تقديم الخدمات ومحاربة الفساد تزايدت في ظل هذه الحكومة مما دعا المرجعية الى دق ناقوس الخطر, محذّرة من توفّر مقدمات مشابهة لتلك التي سبقت سقوط ثلث العراق في قبضة تنظيم داعش الإرهابي. فالصراع بلغ أشده على أربع حقائب وزارية متبقية وعلى الدرجات الخاصة, وازمة الكهرباء تراوح في مكانها برغم سعي الوزير الحثيث لتحسينها, واما مكافحة الفساد فظلت حبرا على ورق ومجرد خطابات وإدعاءات للإستهلاك المحلي!

لقد وصلت الأوضاع الى مستوى لا يطاق في ظل أوضاع إقليمية معقدة ومستقبل مجهول يرسم للمنطقة, في وقت لم ترق فيه الطبقة السياسية لمستوى هذه التحديات التي تواجه العراق والمنطقة, إذ ظلت هذه الطبقة أسيرة تفكيرها الساذج وعقليتها التي يعشعش فيها حب المناصب ونيل حصتها من الموازنة وإحكام قبضتها على السلطة وتأمين بقاءها فيها لأطول فترة ممكنة. واقع دفع المرجعية الى توجيه تحذير شديد اللهجة للقوى السياسية قد يعقبه قرار حازم من المرجعية بعد أن اوشك صبر المرجعية على النفاد, وقد يكون هذا القرار إعلانها نزع الشرعية عن هذه الطبقة السياسية الفاشلة والفاسدة وترك القوى الشعبية تتولّى مهمة تطهير العراق من هذه الطبقة وتحقيق الإصلاح والرخاء المنشودين!

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here