في الحروب و ألأزمات فتش عن أسرائيل

الأزمة الأخيرة في الخليج العربي و بوادر الحرب فيها او التلويح بالقوة العسكرية و التهديدات المتبادلة و تحريك الأساطيل الحربية في استعراض واضح للقوة و أقامة المناورات العسكرية للغرض ذاته و التلميح بأغلاق اثمن المضائق العالمية على الأطلاق ( مضيق هرمز ) الذي يمر من خلاله شريان الطاقة العالمي و شعوب منطقة الخليج العربي في هاجس الحرب و التخوف من اندلاعها و هي المنطقة التي عانت من ويلات الحروب و ان لم تكن مباشرة فيها عدا الكويت التي عانت من الغزو العسكري الصدامي و ما تلاه من حرب تحرير الكويت الا ان شظايا تلك الحروب كانت تصل الى كل بقعة فيها و لم تستثني احدآ من شعوب المنطقة من مصائبها و ان كان ذلك ليس بالمساواة و التساوي في التدمير و الخراب و انهيار المنظومات الأجتماعية و الأقتصادية .

اساس المشكلة بين الفريقين المتخاصمين هو الموقف من ( أسرائيل ) و ان لم يعلن عن ذلك صراحة فالمعسكر الأول و الذي تقوده السعودية يرى ان لا امكانية على الأقل حاليآ في تحرير فلسطين كلها و اعادة اهلها المشردين اليها و استنادآ على المعطيات على الأرض فأن الكفة تميل و بشدة لصالح أسرائيل اقتصاديآ و عسكريآ و عليه لابد من الصلح مع الدولة اليهودية و الأقرار بوجودها و الأعتراف بحدودها كدولة مستقلة ذات سيادة و عضو في الأمم المتحدة و استنادآ على دعم القطب الأوحد ( امريكا ) المطلق و الغير محدود لأسرائيل و من كل تلك المعطيات ترى السعودية و المعسكر الذي تقوده ان لا جدوى من الصراع و النزاع مع أسرائيل و لابد من انهاء حالة الحرب و الحوار معها و الأعتراف بها و تبادل البعثات الدبلوماسية و السفراء .

اما المعسكر المنهك الذي تكون بقيادة ايران و المعارض اصلآ لوجود دولة ( أسرائيل ) فهذا الفريق يؤمن فقط بأزالة اسرائيل من الخارطة الجغرافية من خلال الحرب و دعم المنظمات و الحركات المناهضة لها و لا ترى في الضعف الأقتصادي و العسكري عذرآ او مبررآ للحوار مع ( العدو ) و لها في انتصار الثورة في فيتنام درسآ و نبراسآ في تلك الحرب التي هزمت القوات الأمريكية بكل قوتها و جبروتها امام المقاتلين الفيتناميين الذين لا يملكون من العدد و العتاد الا القليل الا انهم كانوا يملكون من الثبات و الأصرار على القتال و النضال الكثير فكان لهم النصر المؤزر و الفتح المبين وغير ذلك من الأمثلة و الشواهد في انتصار الشعوب الضعيفة على القوى الأستعمارية بالصبر و الصمود .

كلتا وجهتا النظر هاتين لهما ما يبررهما من الحجج و البراهين و الأثباتات و لهما من الجماهير المؤيدة الكثير فالفريق الأول يرى ان الصراع العربي الأسرائيلي المزمن اصبحت مضاره اكثر من منافعه ان لم يكن عديم الفائدة اصلآ فالكثير من الأنظمة العربية الأستبدادية التي سامت شعوبها الظلم و الأستعباد و القهر كانت تحت يافطة ( تحريرفلسطين ) حتى وصل الأمر بأحد تلك الأنظمة الذي ادعى ان حرب حزيران العام 1967 لم تكن هزيمة او انتكاسة لأن الهدف منها كان اسقاط ذلك النظام ( الثوري ) و هذا لم يتحقق فكانت تلك الحرب ( انتصارآ ) للعرب و ان فقدوا الكثير من اراضيهم و كراماتهم و كذلك الأمر فأن تكاليف الصراع مع اسرائيل كان باهضآ و فوق قدرات الدول العربية الفقيرة اصلآ و تعطلت معها و توقفت خطط التنمية القليلة لصالح التسلح و لم يتحقق من كل ذلك الأضطهاد و القمع للشعوب و افقارها و تجويعها شيئآ في طريق ( التحرير ) و صارت اسرائيل اقوى و توسعت اكثر .

في الجانب المقابل و المضاد للحوار و الأعتراف بأسرائيل كدولة من دول المنطقة تقف مجموعة من الدول و من الشعوب التي ترى في اسرائيل جسم غريب مشبوه زرع في المنطقة بغية خلق المشاكل و الأزمات بين دولها وشعوبها و هذا الأمر ليس بالمستبعد انما ليس بالمطلق كذلك ترى قوى هذا المعسكر في اسرائيل شر مطلق لابد من استئصاله عن طريق القوة المسلحة و النضال العسكري و اعادة المهاجرين من اليهود الى من حيث اتوا و ان صار هذا الأمر من الصعوبة الكبيرة لأن اجيالآ عديدة ولدت ونشأت في الأراضي المحتلة و لا تعرف وطنآ بديلآ عنه و من غير الممكن او من المستحيل ان يكون الحل بهذه الطريقة .

لابد من ايجاد حل يرضي جميع الأطراف و يبعد شبح الحروب و النزاعات عن المنطقة و شعوبها و اذا كان اصحاب القضية الحقيقيين ( الفلسطينيين ) والعرب قد قدموا من التنازلات الشيئ الكثير ان قبلوا بالأعتراف بدولة اسرائيل و حقها في الوجود و الأستمرار و لم تقابل تلك التنازلات الا بالمزيد من التعنت الأسرائيلي و المزيد من الأستفزازات و الأعتداآت على الفلسطينيين و كذلك طالت الهجمات الأسرائيلية العدوانية الأراضي السورية و استهدفت الجيش السوري المنهمك في قتال المجموعات الأرهابية ما مكن الفريق المناهض للحوار و المصر على القتال من رص صفوفه و استيعاب المزيد من المؤيدين .

احد اسباب الأزمات التي تعصف بالمنطقة و دولها و شعوبها هو الموقف من الصلح مع اسرائيل بين القبول و الرفض و ما الحروب التي عمت اغلب الدول العربية و البداية كانت من العراق ومن ثم ليبيا و بعدها سوريا و اخيرآ اليمن و الحرب فيها و انشغال السعودية و دول الخليج العربي بها كانت تلك الحروب هي في جعل العرب الضعفاء و المتشرذمين امام الأمر الواقع الا وهو القبول بالجار ( الجديد ) و الذي سوف يفرض هيمنته و يبسط نفوذه من خلال قوته الأقتصادية و تطوره العلمي و التكنولوجي و امام هذا الواقع الجديد المرير الذي سوف يحدث لم يتبق للشعوب المحيطة بأسرائيل سوى خياران لا ثالث لهما اما الرضوخ و الخضوع للأرادة الأمريكية و القبول بالدولة الأسرائيلية ضمن المنظومة الجديدة للشرق الأوسط او طريق المقاومة و النضال الشعبي العارم حتى تحقيق المطالب المشروعة للشعب الفلسطيني و معه الشعوب العربية و ما ضاع حق ورائه مطالب مهما طال الزمن .

حيدر الصراف

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here