ثورة العشرين (١٩٢٠).. وثيقة وطن..

بثينة شعبان (مستشارة الرئيس السوري) خذفت الوثيقة …

بقلم الدكتور هاشم نعمة ـ أمريكا.

لا اريد ان اتطرق عن كتاب (جهاد السيد نور السيد عزيز الياسري في ثورة العراق التحررية (١٩٢٠) وصناعة الوطنية. للمؤلف الباحث الضليع والمؤرخ الأستاذ عادل الياسري؛ الناشر الدار العربية للعلوم ناشرون ـ بيروت ـ والذي عدد صفحاته (٨٦٥). الذي يقيم في أمريكا؛ مثل الذين تحدثوا عنه من كل جوانبه؛ وهو بحث قيم ومرجع للباحثين لا يستغنوا عنه؛ وزاد للمثقفين لمعرفة الحقائق التاريخية النقية من الافتراءات والتزوير ولاسيما مناشدته للمؤرخين الابتعاد عن لعبة الغش والاختفاء عند التدوين ونبذ ثقافة الحذف. فان الباحث اعتمد على التفسير العلمي للتأريخ. وقام بالتحليل الاجتماعي للمشاركين في الثورة والعوامل الاجتماعية في بروز الزعيم السيد نور الياسري منذ طفولته ونبوءة ابيه قبل ولادته بالمستقبل الذي ينتظره في نصرة الامة.

ولا اريد اتحدث عن وثائق الاستخبارات البريطانية التي كشفها لأول مرة في بحثه والفترة التي اقامها في لندن؛ ولا اريد ان اتحدث عن تعريفه للتاريخ بقوله هو الوثيقة السرية ولكني اريد الحديث عن وثيقته الخاصة في مصطلحاته عن الوطنية العراقية. والتي اصطلح عليها بوثيقة وطن. وقد مرت هذه المفردة في فصول الكتاب الذي يتكون من واحد وثلاثين فصلا. ومما لا شك فيه انها مفهوم جديد؛ وقد عرّفها في مقدمة الكتاب وقال:

((وان أحد عناوين هذا البحث وثيقة وطن؛ والمقصود بها الركن الكبير والأول من اركان الوطنية وبوابتها الرئيسية؛ وهي الحفاظ على الثوابت الوطنية واسترخاص كل شيء من اجل الوطن.. وكان جهاد السيد نور السيد عزيز الياسري الكبير قد صنع هذه الوثيقة والسؤال كيف صنعها؟ لقد كان ايمانه المطلق في تحرير بلاده من الاحتلال بالأقوال والافعال وتأسيس الدولة العراقية الحديثة وبناء مستقبلا للأجيال العراقية. ان كبر سنه الذي بلغ اثناء الثورة ثمانين عاما كان محفزاً للشباب بتقديم التضحيات في المدن والقرى وجسده العليل المتنقل في ميادين الوغى حافزا قويا للناس ومخاطبهم عدم الركون للمحتل. وكان سخائه في بذل المال حرباً ضد الأصفر الرنان الإنكليزي والذي اغوى به بعض النفوس الضعيفة. وقد أنفق أكثر من مئة ألف ليرة ذهبية في الثورة ما يعادل ميزانية عدة دول يومذاك. وان شرفه الرفيع كان يستنهض به كل شريف؛ وديانته وتقواه كانت حجة على كل متدين ٍقاعد متقاعس؛ ولم تغره الدنيا بغرورها في المناصب او الجاه فكان أكبر من الجاه ووجيها عند الناس وعزيزاً كريماً واشتهر عندهم بالأفعال الخيرية. وان الحناء الحمراء التي أطلت الناس بها أبواب بيوته في المدن ومراكبه في النهر جعلها حرية حمراء للشعب تتغنى بها الأجيال. وكانت مواقفه الصلبة في مقاومة الاحتلال قد صنعت وثيقة وطن للعراقيين. وبدأت كتابتها وحكايتها منذ الوهلة الاولى في مقاومة الانكليز في معركة الشعيبة ـ البصرة ـ عند الناس وهم يصلون على السيد نور. بقولهم صلوا على السيد نور او جدمنا ا لله نور عليه (هذه بعض اهازيجهم في حرب الشعيبة أي انه المقدم بالهجوم قبل غيره)).

وكان اول عرض للجانب السلبي لهذه الوثيقة أو رأيته قدمه الباحث حول تقيمه لكتاب الشيخ محمد مهدي البصير بقوله؛ لقد صنع البصير في كتابه “تاريخ القضية العراقية ” وعاءً كبيرا من ردود الأفعال للثائرين في الفرات الاوسط بعد قراءتهم له ليصب ماءه في وعاء الفصل الغائب قبل الثورة. وهو مؤسس للإفرازات السلبية في كتابة تاريخ الثورة العراقية والتي لا تخدم وثيقة وطن.

وثم جاء هذا المصطلح حول معركة الرارنجية وعن تناقض الثقافات ((وقال؛ ان من الملفت للنظر لقد اعتبروا في الصحافة البريطانية وفي أكثر من صحيفة ان مساعد قائد وحدة المانجستر الكابتن او النقيب “هندرس” بطلا ومجدوا بكلمته الأخيرة التي قالها قبل موته ـ لا تجعلوا هؤلاء يجلدونكم. ويعتبر العراقيون ان الذين شاركوا وممن استشهدوا في معركة الرارنجية هم ابطال ويمكن تسميتها بمعركة (الفتح المبين). لكن السؤال اين تكمن البطولة في تلك المنازلة يا ترى؟ ولا شك ان المعايير والمقاييس في وثيقة وطن؛ ان البطولة لمن دافع عن وطنه وليس لمن غزى.))

وقد اعتبر الباحث ان الفقه الشيعي السياسي لا يخدم وثيقة وطن؛ فهو جزء لا يتجزأ من اركان الامن القومي الايراني. وقد مرت مفردة ” وثيقة وطن ” في مواقع كثيرة واحداث متعددة وبأوصاف مختلفة.

وقد سألتُ مؤلف الكتاب لماذا لم تضع هذه المفردة على صدر الغلاف وكنت تحدثني عنها كثيرا.؟ وكان جوابه؛ ان مستشارة الرئيس السوري السيد بشار الأسد للأعلام السيدة بثينة شعبان؛ كتبت كتابا الموسوم (وثيقة وطن.. مواقف الرئيس الراحل الأسد). ومما جعلتني ان حذف هذه الفقرة من عنوان الكتاب وقد طبعته قبل ان طبع كتابي؛ ولا أدرى هل هي وحدة خواطر؟ او أنى كتبت مقالا وقرأته او أشياءً أخرى لا اعلم. ولكن السؤال لماذا غابت وثيقة وطن في المجتمع العراقي بعد الاحتلال الأمريكي …!؟ انه يبحث عن إجابة من القارئ الكريم.

وكان اهم الفصول في الكتاب هو دور السيد نور في صناعة الوطنية وهو أكبر فصل وان عدد صفحاته ثمانين صفحة وهذا بحد ذاته يعني هو كتاب قبل ان يكون فصلا؛ فلم يناقش الوطنية من جميع جوانبها فحسب بل الخيانة؛ ويرى ان الخيانة هي الطرف الاخر لمعادلة الوطنية. وهو امر لم يعتاد المؤرخون عليه؛ لأسباب معروفة. واعتبر ان الوطنية العراقية منذ نشؤها لا تؤمن بالعنف ؛ وإنسانية؛ وان حماية الاسرى البريطانيين نموذج وغيرها. وقد عرّف الوطنية وقال؛ الوطنية هي عقيدة طاهرة في ذات الفرد ؛ تصون حقوق الامة والوطن والمواطنة . وان الوطن شيء مقدس في وثيقة وطن.

د. هاشم نعمه. امريكا

قراءة نقدية وجيزة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here