“الكتلة الكبرى” حلم يراود (تحالف الفتح) في مواجهة تفكك (تحالف الإصلاح)

أحمد الجبوري

يؤكد مراقبون يتابعون تطورات المواقف في التحالفات السياسية العراقية الكبرى ، وبخاصة تحالفي الاصلاح والبناء ، ان ظاهرة تفكك تلك التحالفات بدت واضحة للعيان، وان خروج زعيم ائتلاف الحكمة السيد عمار الحكيم من تحالف الاصلاح هو بداية مسمار في جسد هذا التحالف.

ومن بوادر ظهور حالات التفكك الأخرى كما يؤكدها مراقبون للعربي الجديد، هو اتهامات كثيرة عن حالات استفراد من سائرون والفتح بالاستحقاقات الانتخابية وحصولهم على أكثر الدرجات أهمية في الوزارات، وحتى على مستوى الهيئات واللجان الحكومية والبرلمانية، ولا يخفون من انهم يعانون من (هيمنة) واضحة على مقدرات تحالفي الاصلاح والبناء ، ولا يخفون الحديث عن أن سائرون والفتح هما من لهما كلمة الفصل في التحكم بمقدرات الكتل السياسية وحرمانها من الحصول على المكاسب في مؤسسات السلطة والقرار العليا، بالرغم من انهما يعلنان ليل نهار انهم ليس لهم وزؤاء ولا مناصب عليا في حكومة رئيس الوزراء عبد المهدي..

ويؤكد هؤلاء المراقبون أنه بالرغم من ان مناصب الدرجات الخاصة كانت هي من أخرت خروج الكثيرين من تحالف الاصلاح، لكنها ماتزال تنتظر حصولها على مكاسب كبيرة من تلك الدرجات الخاصة،بضمنهم أئتلاف النصر ، وفي حال شعرت أي من قوى تحالف الاصلاح انها مهمشة أو ان حصتها لاتتناسب وحجم ما حصلت عليه، من مكاسب الدرجات الخاصة، فان (خيار المعارضة) و (التلويح) بالخروج من تحالف الاصلاح يبقى هو الورقة التي تشهرها بوجه هذا التحالف بين الفينة والأخرى، الذي يعاني الان من حالات تفكك وشرذمة، اكثر من تحالف البناء الذي يستغل الانشقاقات والتناحرات بين أجنحة الاصلاح للبقاء ككتلة أقرب الى التماسك حتى وان لوحت جهات داخل تحالف البناء بالخروج منه، لانها تبقى في كل الاحوال أقل بكثير مما يعانيه تحالف الاصلاح ، وبخاصة بعد خروج السيد عمار الحكيم منه وترك رئاسته، وعدم عقد اجتماعات مهمة لرأب الصدع بين توجهات قياداته، عاملا يسهم في أن يتحرك جناح البناء بزعامة هادي العامري، لكي يعيد احياء (الكتلة الاكبر) كونها ستوفر له فرصة ان يبقى (الكتلة الاكبر) ، وما تتطلبه من فرض رؤى ونفوذ سلطة، يحد من تحركات تحالف الاصلاح ويبقيه يعاني من حالات خور وتفكك، بسبب (تضارب المصالح) بين أطرافه.

ويقول محللون ان كتلا وأحزابا سياسية عراقية، أخيراً، تسعى إلى لمّلمة شتاتها لإعادة إحياء الكتلة البرلمانية “الكبرى” والاستفادة منها لتحقيق مكاسب سياسية في الدورات الانتخابية اللاحقة، وبينما يدور الحراك داخل دائرة كتل “التحالف الوطني” السابق، يؤكد مسؤولون أنّ المعادلة السياسية في البلاد تغيّرت بعد الانقسام الواضح بين الكتل.

ومما يؤكد وجهة نظر هؤلاء المراقبين بشأن مستقبل تحالفي الاصلاح والبناء انه لم يصمد أكبر تحالفين سياسيين في العراق (تحالف البناء) الذي يضم كتلة نوري المالكي وهادي العامري وغيرها، و(تحالف الإصلاح)، الذي يضم كتلة حيدر العبادي ومقتدى الصدر وكتلاً أخرى، أمام حركات الانقسام السياسي، حتى تشتت التحالفان في فترة لا تزيد عن 8 أشهر فقط أعقبت تشكيل الحكومة الحالية التي يترأسها عادل عبد المهدي.

والحراك من وجهة نظر المراقبين لم يقتصر على هاتين الكتلتين، بل أنّ كتلتي العبادي والصدر أيضاً تخوضان حراكاً مشابهاً، بينما تسعى كتلة الحكمة (الكتلة المعارضة) لتوسيع دائرة الحصول على دعم وتأييد كتل أخرى، لتكون بيضة قبان في الحراك السياسي”.

وتشكو قوى سنية في كلا التحالفين الاصلاح والبناء انها قد تضطر للخروج من التحالفين، وهم يرون أنفسهم انهم قد تم تجاوزهم ، ولم يحصل كثير من أئتلافاتهم واحزابهم السياسية على مناصب تذكر، وهم يجدون أنفسهم منقسمون بين قوتين كبيرتين تريد فرض ( الهيمنة) عليهم ، وأخراجهم من مناصب الحكومة، وربما شعر السياسي العراقي خميس الخنجر أنه بانضمامه الى تحالف الفتح قد فقد بريقه ورصيده السياسي ، وخسر سمعته امام أطراف القوى السنية، التي لاحظت لهاثه في الهرولة للحصول على أي مكسب ، وتقديم مايطلب منه من تأييد لمواقف ايران وكسب ودها، في حين لم يحصل الخنجر ، برغم كل ماقدمه من ( تنازلات) على مبتغاه ، وهو يرى ربما أن خروجه الان اجدى له، بعد ان فقد الكثير من رصيده السياسي في الشارع السني ، وربما يشعر ان دخوله الى العملية السياسية كان (خطأ كبيرا) تسبب له بـ (خسارات سياسية) مؤلمة، لم يعد يتحمل وطأة صدمتها، هذه المرة.

ويؤكد مراقبون للعربي الجديد أن “الكتل تحاول استغلال فشل تجربة الحكومة الحالية للتنظير لإعادة الكتلة الكبرى”، لافتاً إلى أنّ “المعادلة السياسية بدت متغيرة اليوم، والواقع أفرز انقساماً سياسياً داخل المكون الواحد، وانعكس ذلك على التحالفات، ما يجعل من إعادة تشكيل كتلة واحدة كبرى أمراً لا يخلو من الصعوبة وسيواجه بعقبات كثيرة”.

من جهته، قال النائب عن تيار الحكمة (المعارض)، رياض المسعودي، إنّ “الأهمية انتفت اليوم من وجود تحالفي البناء والإصلاح، بعدما تشكّلت الحكومة”.

وأضاف، في تصريح صحافي، أنّ “التحالفين شُكّلا على أساس التنافس على تشكيل الحكومة والأحقيّة فيها، على اعتبار أنهما الكتلة الكبرى، وبعدما تشكلت الحكومة، عجز التحالفان عن تحقيق تطلعات الشارع العراقي، وحالياً الواقع يؤكد أن لا وجود لهما داخل البرلمان”، مشيراً الى أنّ “الذهاب الى خيار المعارضة لا يأتي بعد تضارب المصالح السياسية، بل هو خيار وطني يأتي قبل تشكيل الحكومة أو حتى قبل دخول الانتخابات”.

بينما دعا النائب السابق عن كتلة بدر البرلمانية (جزء من تحالف البناء)، محـمد مهدي البياتي، إلى “ضرورة إنقاذ العراق خلال المرحلة الحالية الصعبة”، مؤكداً في بيان صحافي، “ضرورة تشكيل الكتلة الكبرى في هذه المرحلة، وهي التي تتولى تشكيل الحكومة”.

وأشار إلى أنّ “بقية الكتل لا ترغب بشروط الكتلة الكبرى، وعلى من لا يريد ذلك أن يذهب إلى المعارضة، وهي تجربة عالمية أعطت ثمارها في كثير من الدول”، مشدداً “على جميع الكتل السياسية والأحزاب التنبه لذلك، والتوجه نحو الكتلة الكبرى قبل ضياع الوقت”.

و”الكتلة الكبرى” هي أكبر كتلة برلمانية تفرزها الانتخابات في العراق، وتتولى هذه الكتلة تشكيل الحكومة وترشيح رئيس لها، وفقاً لما أقره الدستور العراقي والسلطة القضائية، في الدورات البرلمانية التي سبقت الدورة الحالية.

وكانت الكتل السياسية العراقية قد تجاوزت ما عُرف بـ”الكتلة الكبرى” بعدما اتفقت على ترشيح عادل عبد المهدي لرئاسة الحكومة الحالية، في وقت لا ينتمي (عبد المهدي) لأي كتلة برلمانية، لتكون سابقة أثارت فيما بعد جدلاً سياسياً بين القبول والرفض.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here