قفزات الوعي والمشاعر .. الحرية الفردية

خضير طاهر
الإختلاف أم الغرابة أم الندرة .. أيهما يمكن تصنيف المواقف التي نتفاجأ بها ، ثم كيف نختار بينهما والأمر في حقيقته تنويعات لغوية على نفس المضمون وذات الفكرة في عالم المباديء والأفكار والقيم النسبية ومرجعيتها الأرضية المقطوعة الصلة بأوهام الإرتباط بالسماء .
كنت أتحاور معها ووصلت الى درجة ان أخبرتها برغبتي بخطبتها والزواج منها ، وكان جوابها فوق التوقع والتصور (( أنا ابحث عن صديق وليس زواج )) قالتها بحزن وحسرة ، وصعقتني ، كيف تجرؤ فتاة عربية من عائلة متدينة ووالدها شيخ على االثقة بي والتصريح بهذه الرغبة ، لم أستوعب الأبعاد الأخرى لكلامها ، ولم أدرك مديات وعيها ونظرتها للحرية وطبيعة العلاقة بالآخر !
وضعتني في مأزق ، كنت مربوطا بحبال التقاليد ومفاهيم الدين ، وكانت ثنائية : الحلال والحرام والزنا والعلاقة الشرعية هي من تسيطر على قناعاتي ، شعرت بالحرج والذنب .. وأنا أتمزق بين شعوري بالإمتنان والتقدير لصراحتها ووضوحها وثقتها بي ، وبين قناعاتي وتصنيفاتي الإجتماعية والدينية لهكذا أفكار وسلوك ، كنت أوقام وصمها بما أعتقده حينها من قوالب متخلفة لاتحترم الحريات الفردية ومؤمنة بالكليات والمطلقات الجامدة، وفي نفس الوقت مدهوش من فكرة رفضها للزواج وبحثها عن صديق تقيم معه علاقة كاملة !
كانت أصغر مني عمرا بعشرة أعوام .. وإحتجت الى حوالي ثلاثين سنة من العمر كي أصل الى مستوى وعيها العميق بالحرية الفردية والعلاقات العاطفية .. كانت فتاة مذهلة في وعيها ومشاعرها ، وتمردها على سجون إصطبل القطيع البشري ، وإبداعها في كيفية إختيار نمط حياتها .. من أين لها كل تلك الشجاعة والعمق والقدرة على تخطي تلك السجون الإجتماعية والدينية والنفسية ، والإنطلاق في فضاء حر هي من يختاره !

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here