نزاهة الزعيم عبد الكريم قاسم في عيون الأجيال

علاء كرم الله

منذ فجر التاريخ أحتلت النزاهة مكانة متميزة لها وبعنوان عريض سواء على مستوى الأشخاص أو على مستوى أفراد أو الطبقة السياسية الحاكمة، فيقولون كان فلان حاكما نزيها، أو أتسمت فترة حكمه بالنزاهة!، أو كانت فترة حكم نزيهة، ومن الطبيعي عندما تكون النزاهة عنوان للحاكم فهذا يعني أن الرعية في خير وفي أمن وفي صلاح ورفاه. وكم يكون الحاكم كبيرا عندما يقرن نزاهته بالزهد، وتلك أعلى درجات القيم والمباديء الأنسانية النبيلة وأسمى درجات الشرف!. فالزعيم الوطني الراحل عبد الكريم قاسم كان هو ذلك الحاكم الذي أعترف له حتى أعداءه بأنه كان نزيها زاهدا عفيف اليد واللسان شجاعا كريما وطنيا محبا للعراق وشعبه. تمر هذه الأيام الذكرى 61 لثورة تموز 1958 المجيدة وزعيمها الخالد الذكر عبد الكريم قاسم، وهي أكثر تألقا وكبرياء وزهوا، رغم محاولات البعض من أصحاب النفوس المريضة من أثارة الغبار عليها، متربصين لخطأ هنا وتعليق على خطأ هناك، متناسين بأن الثورة أنبثقت وهي محاطة بظروف دولية وأقليمية وعربية معقدة حاولت أجهاضها ولكنها لم تنجح!. تمر ذكرى ثورة تموز 1958 والعراق ومع الأسف يعيش حالة من الضياع والأنفلات وغياب واضح لهيبة الدولة بعد أن نخر الفساد كل شيء فيها حجر وبشر ولم يسلم من ذلك ألا قلة قليلة!.ولكن الذي يثير الفرح والسرور في النفوس هو أن كل المحاولات الرخيصة واللئيمة من أعداء الله والوطن وأعداء ثورة تموز 1958 في تشويه الثورة والنيل من زعيمها كلها باءت بالفشل، فأجيال التسعينات وحتى الألفينات باتوا يسألون عن ثورة تموز 1958 وعن شخصية زعيمها وبطلها عبد الكريم قاسم، لأنهم سمعوا عنه حكايات لم يسمعوا بها من قبل بل ولم يرونها في قادة اليوم!، ولأنهم أيضا يعيشون في زمن الظلم والجوع والفقر والفساد واللاعدالة وغياب القانون، فباتوا يسألون عن نزاهة الزعيم وعن زهده وتواضعه وعفوه وشجاعته وكرمه وعن الدولة وهيبتها آنذاك، رغم قلة أدراكهم ومحدودية ثقافتهم ومحاولات تجهيلهم ممن يريدون تدميرهم وتدمير العراق وضياعه. فباتوا يلحون بأسألتهم يريدون معرفة المزيد عن الثورة وعن زعيمها، لأنهم وبصراحة لا يصدقون بأن هناك رجال حكموا العراق بهذا المستوى من المسؤولية والوطنية وبهذا الزهد والنزاهة؟!. لا سيما وهم يرون الطبقة السياسية الحاكمة برئاساتها الثلاثة تنعم بكل خيرات العراق وثرواته وتعيش في رفاه وراحة بال في منطقتها الآمنة، لا دخل لهم بالمواطنين وما يعانون من أزمات كثيرة ومن

ضيم وقهر ومرض وفقر وجوع وبطالة وتشرد في المخيمات، ولا تكلف نفسها حتى أكساء شارع أو ردم حفرة هنا أو هناك. فكانت أسألتهم عن الزعيم الخالد الذكر هي مثار تعجب وأعجاب بنفس الوقت!: هل حقا كان الزعيم لا يمتلك بيتا ويسكن في بيت مؤجر؟، هل كان يقضي الليل كله متفقدا أحوال الناس الفقراء والمساكين ليطمأن عليهم؟، هل أن الزعيم لم يرتدي بدلة مدنية، فقط كانت يرتدي البدلة العسكرية، حتى لحظة أعدامه؟ وهل أعدم وهوصائم؟ وهل رفض أن تعصب عينييه قبل أعدامه؟، وهل كان يتناول غذاءه في أغلب الأحيان ( بالسفرطاس) من بيت أخته؟ وهل مات وهو مطلوب لبهو الضباط، لأنه كان يوزع راتبه على الفقراء والمحتاجين؟ ولماذا لم يسمي أي شيء بأسمه رغم بنائه المئات من المعامل والمصانع والعشرات من المدن والمستشفيات والمستوصفات والجامعات والكليات والمدارس والمشاريع الخدمية؟، وهل الزعيم كان لا يفرق بين هذا الشخص أن كان سنيا أو شيعيا أو كرديا أو تركمانيا، ألا بمقدار وطنيته ونزاهته وحبه وأخلاصه للوطن؟، فشخصية الزعيم وعاداته التي كانت مثار أعجابهم أثارت لديهم الكثير والمزيد من الفضول لمعرفة كل التفاصيل الدقيقة عن حياته وشخصيته؟!. ومن المفيد أن نذكر هنا أنه حتى رئيس النظام السابق صدام حسين والذي يعتبر ألد أعداء عبد الكريم قاسم وشارك في محاولة أغتياله عام 1959، أشاد بوطنية الزعيم وبقوة ثورة تموز 1958 عندما قارنها بثورة جمال عبد الناصر في مصر عام 1952!، وذلك بالفديو الذي أنتشر على الكثير من مواقع التواصل الأجتماعي. ولكن الملفت للأنتباه أن من قادوا العراق من بعد سقوط النظام السابق وأحتلال الأمريكان له، لم يعطوا لثورة تموز 1958 ولا لزعيمها حقهما من الأشادة والتكريم بل يمروا عليهم مرورا عابرا عندما يأتون على ذكرهم!؟، وحتى في موضوع أحتساب الراتب التقاعدي للزعيم حيث تم عرقلته وظل حبيس الروتين والأجتهاد لسنوات طويلة، ولا يعرف السبب في ذلك؟!، ولا ندري ولحد الآن هل تم تحديد راتب تقاعدي للزعيم عبد الكريم قاسم؟ وهل أعتبروه شهيدا بأعتباره أعدم من قبل البعثيين؟ حاله حال الشهيد محمد باقر الصدر والشهيد محمد صادق الصدر رحمهم الله، والذين تم قتلهم من قبل البعثيين أيضا؟. أخيرا نقول: سواء تم أعتباره شهيدا وتم تحديد راتب تقاعدي له أم لا، تبقى ثورة تموز 1958 حية خالدة في قلوب كل المخلصين والشرفاء المحبين للعراق وشعبه، وتبقى شخصية زعيمها شهيد الوطن عبد الكريم قاسم عنوانا للشجاعة والنزاهة والزهد والوطنية، وكأنه ردد لحظة أعدامه أبيات الشعرعن حب العراق ( هنيئا لمن لا يخونك، هنيئا لمن أذ تكون طعينا يكونك، هنيئا لمن عند آخر أنفاسه، تتلاقى عليه جفونك).

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here