اللصوص والفاسدين في الجنة والفقراء في النار

في البداية اود ان اتحدث عن جدلية لازمة المؤمنين بالاديان الإبراهيمية وهي هل الانسان مخير ام مسير، واختلفت الاّراء حول هذه المسألة، واجتمع رجال الدين على اننا مخيرين ولكن تمسكوا بان الله كتب لنا ما شاء وهذه مشيئة الله، ولو بحثنا في الموضوع بشكل منطقي وأجبنا على هذه المسألة وقلنا ان الانسان مخير وليس مسير وهنا سيواجهنا سؤال وهو هل الانسان المخير يختار بملئ ارادته ام بغير ارادته (طبعاً وهنا اقصد بارادة الله)؟ فالجواب الحتمي اننا نختار بملئ ارادتنا، وهنا أيضاً سيواجهنا سؤال اخر وهو هل الله يعلم ماهية إرادة الاختيار لدى الانسان مسبقاً ام انه لا يعلم؟ وان قلنا ان الله لا يعلم بهذا ننفي عن الله العلم بكل شيء، وبالطبع بما ان الله عليم قدير فسيكون الجواب انه يعلم، ولكن لما الله خلق الانسان ويعلم كيفية إرادة الاختيار لديه، وهذا يعني ان الله خلق الانسان مع إرادة الاختيار التي وضعها هو فيه وبذلك الانسان يكون مسيراً وليس مخير، وهنا جدلية العقاب والثواب تكون عبثية، ومن هذا الموضوع نصل الى سؤال أساسي فاصل وهو هل الله يعلم اختياراتنا بحق ام لا يعلم وفي كلا الجوابين يكون انهزام لما يدعيه الأديان . وبهذه المقدمة سأدخل في صلب الموضوع وهو كيف يدخل اللصوص والفاسدين الجنة والفقراء لا يدخلونها بالمنظور القراني!
هناك الكثير من آيات المغفرة في القران هي “استغفر الله ان الله كان غفوراً رحيماً” وهذه الآية توضح ان الله غفور رحيم كما مذكور في النص ، وهناك أية مفصلية توضح ما يمكن ان يغفر الله له وهذه الآية ” إن الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضَل ضلالاً بعيدا ” وهذه الآية المفصلية يُبين ان الله يغفر ما دون الإشراك ” اي ان الله يغفر الزنى، القتل، السرقة، الفساد، الاٍرهاب، الاعتداء على ممتلكات الناس، خيانة الوطن، خيانة الأمانة وغير ذلك مما يخالف القوانين والاعراف “، وهنا يمكن ل الله ان يغفر لسارق الشعب العراقي من الطبقة السياسية من الاحزاب الاسلامية ومراجعها الدينية وغيرهم من الاحزاب واللصوص الذين دخلوا البرلمان كقطاع خاص، او تجمعات بمسميات مختلفة، يعني بصريح العبارة اذا الفاسد استلم رشوة او اشترك في عملية سرقة في النهار واستغفر ودعى الى الله في الليل فسيستجيب الله لدعوته ويستغفر له ذنوبه التي من دون الشرك بالله! وقد يدعي احدهم كيف بهذه السرعة يستجيب الله له ويغفر عن ذنوبه فهنا في الآية ١٨٦ من سورة البقرة توضح ذلك ” وإذا سألك عبادي عني فأني قريب اجيب دعوة الداع اذا دعانِ فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون “، هنا تكمن استمرارية الفساد والسرقة ما دام هناك صك غفران من الله، وهنا أيضاً نعيد السؤال الم يخلق الله هؤلاء وهو يعلم انهم يسرقون ويفسدون وبعد ذلك يستغفرونه ويغفر لهم ذنوبهم ام هو كلام ليس الا!!؟؟؟ وبعد كل السرقات والفساد وغفران الله لهم ، يقومون بالتصدق من بعض ما سرقوه كبطانيات ومدافيء او عزائم فطور من هذا المال المنهوب، ويحسب الله هذه الاعمال حسنات في دنياهم ليجزيهم في الآخرة أحسن جزاء، ففي سورة ال عمران الآية ٩٢ ” لن تنالوا البر حتى تُنفِقُوا مما تحبون وما تنفقون من شيء فان الله به عليم ” وأنهم يحجون بيت الله مرتين في السنة، ويصومون ويدعون الناس لعبادة الله ويكفرون من لا يستجيب لتعاليم القران والاحاديث النبوية ويلطمون للحسين وغير ذلك من مما يحبه الله ورسوله فإذن كل ذلك يؤدي الى ان اللصوص يسرقون ويفسدون ولكنهم يدخلون الجنة، ولكن يبقى السؤال ماهو مصير الفقراء المسروقين؟
ففي سورة البقرة الآية ٢٦ ” قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير انك على كل شيء قدير ” في هذه الآية وبصورة واضحة وجلية ان الله بمشيئته يغير الملك ويعز ويذل ، اي ان الفقير المعدوم حينما يُذَل من قبل الفاسد واللص فذلك مشيئة الله ولا رادة لمشيئة الله ، ولان الله خلقه ليذل ويهان في الدنيا وهو بكل شيء عليم ، ولكن هل اذلال الله للبعض في الدنيا يعني انه سيدخلهم الجنة في الآخرة؟ وهذا السؤال يمكننا الاجابة عليه.
ان الفقراء لا يملكون شيء ليتصدقوا به ليرضوا الله ، ولا يملكون المال ليحجوا بيته، ولكنهم يصلون ويصومون وهل الصلاة والصوم يكفي ليدخلوا الجنة؟ ففي سورة البقرة الآية ١١٠ ” وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وما تقدموا لانفسكم من خير تجدوه عند الله ” وهنا يفتقد الفقراء والمسروقين المال ليزكوا به، وهنا قد فقدوا ركناً اساسياً وهو الزكاة ، وبذلك خسروا ميزة اخرى من ميزات دخول الجنة بعد خسارتهم للحج ، ولكن الفقير دائماً يدعوا الله ان يعاقب الظالمين واللصوص والفاسدين، واللصوص والفاسدين كما ذكرنا قد نالوا مغفرة الله بعد دعوات الرحمة والمغفرة ، فهنا يضعون الفقراء أنفسهم في مواجهة مع الله ويضعون الله في موقف حرج فكيف سيستجيب للفقراء ويعاقب الفاسدين وقد غفر لهم، ودعاء الفقراء يعتبر معصية لامر الله ومن عصى الله سيدخل النار خالداً فيها ، ولذلك ولأمور كثيرة اخرى كحديث الفقير بسوء عن اللص واتهامه باللصوصية او الفساد وهو تاب الى الله وغفر الله له ذنوبه، وبذلك حديثه يكون في غير محله، او ان يقوم الفقير بالتملق للص والفاسد ليتصدقوا عليه بصدقة او فتات السرقات ويتحمل وزر السرقة التي استغفر الله للص والفاسد ولكن لم يغفره للفقير، او انه يكفر بالله ومشيئته الذي أوصله الى حالة الفقر والعوز والمذلة، ولهذه الأسباب وأسباب اخرى لا يمكن للفقير والمسروق دخول الجنة.

بهاء صبيح الفيلي
[email protected]
Skickat från min iPad

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here