نفوذ كتائب حزب الله يتعاظم في العراق .. توجه نحو إقصاء الضباط تحت يافطة «التجسس»

دخلت محاولات كتائب حزب الله العراقي إخضاع قيادات في الجيش مرحلة جديدة من الابتزاز والتشهير، بعد بث تسجيل لقائد عمليات الأنبار اللواء محمود الفلاحي واتهامه بالتجسس على فصائل الحشد، فيما عد مراقبون تلك المساعي أنها تهدف إلى إزاحة الفلاحي من رأس المنظومة الأمنية في محافظة الأنبار، لمعارضته تمدد الكتائب في المدينة.

ونشرت وسائل إعلام محلية تابعة لكتائب حزب الله أوما تُعرف بـ «فصائل المقاومة» تسجيلًا اتهمت فيه الفلاحي بالتنسيق مع الاستخبارات الأمريكية، وسفارة واشنطن في بغداد، بشأن مقاولات في منطقة الحبانية، وإحداثيات تتعلق بانتشار الميليشيات في محافظة الأنبار.

وبحسب المكالمة المنسوبة إلى الفلاحي وعنصر الاستخبارات، فإنّ الأخير طلب من الفلاحي إحداثيات عن انتشار الميليشيات في محافظة الأنبار عموماً، ليرد الفلاحي بأن مدينة القائم غرب المحافظة تضم فصائل مسلحة، مثل: حركة النجباء، وعصائب أهل الحق، وكتائب الإمام علي.

حزب الله يهدف إلى التمدد في الأنبار

وذكر نائب في البرلمان العراقي عن محافظة الأنبار أن «تلك المساعي مخطط لها منذ عدة أشهر، بعد معارضة الفلاحي تمدد نفوذ حزب الله في محافظة الأنبار، إذ أن تلك الفصائل تسعى إلى فرض نفوذ على المواطنين وتحويل المدينة إلى نينوى أخرى، إذ هناك الكثير من المشاريع الاستثمارية، والكومشينات، والمقاولات وغير ذلك، أما بقية الفصائل الأخرى فلها عدة مواقع ضمن هيئة الحشد الشعبي الرسمية».

وأضاف النائب الذي طلب عدم ذكر اسمه أن «ما نخشاه أن يستمر مسلسل استهداف القيادات الأمنية بتلك الطريقة المخزية، وفبركة أفلام وتسجيلات صوتية على أنها لهم، دون وجود إثبات حقيقي لها، ونحن مع محاسبة كل من تثبت عليه الخيانة، لكن أيضَا نطالب بمحاسبة أولئك الذين يتجسسون على هاتف الضابط الفلاحي للحصول على المعلومات، دون أن تتحرك الحكومة والسلطات المختصة لمحاسبتهم أو ملاحقتهم».

وتابع «الموقف المخجل كان لوزارة الدفاع التي استجابت على وجه السرعة لتلك المزاعم، وفتحت تحقيقًا عاجلًا بالقضية، وكان الأجدر بها أن تتريث لحين ظهور دلائل أولية لتبدأ بعدها بالتحقيق، وليس من أجل فبركة أو منشور يتم التحقيق مع الضباط المهنيين، فهذه إهانة للمؤسسة العسكرية الرسمية».

وأعلنت وزارة الدفاع العراقية، الجمعة، فتح تحقيق مع قائد عمليات الأنبار اللواء محمود الفلاحي، بعد نشر التسجيل المزعوم.

وبعد ظهور التسجيل الصوتي للواء محمود الفلاحي، تم فتح التحقيق الذي قال عنه بيان صادر عن وزارة الدفاع إنّه يأتي «للتعاطي مع ما يتم نشره في وسائل الإعلام وتدقيق المعلومات خدمة للصالح العام وإظهارًا الحقائق للحفاظ على أمن البلد».

اتهام ليس الأول

وسبق هذا التسريب بيان مطول من كتائب حزب الله انتقدت فيه بيان الحكومة العراقية بشأن هيكلة وضبط الحشد الشعبي، وطالبت بالقضاء على ما سمتها «الشبكات التجسسية» في البلاد.

وذكر بيان صدر عن الكتائب قبل يومين أنه «تقع على الحكومة مسؤولية منع نشاط المجاميع المسلحة الأجنبية في العراق كمنظمة الـ (PKK) وغيرها، ومنع الشبكات التجسسية المرتبطة بالسفارات، وعلى رأسها السفارة الأمريكية، ومحاسبة بعض كبار الضباط العراقيين في حال الارتباط والتخابر معها، لِمَا يشكله ذلك من خطر على أمن العراقيين».

ورأى مراقبون للشأن العراقي أن مرحلة جديدة بدأت بين القوات النظامية كالجيش والشرطة وبعض الفصائل غير التابعة لهيئة الحشد الشعبي، أو تابعة لها لكن من تحت الطاولة، إذ تسعى تلك الجهات على الدوام إلى تشويه سمعة المؤسسة الأمنية العراقية التي وإن كانت (مخترقة) لكنها أفضل من الفصائل المسلحة المتناثرة التي لا يُعرف لغاية الآن تتبع لمن، والجهة التي تقف وراءها.

ويرى المحلل السياسي رافد جبوري، أن ما حصل يمثل «تطورًا لافتًا للانتباه، والمواجهات في العراق مقبلة على تطورات أكثر».

وقال جبوري في تعليق على تطورات الأحداث إن «اتهام إعلام الحشد الشعبي (المقاومة) لقائد عمليات الأنبار محمود الفلاحي بالتعاون مع وكالة المخابرات الأمريكية CIA في مؤامرة مفترضة لاستهداف الحشد الشعبي تطور لافت للانتباه، ولم يصدر سابقًا اتهام على هذا المستوى، وبهذا التفصيل من الحشد الشعبي ضد القوات المسلحة العراقية، وهذا هو الاتهام الأكثر مباشرة، والأعلى من حيث المستوى».

تعاظم نفوذ حزب الله

وبحسب مصدر مطلع على كواليس تحركات كتائب حزب الله فإنها تهدف إلى تحقيق جملة من المكاسب جرّاء ذلك، فهي تسعى إلى بسط نفوذ أوسع في المحافظات الغربية، لتحصيل المزيد من الأموال في ظل تضييق الولايات المتحدة على الحكومة بشأنها، وكذلك بعد التوتر بين واشنطن وطهران، إذ كانت تلك الفصائل تستمد قوتها من إيران، لكنها اليوم أعطيت الضوء الأخضر للاعتماد على نفسها في التمويل».

وأضاف المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه في حديث لـ (باسنيوز)، أن «أبو مهدي المهندس هو القائد الفعلي لتلك الفصائل، لكنه غير قادر على تمويلها بالشكل المطلوب، لذلك اعتمدوا أساليب جديدة عمادها المحافظات الغربية، المقبلة على عمليات إعادة إعمار، فضلًا عن التمدد في مناطق لا تعتبر نفوذًا لهم، بسبب التباين المذهبي».

وبرزت كتائب حزب الله خلال الفترة الماضية بشكل لافت على الساحة العراقية، إذ وُجهت إليها اتهامات بقصف المنطقة الخضراء، ومواقع أخرى مشتركة للقوات الأميركية والعراقية، فضلاً عن تهديد رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، وزعيم تحالف القرار أسامة النجيفي، وإصدار بيانات مناوئة بشكل واضح لإجراءت الحكومة.

وبحسب المحلل السياسي عماد محمد فإن «الساحة العراقية مقبلة على تطورات كبيرة خلال الفترة الماضية، وسنكون ميدانًا لأول معركة، إذ أن انعكاسات التوتر الأميركي – الإيراني على العراق ظاهرة للعيان، وما نشهده من ممارسات تقوم بها المليشيات فهي انعكاس واضح لتلك السياسية، وعلى عبدالمهدي أخذ الضوء الأخضر من القيادات والزعامات السياسية في البلاد، لبدء صولة واسعة على تلك الفصائل وإنهاء أمرها».

وأضاف محمد في تصريح أن «نفوذ حزب الله بالفعل تعاظم بشكل كبير خلال الفترة الماضية، وبدأ بإثبات نفسه على الساحة العراقية كقوة رئيسية تؤثر في مسار الأحداث، خاصة وأنه مدعوم من حزب الله اللبناني، ولديه ماكينة إعلامية كبيرة على الساحة».

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here