القادم .. لمن يحتسب العواقب

محمد علي مزهر شعبان

بعد حرب الناقلات، وتوتر الاوضاع يوشك لسان الحرب أن يعلن رفع أوزارها الى حيث الاحتدام . قُدم الطعم الى ايران بمبادرة بريطانيا، باحتجاز ناقلة النفط الايرانية لاختبار ردة الفعل عند الاخر، فبُلع الطعم ومن رماه، حين جاء الرد بأقسى مما تتوقع إمبراطورية الشموس، باحتجاز ناقلة المليوني برميل، ومهما قدمت من تبريرات من طهران سواء اصطدامها بسفينة صيد او خروجها عن قواعد المسير، واطفاء اجهزتها اللاسلكيه، ونداءها للفرقاطة البريطانية . انها ردت فعل شرطيه مهما اختلفت التبريرات، وفق منظور… الباديء أظلم … السؤال هل قرأ دعاة الحرب تجربة الصاروخ الاول بعد حرب التغريدات، حين أسقطت إيران الطائرة غلوبال سيدة الاجواء للتجسس ؟ ألم تكن تلك الحادثة تدعو للتوقف، لقراءة ردود الافعال ؟ المؤشرات تدل على ان عالم اباطرة الحرب لازالوا يعيشون عقلية القرن التاسع عشر والعشرين، بان الرعب من ” الطناطل ” لازال ساري المفعول، وان تكالب البوارج والاساطيل وحاملات الطائرات، يدخل الرهبة او يثير الفتنة عند الشعوب التي لم ترضخ للذل . السجل التاريخي يؤكد ان امريكا لم تنتصر في معركة، إلا بالاذرع والادوات المسخرة والمؤمرات . الشعوب الذكية تقرأ السجل التاريخي لفيتنام وفنزويلا وتشيلي وباكستان وكثير مما يكن العداء لسطوة الكابوي الامريكي . تجربة كوريا الشمالية في معادلة التكافؤ ” خذ وهات ” مؤشر يجب التوقف قصاده . صناع القرار او ما يسمى الفريق “ب” من بولتون وبومبيدو ونتنياهو، والتابع الذيل العجوز بريطانيا، والاشبال مثل ابن سلمان وابن زايد، كانوا في يقين مطلق أنهم في سياحة، اخذت على عاتقها ان تضع ايران في زاوية ضيقه، في بوادر هي قمة القهر الانساني في تجويع الشعوب وحصارها، في قوائم المنع، ثم جهزت ادوات القتل والدمار لتغلف ذلك الحصار. إيران وهي تمضي في عدم تهيبها بالسطوة الامريكية والاسرائيلية، مضت قدما بدعم الشعوب عدة وعددا وتسليحا، في خط دفع لم يتوقف رغم كل التهديدات . فكانت روسيا وطهران الرافدان اللذان دحرا كل مخطط لتمزيق سوريا، والدعم المنقطع النظير للحشد الشعبي الذي اسقط ورقة داعش الامريكية الصنع، وجعلت من اليمن من حالة دفاع وموت وخراب، الى أفق اخر، في ان تضرب عمق المعتدي السعودي داخل اراضيه، جعل من أمراء الحرب يتوسمون توقف القتال في المحافل الدولية . وما ترتب من ردود في اسقاط صفقة القرن وفشلها .

من هنا بدأت حركة جس النبض في طبيعة ما ستؤول اليه، عواقب مقدمات السطو، او مدً خراطيم النار فجاء الرد وكأنه اللطمة التي تاهت بها الالسن في تعليقاتها من الاستعلاء الى الاسترخاء . اجتمع مجلس الحرب البريطاني ليعلن على لسان وزير خارجيتهم، بأنهم لا يريدوا التوسعة في التوتروتخوف اوربا مما ستؤول اليه الامور من مخاوف لايحمد عقباها .

الامر لم ينتهي الى حد القناعة بأن لا حرب، لان ما يخفى في خوالج تلك الامبراطوريات، هو الانهيار في حالة تقبل الامر الواقع، وايران تدرك منذ 1979 بأن العداء الامريكي أضحى منذ كارتر وريغان وبوش الكبير وكلنتون وبوش الابن واوباما، مارسوا ما استطاعوا اليه في عدوانية ومنع وعقوبات، لكنها صمدت . لست بصدد الترجيح فامريكا وحلفاءها ترسانة تضج بها الدنيا، ولكن هناك سلاح أقوى ممن يمخر في البحار، ويغطي السماء، ويملأ الارض، هو سلاح العقيدة وثبات الموقف، والايثار بالغالي والنفيس في أن يبقى الانسان حرا، يسجل للتاريخ كما سجل الحسين في موقف الاباء وزينب بنت علي، وزيد بن علي، وهوشي منه، وجان دارك، وجميلة بوحيرد، وليلى محاديلي ومن تسلق أصلاب المشانق من يساري العراق، ورجال الدعوة الاوائل وووو . القادم قدم مقدماته، والاتي لمن يحتسب العواقب .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here