الطارمية تحاجج الحكومة: ارفعوا تهمة الدعشنة ما دام القضاء خالياً من المسلحين

بغداد/ وائل نعمة

يفترض ان تنهي الحملة العسكرية المنفذة في شمال بغداد والتي تقترب من الحسم وصمة الإرهاب التي لاحقت سكان قضاء الطارمية منذ 5 سنوات.

وفشلت اكثر من 20 عملية عسكرية (مداهمات وحملات كبيرة) خلال ذلك الوقت في وضع حد للتوترات الامنية في المنطقة. وتوصل المسؤولون وعشائر القضاء في حزيران الماضي، الى اتفاق من المفترض ان يكون نهائيا مع الحكومة لانهاء صفة “الدعشنة” التي التصقت بالاهالي، عبر شن عملية تطهير واسعة ودقيقة للتأكد من خلو المنطقة من أي نشاط مسلح.

وشهدت الطارمية، نحو 20 كم شمال العاصمة، حوادث نادرة خلال السنوات الماضية، كما لم يخل الأمر في القضاء من بعض الأفعال الاستفزازية التي تقوم بها عناصر أمنية، بحسب ما يقول مسؤولون وسكان في القضاء، حيث سجلت اعتداءات لفظية على الأهالي.

وفي نيسان 2017 كانت قيادة عمليات بغداد قد نفذت عملية عسكرية في القضاء اطلق عليها اسم “السيل الجارف”. وبعد تدقيق السكان وجمع الاعتدة واعتقال المطلوبين، أطلقت لقب “المدينة الآمنة” على القضاء، في إشارة الى زوال الخطر فيها. لكنّ الحوادث الأمنية لم تتوقف، واستمرت القوات الأمنية بالمداهمات، حتى بلغ الأمر ذروته في تموز من العام نفسه، حين قصفت طائرات مواقع داخل القضاء، وأسفر القصف عن مقتل مدنيين، على خلاف الرواية الحكومة التي اكدت استهداف مسلحين.

وكانت القوات قبل ذلك الحادث بأسبوعين، قد قتلت انتحاريين اثنين يرتديان حزامين ناسفين، قبل تمكنهما من استهداف تجمعات للمواطنين في مركز القضاء. ومع انحسار قدرة داعش بعد اعلان العراق القضاء على التنظيم بشكل كامل نهاية 2017، فجرت امرأة في شباط 2018، نفسها بعد محاصرتها في مدرسة، كما كادت الاوضاع ان تشتعل في القضاء قبل شهر حين اطلق مجهولون الرصاص على دورية للجيش اسفرت عن مقتل وجرح 8 جنود.

وعادت بعد الحادث الأخير الاتهامات ضد السكان بالارتباط بـ”داعش”، فيما قال مسؤولون ان الخرق الامني كان بسبب خلاف بين قوتين عسكريتين تعملان على امن الطارمية، وان الرصاص الذي وجه للدورية كان من “نيران صديقة”.

وبحسب مسؤولين في القضاء، ان وصمة الانتماء الى التنظيم المتطرف التي طالت السكان، تسببت بمنع انتماء العديد من ابناء الطارمية الى سلك القوات الامنية، او تسليح العشائر ضد “داعش” او تشكيل فوج من المحليين ضمن الشرطة او الحشد الشعبي.

وحلاً للنزاع توصلت الحكومة والوجهاء في الطارمية الى تنفيذ حملة عسكرية “حاسمة” لوضع حد للاتهامات والسيطرة على الاوضاع الامنية بحسب ما كان يرد من تقارير القيادات العسكرية والذي كانت العشائر تفنده.

توصيات عبد المهدي

واهتم رئيس الوزراء عادل عبد المهدي بشكل كبير بوضع الطارمية لحساسية المنطقة إذ قام بنفسه بزيارة القضاء السبت الماضي، للاشراف على اطلاق العملية العسكرية (النسخة الجديدة من حملة إرادة النصر العسكرية)، برفقة وزير الدفاع نجاح الشمري ونائب رئيس هيئة الحشد ابو مهدي المهندس.

وأعلنت قيادة العمليات المشتركة، فجر ذلك اليوم، أن العملية تهدف إلى تعزيز الأمن والاستقرار في مناطق شمالي بغداد والمناطق المحيطة بمحافظات ديالى وصلاح الدين والأنبار، بمشاركة قطعات من قيادة عمليات بغداد مع قطعات قيادة عمليات ديالى وسامراء والأنبار، وقيادة الشرطة الاتحادية وفرقة الرد السريع وقطعات من الفرقة المدرعة التاسعة، وقطعات من الحشد الشعبي وفوج القوات الخاصة دائرة العمليات التابع لرئاسة أركان الجيش وفوج المهمات الخاصة التابع لمديرية الاستخبارات العسكرية، بدعم جوي من القوة الجوية وطيران الجيش والتحالف الدولي، فضلًا عن مفارز من رجال المرور والجنسية والشرطة النهرية.

فيما كشف بيان حكومي في ذلك اليوم ايضا، أن رئيس مجلس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة وجه “القطعات العسكرية كافة بأداء واجبها بمهنية عالية وبإسناد وتعاون كاملين من المواطنين وأبناء العشائر والوجهاء وأهالي المناطق التي تشملها العملية العسكرية”.

وقال رزاق الفراجي، زعيم اكبر العشائر في الطارمية في اتصال مع (المدى) امس، ان “العملية العسكرية انتقلت من بيت الى آخر وفتشت كل شبر في القضاء”، مؤكدا عدم العثور على اي مسلح خلال تطهير مركز القضاء ومنطقة المشاهدة التابعة له.

ويؤكد الزعيم العشائري ان العملية العسكرية وصلت الآن الى منطقة العبايجي، وهي آخر منطقة تقريبا في القضاء، مشيدا بـ”مهنية القوات الامنية وتعاون الاهالي مع القطعات العسكرية والترحيب بهم”.

لغز “الهورة”

وكانت شكوك تدور في المدينة بوجود بقعة مجهولة، تسمى “الهورة”، وهي مستقنع مائي تحيطه أحراش كثيفة، يختفي داخلها المطلوبون. وسرت إشاعات حول ذلك المكان بأنه “خط أحمر” لا يمكن التقرب منه لأسباب سياسية!. يقول رزاق الفراجي، ان من كان يختبئ في تلك البقعة هم من خارج الطارمية وهربوا قبل فترة طويلة، مضيفا ان القوات العسكرية طهرت “الهورة الآن”، وينبغي بعد كل تلك العمليات ان “تطمئن القوات الامنية الى الاوضاع في الطارمية”.

لكن سعد المطلبي وهو عضو اللجنة الامنية في مجلس محافظة بغداد، يقول لـ(المدى) ان “العمليات العسكرية لا تنهي الارهاب والطارمية لن تهدأ مادام الفكر التكفيري موجودا”.

ويعتقد المسؤول المحلي ان ما في الطارمية هو عبارة عن تحالف بين البعثية والوهابية وهم يقومون بارباك الامن في القضاء، فيما يبرر عدم العثور على مسلحين بـ”هروبهم قبل بدء الحملة التي صارت لها دعاية كبيرة قبل انطلاقها وسمع بها الجميع”.

ويقول المطلبي وهو عضو في دولة القانون، تعليقا على الحملة العسكرية الاخيرة بانها “لا تختلف عن سابقاتها وهي معالجة لبعض الاهداف ولن تكون هناك اي تغييرات في القطعات الماسكة للأرض”.

لكن رزاق الفراجي يقول انه ربما يتم استبدال قوات الجيش في الطارمية، عقب الحملة العسكرية الاخيرة، بقطعات من الشرطة الاتحادية، مشيرا الى وجود حوارات مع الحكومة لانشاء حشد من سكان القضاء.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here