الشعب يريد حاكماً احمق!

ساهر عريبي
[email protected]

توالت ردود الفعل في منطقة الشرق الأوسط إزاء فوز بوريس جونسون بزعامة حزب المحافظين وبرئاسة الحكومة البريطانية خلفا لرئيسة الوزراء المستقيلة تيريزا ماي. وضجت وسائل التواصل الإجتماعي بوصف جونسون ب“الأحمق“ و“الخبل“ الذي إنضم الى ”أحمق“ آخر هو الرئيس الأمريكي دونالد ترامب! ويبدو أن هذا الوصف أطلق على الإثنين نظرا لأن سلوكهما فيه صراحة وعفوية وغرابة لم يعتد عليها حكام المشرق.

ولكن هل حقا إنهما أحمقان؟ بداية لابد من معرفة معنى كلمة أحمق لغويا, فعند العودة الى قواميس اللغة العربية فإنها تعرّف الأحمق بأنه ”قليل العقل“. وقد ورد عن الإمام علي ابن أبي طالب – عليه السلام- قوله ”يابني إياك ومصاحبة الأحمق, فإنه يريد أن ينفعك فيضرك“. فهل ينطبق هذا التعريف على ترامب وجونسون؟ ولنبدأ بترامب ونطبق عليه هذه القاعدة اللغوية فهل إنه قليل العقل؟ ولمعرفة الجواب فلابد من العودة الى سيرته في الحكم طوال السنوات الثلاث الماضية لنعرف إن كان قليل عقل ام إنه من أشد الحكام ذكاءا!

فبعد مرور عامين على جلوسه في المكتب البيضاوي, نجح ترامب في أن يبرم صفقات مع السعودية بقيمة 460 مليار دولار جلبها لخزينة الولايات المتحدة, وأما سوق الأسهم الأمريكية فقد زادت بمقدار 7 مليارات دولار في فترة حكمه، ومنذ انتخابه تم توفير قرابة 2.4 مليون وظيفة والرقم يزداد بشكل كبير، ويترافق ذلك مع تراجع معدلات البطالة, فياله من احمق يرفع شعار امريكا اولا وآخرا ولا يبيع وطنه لكل من هبّ ودبّ!

وأما بالنسبة لجونسون رئيس وزراء المملكة المتحدة الحالي الذي بدأ حياته المهنية كصحفي, فقد كانت أهم إنجازاته خلال توليه لمنصب عمدة لندن منذ العام 2008 فهو إنجاح دورة الألعاب الأولمبية التي احتضنتها لندن عام 2012 , إذ قام قبل بدء الألعاب بتحسين وسائل النقل العام حول المدينة من خلال إتاحة عدد أكبر من التذاكر وإدراج عدد أكبر من الباصات حول العاصمة من أجل تسهيل النقل على الاف الزائرين الذين قدموا لمشاهدة الألعاب الأولمبية.

واما إنجازه الآخر ونظرا لكونه سائق دراجة بنفسه فقد قدم مشروعا للدراجات العامة باسم Boris Bikes لينال المشروع ترحيبا كبيرا, بعد ان ساهم في خفض مستويات التلوث في المدينة وفي تشجيع المواطنين على ممارسة الرياضة. كما وكانت إحدى أولى سياساته هي منع شرب الكحول في المواصلات العامة. واما بعد تكليفه اليوم الأربعاء بمهمة تشكيل الحكومة فقد اعلن عن اسماء أعضاءها بعد مرور ساعة واحدة فقط على تكليفه.

فهل ينطبق عليهما وصف الأحمق او تداعياته؟ مما لاشك فيه أن لا احد يعتقد بذلك إلا من هو فعلا احمق! ولو سلمنا جدلا بانهما احمقان كما يدعي البعض, فماذا نسمي حكام العراق طوال ال 16 عاما الماضية ممن اهدروا ألف مليار دولار من اموال الشعب؟ وماذا نسمي من يعجز عن تشكيل الحكومة بعد مرور أشهر او بعد مرور أربعة سنوات من حكمه وكما حصل في حكومة المالكي الثانية التي ظل فيها منصبي الدفاع والداخلية شاغرين وحتى انتهاء عمرها؟

وماذا نسمي أمين العاصمة السابق عبعوب الذي عجز عن حل مشكلة الفيضانات في بغداد مدعيا ان صخرة كبيرة أغلقت المجاري؟ وكيف نفسر ارتفاع أسهم مؤشر ”نهقاي“ في بغداد لكثرة ”الحمير“ التي تولت درجات خاصة ورتب عسكرية وامنية؟ ولو أردنا ان نعقد المقارنات فنحن بحاجة الى كتب وليست مقالة قصيرة. فإن كان حكامنا عقلاء برغم هذا الواقع الذي نعيشه فليسقط الحكام ”العقلاء“ فالشعب يريد اليوم حاكما أحمقاً أمثال ترامب وجونسون , وليذهب حكامه ”العقلاء“ الى مزبلة التاريخ لأنهم في الواقع حمقى القرن الحادي والعشرين!

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here