الشفاعة هل هي حقيقة ام خرافة؟

الشفاعة بالصيغة المتداولة عليها، هي الوساطة بين ذو حاجة والقادر على تلبية الحاجة، ولكن قبل كل شيء علينا ان ندرك ان اللغة تطورت مع الزمن، ولكن معاني الكلمات واستخداماتها ظلت على ماهيتها في الغالب، فالشفاعة ذكرت في القران في مواقع عديدة وبعدة معاني، وهنا اود ان اتحدث عن معنى الشفاعة بصيغتها المتداولة وسرد تاريخي بسيط عنها :

ففكرة الشفاعة في الأديان قديمة، ففي الحضارات القديمة كان الكهنة شفعاء او وسطاء بين الناس وألهتهم ، وعند اليَهُود كان الأنبياء او فكرة الأنبياء هي نوع من الوساطة بينهم وبين اللهيم او ياهوا او لنقل ألههم او الله، حيث وجدوا من كل من كان متخلفاً عقلياً او في عقله خلل او بصورة ما يهذي بكلام غريب ضالتهم واعتبروه وسيطاً مع الله وشفيعاً لهم عنده، ففكرة الانبياء عند اليهود كما عند المسيحية والإسلام وسطاء بين الناس والله، فعيسى او اليسوع شفع للناس شرط الاعتراف به كإله، وكذلك استعاضت المسيحية عن الأنبياء بالقديسين وأصبح القديس هو الشفيع او الوسيط مَع الله، وكذلك المسلمين قد وجدوا بالنبي وال بيته شفعاء لهم عند الله، وايضاً بما يُسمون الصالحين وَمِمَّا يسموا بذوي الكرامات وسائط لهم عند الله، وأود ان أتطرق الى مسألة الشفاعة في الاسلام والتي تحدث الكثيرون عنها، وهناك من كان معها ومن كان ضدها، فالشفاعة تعني التوسط بين صاحب حاجة والقادر على الاستجابة لذو الحاجة كما ذكرت في بداية مقالي، فيعني اذا أراد شخص ان يتعين في وظيفة ما وليس لديه مؤهلات كافية يستعين بشخص ما يعرف المدير ويتوسط له لديه ليتغاضى عن المؤهلات ويحصل على الوظيفة، وهنا المدير لا يعرف طالب الوظيفة بل يعرف الوسيط او الشفيع ، والآن نستعرض بَعْض ورود واستخدامات كلمة الشفيع والشفاعة في القران، ففي الآية ٨٦ في سورة الزخرف يعطي مفهوم انه هناك شفاعة ولكن الشفيع مبهم اي لم يسمى سوى من شهد بالحق، ” ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة الا من شهد بالحق وهم يعلمون ” واما في سورة طه الآية ١٠٩ فهناك شفيع يأذن له الله او يوكله هذه المهمة ولكن دون تسميته أيضاً ” يومئذ لا تنفع الشفاعة الا من اذن له الرحمن ورضي له قولاً ” وفي سورة مريم ” لا يملكون الشفاعة الا من اتخذ عند الرحمن عهداً “، وهناك آيات اخرى أيضاً تدعم فكرة الشفاعة بصورة لا تقبل الشك والتأويل كما ذكرته في تعريف مصطلح او كلمة الشفيع او الشفاعة، ولكن هل فكرة الشفاعة مستساغة عقلياً، يعني اذا شفع نبي او ولي او امام او كائن من كان لشخص يوم القيامة عند الله، ويغفر له الله بعض او كل ذنوبه، فهل ذلك من العقل بشيء؟ وهنا نعود الى فرضية علم الله بكل شيء، فإذا كان الله يعلم ما فعله المذنب، ويعلم ان هناك من يشفع له وانه سيقبل الشفاعة، فما فائدة الثواب والعقاب!؟ واما انه لا يعلم ويطلب من الأنبياء والأولياء تزكية اتباعهم، أليس ذلك استغباء وانكار للعقل؟ ام له تفسير آخر؟ وهنا اود ان أقول ان ماهية الآيات وتفسيرها ترك للمفسرين الذين يفسرون القران ولان القران لم يكن له تفسير واحد ولانه حمال أوجه كما يقال عن لسان علي بن ابي طالب صهر وابن عّم النبي محمد، اي يمكن تفسيره حسب القاريء، ولأنه لم يكن مفهوماً بشكل تام من قبل اصحاب محمد، وإختلفوا على التفاسير فاقتتلوا وتقاتلوا فيما بينهم ، ونحن عندما نرى ان النص يخالف العقل فلابد انه هناك خلل ما!! وهذا الخلل يحاول بياعي الخرافة إخفائه ، ويروجون لفكرة الشفاعة بالرغم من مخالفته للعقل وهم يعلمون ذلك، فالشفاعة مورد يدر عليهم أرزاقهم وكما يدعون انه من عند الله، وكما مذكور في القران، ولكن هل يمكن ان يقنعنا ذلك؟ فهل يمكن ان يقنعنا فكرة الشفاعة كما أقنعت العرب قبل الف واربعمائة سنة؟ ولكننا مع كل ذلك ندور وندور ونتوقف عند بائعي الخرافة من رجال الدين والاحزاب الاسلامية التي امتهنت الاسلام كمهنة، وصاروا وكلاء الله، ويسعون لإقامة دولة تطبق فيها التعاليم الاسلامية، وبما ان التعاليم الاسلامية مستمدة من القران، والقران الذي هو حمال أوجه من عند الله، فلابد ان تكون الدولة دولة الله حمالة أوجه أيضاً، ولكن بداخلنا سؤال يحيرنا وهو لما الله يدور كل هذه الدورة؟ ولما لا يقيم دولته ذو وجه واحد بنفسه وينهي كل هذا اللف والدوران من الأساس.
بهاء صبيح الفيلي
[email protected]

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here