إلى انظار السيد نوري المالكي

ساهر عريبي
[email protected]

أثار الحفل الإفتتاحي لدورة ألعاب غرب آسيا لكرة القدم, الذي أقيم قبل أيام في مدينة كربلاء, موجة من الجدل في العراق حتى أصبح قضية رأي عام. لكن القوى السياسية التزمت الصمت عن التعليق على الحدث, الذي اريد له(الدورة) أن يكون بارقة أمل لعودة العراق الى وضعه الطبيعي وبدء مرحلة جديدة فيه بعد النصر الكبير الذي تحقق على قوى الإرهاب والظلام.

ولم يشذ عن ذلك سوى الحاج نوري المالكي, امين عام حزب الدعوة الإسلامية وزعيم إئتلاف دولة القانون الذي يمتلك 25 مقعدا في البرلمان الحالي. إذ أصدر بيانا أدان فيه واستنكر بشدة ما وصفه ب ”حفل موسيقي راقص“ معتبرا إياه ” تجاوزا على حرمة المدينة وهتكاً لقدسية“ كربلاء, مطالبا الحكومة بفتح تحقيق عاجل لمحاسبة المقصرين ومن يقف خلف هذا التجاوز الفاضح على حرمة المدينة المقدسة بحسب البيان.

إلا أن ما يؤخذ على هذا البيان انه أثار قدسية المكان بشكل متأخر! وبعد وقوع الفأس بالراس كما يقول المثل الشعبي. فالحديث عن قدسية كربلاء لا ينبغي أن يجري اليوم وبعد وقوع الحدث, بل كان من الأولى أخذ هذه القدسية بالحسبان عند إطلاق المشاريع في المدينة ومنها مشروع الملعب الرياضي الذي أقرته الحكومة. فالملاعب الرياضية والدولية منها, تستضيف بطولات عالمية لا تخلو من مثل هذه الإحتفالات التي يتخللها النشيد الوطني وبعض الرقصات الفولكلورية.

ولذا فيفترض بالحكومة عدم إقرار مثل هذه المشاريع في كربلاء إحتراما لقدسيتها وخصوصيتها, ولا بد من تنظيم ذلك بتشريع قانوني يلزمها بذلك, وعدم ترك هذا الموضوع خاضعا لمزاجها او لمصالح اطرافها. فتارة توافق حكومة على مشروع بناء ملعب رياضي وتارة أخرى ترفض إقامة مدينة سياحية على ضفاف بحيرة الرزازة بكربلاء باعتباره ينتهك قدسية المدينة.

وهنا تقع المسؤولية على عاتق السيد المالكي باعتباره أدان الحفل ”الراقص“ لتقديم مثل هذا المشروع للبرلمان وتحديد الأماكن المقدسة التي يحظر فيها إقامة مثل هذه المشاريع. إذ لا يعقل ان تترك هذه القضية لإجتهادات المسؤولين والسياسيين, فيقام مثلا حفل غنائي للمطربة مادلين طبر في بغداد تحت رعاية دولة رئيس الوزراء نوري المالكي, ويدان حفل رياضي في كربلاء!, مع أن بغداد تضم رفات الإمامين اللذين سجي جثمان احدهما وهو الإمام الكاظم على الجسر ببغداد.

وإني أقر بان تمرير هذا التشريع ليس سهلا يسيرا بل سيخضع للمحاصصة في مجلس النواب, إذ ستطالب القوى السياسية السنية بإضافة مرقدي الإمام الأعظم وعبدالقادر الكيلاني الى قائمة الأماكن المقدسة, وسيضيف الأيزديون معبد لالش, والمسيحيون دار متي وكذلك قبر النبي يونس في الموصل, لتصبح مدينة مقدسة, وكذلك مدينة الحلة حيث يقع قبر ذي الكفل والعمارة حيث الشيخين علي الغربي وعلي الشرقي وواسط حيث قبر سعيد بن جبير والبصرة حيث خطوة الإمام علي وقبر الزبير بن العوام. وسامراء حيث قبر الإمامين العسكريين ناهيك عن النجف الأشرف وباختصار فإن أرض العراق كلها مقدّسة!

ولذا فيفترض تشريع مثل هذا القانون الذي يحضر إقامة المشاريع ذات الأهداف ” المزدوجة“ في كافة المحافظات العراقية او حصرها في محافظة واحدة أو اثنتين قد لا تمتلكان صفة القدسية. فإن مثل هذا التشريع ينهي الجدال الذي يقع عقب كل حدث مثير للجدل, ويوجه انظار الرأي العام نحو قضايا مصيرية وهامة, مثل, نسبة رسوب الطلبة في إمتحانات السادس الإعدادي والتي بلغت مستوى 75% , فمثل هذه النسبة الكارثية تستدعي ردة فعل قوية من الحكومة ومن القوى السياسية ومن النخب, لا ان تمر مرور الكرام إلا إذا كان العلم يقع في آخر سلم إهتمامات المتصدين, إن أحسنا الظن ولم نقل انهم يرسخون التخلف والجهل لإنه يديم حكمهم المنخور!

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here