الفساد يعتري طباعة المناهج الدراسية في العراق: مؤلفون كثر وأخطاء أكثر

في خضم «الحرب» التي يشنها رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي ضد الفساد واستشرائه في مؤسسات الدولة العراقية شبه المنهارة، فتح البرلمان موضوعًا شائكا يخص تأليف المنهاج الدراسي وطباعته.

ورغم الشكاوى التي قدمت والتصاريح الصحفية لأعضاء في مجلس النواب بشأن هدر الأموال في عملية طباعة الكتب الدراسية خلال الأعوام الماضية، إلا أن الموضوع لم ينل اهتمام المسؤولين في الحكومة، ولم يحظَ بتحقيق شكلي على أقل تقدير.

وذكر عضو لجنة التربية النيابية رعد المكصوصي، أن «تكرار الأخطاء في طباعة المناهج الدراسية أمرٌ مقصود لضمان إعادة الطباع لاحقًا»، مستهجنًا ومنتقدًا «سهو» المؤلفين والمدققين في نسبهم مثلاً شعبياً إلى النبي محمد (ص) ووصفه بالحديث، في أحد كتب الدراسة الابتدائية.

وأعلن المكصوصي في تصريح صحفي، عزم لجنته متابعة «التحديات والمشاكل المتراكمة» في وزارة التربية من الفترات السابقة خلال الفصل التشريعي المقبل، من بينها «الأخطاء العلمية التي تقع بكثرة في المناهج الدراسية والأسباب الغامضة الذي تؤدي إلى طباعة كتب بمليارات الدنانير بدون تدقيق سليم».

وتابع المكصوصي بالقول، إن «آلية كتابة وطباعة المناهج الدراسية باتت على أساس تجاري وليس على أسس علمية، وصارت تطبع في أماكن محددة للحصول على الأموال».

مؤلفون كثر وأخطاء أكثر

ويجتمع على تأليف الكتاب الواحد في جميع المراحل الدراسة نحو 10 مؤلفين مختصين ولهم خبرة واسعة في تخصصهم وفي مجال التأليف والتعليم، كما ينتقل الكتاب بعد تأليفه إلى مرحلة التدقيق حيث يخضع للفحص والمراجعة بواسطة عدد من المدققين. ويأخذ كل فرد من المؤلفين والمدققين مبلغا قدره 7 ملايين دينار أجرة الكتابة والمراجعة.

مع ذلك، لم تخلُ المناهج الدراسية من الأخطاء الكثيرة والفادحة، فالمثل الشعبي القائل: «من علمني حرفا كنت له عبداً»، ذكر في أحد كتب المنهاج على أنه حديث نبوي. وسابقاً، كان إعلان وجود أكثر من 50 خطأ علمي في كتاب الرياضيات للصف الثالث المتوسط قد أثار ضجة على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث انتقد تربويون تدهور مستوى المنهج العراقي والحال الذي وصل إليه.

تتبع النواب لطباعة الكتب لم يصل إلى الأخطاء فقط، بل تعدى إلى المطابع التي تتعاقد معها الوزارة في داخل العراق وخارجه. فوزارة التربية تعتمد على مطابع في لبنان والأردن لتصميم وطباعة بعض الكتب المنهجية.

مصادر مطلعة في وزارة التربية ذكرت أن «عملية طباعة الكتب الدراسية يسيطر عليها رجال أعمال متنفذين ويمولون بأرباحها بعض الأحزاب السياسية»، مضيفة أن «سعر طباعة الكتاب الواحد يفوق سعر طباعته في العراق بأربعة أضعاف أو خمسة في العادة، وهو ما يحقق للشركات الطابعة نسبة أرباح تفوق 70%».

من جهة أخرى، قال عضو السابق في مجلس النواب رحيم الدراجي إن «عملية توزيع الكتب على المدارس تشوبها الفساد أيضًا»، مضيفاً أن «المسؤولين المعنيين بعمليات التوزيع يعمدون إلى تأخر وصول الكتب إلى المدارس والإبقاء عليها في المخازن، ثم بيع هذه الكتب في الأسواق السوداء بحجة أنها تعرضت للتلف».

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here