ماذا تعني الضجة المفتعلة حول الإحتفال بكربلاء ؟

لم يسعفني الحظ رؤية الإحتفال عبر التلفاز ، ولكني سمعت به وشدني إليه تلك النقلة وتلك الحركة ، في تدعيم الثقافة وتنمية الإنسان العراقي ، وشعرت إن في العراق جيل من المواطنين يهمهم تدعيم الثقافة وتنمية الحياة وتطويرها ، ولم أصغ بالاً لأدعياء الدين من المنافقين والدجالين وآكلي السحت ، من مفرقي الكلم أعوان الشيطان من رجال دين وبعض النفعيين .

لكني صدمت من البعض الذين كنت أظن أن فيهم خيراً كثيرا ، كنت ظاناً بهم إنهم ممن يريدون الخير والسلام والتطور ، بعيداً عن النفعية وركوب الموجات ، أو التأثير على بعض البشر ممن لا يحسنون القراءة ولا الكتابة ، وقد خاب ظني وعلمت ان كل المشتغلين انما يقومون ويفعلون حسب ما تدر به عليهم من مصالح ومعاش ، وتذكرت حينها قول الإمام الحسين ( إنما الدين لعق على ألسنتهم ) .

وحمدت الله حين زادني فيهم بصيرة أو إنه زادني فيهم بصيرة ، خاصةً وبعض البعض من المنتفضين يعلمون تماماً برنامج الحفل وما يُقام به من قطعات منوعة ، أي إنها ليست وليدة الساعة بل كان يجرى الإعداد إليها و التدريب عليها والممارسة وقتاً من الزمن ، وأظن ظناً قوياً إن وزارة الشباب وإتحاد الكرة ومن هم أهل هذه الصنعة ، قد أبلغوا الجميع بما يمكن القيام به من تنوعات في الحفل .

ولو كانت الشيمة لدى هؤلاء المنتفضين اليوم لكان أولى لهم أن يرفضوا ذلك من قبل حتى إنعقاد المباريات في كربلاء ، وإعتبار ذلك حرام شرعاً وكفى الله المؤمنين ، وفي هذه الحال لا نقول لماذا أختيرت كربلاء دوناً عن البصرة ؟ ، وكلاهما ليستا ممنوعة من الصرف عند الفيفا ، وفي ذلك ما يباح من المهرجانات والإحتفالات ، وإذا كانت كربلاء مدينة الأحزان فعليكم بغلقها كل أشهر السنة ، والإعلان الرسمي عن ذلك ودعوها لأهل اللطم والعويل ، وفي ذلك كفاية عن المهاترات والإدعاءات والكلام الفارغ .

ولا تدعوا شرفا لستم أهله ولا حظاً أنتم بعيدين عنه ، وقد أضحكني البعض من

زمر رجال الدين إنه أستحى من أن يعاتبه الحسين على ذلك ، ونقول له ويحك من أنت حتى يكلمك الحسين أو ينظر إليك ؟ وبيوتكم جميعاً من زجاج !! ، والحسين هذا العظيم لا يكلم أمثالكم ياعبدة الدينار والدرهم ، دعوا عنكم هذا الضحك على ذقون الناس وكونوا مرة واحدة واقعيين صدقاً قولاً وعملاً ، أقول مرة واحدة ليس أكثر ، ويحكم أما فيكم من يخاف الله ويستحي ! ، أما فيكم من يدع العراقيين يعيشون الحياة بعز وكرامة من غير تصنيف في النوايا ! ، وأعيد قولاً لمولانا علي بن أبي طالب حين خاطب المزاودين عليه في دينه قائلاً : ( رغا فأجبتم وعقر فهربتم .. ) ، هكذا هو حال أدعياء الدين في زمن النفاق ..

وأني في موقفي هذا إنما أشجب وأصرخ بوجه كل معتد أثيم ، يريد ان يتلاعب بالمشاعر كي تدر عليه حين المزاودة في سوق النخاسة ، إن من يريد للعراق النمو والتقدم فليترك الناس أحراراً ، وإن كان له موقف فليكن من قبل وليس من بعد أن وقعت الواقعة ، وفي هذه كمن يغطي الشمس بغربال ، ومن يفعل هذا خاب سعيه وأنكشفت ألاعيبه إن كان فئة أو جماعة أو جوقة من رجال دين مغفلين ، لا يفقهون من الدين إلاَّ بعض تمتمات وكلمات مملة متعبة عفى عليها الدهر ونام .

ولهذا أحيي وزارة الشباب وكذا إتحاد الكرة ولجنة الثقافة ، وأحيي محافظة كربلاء المسؤولين والقائمين كلاً حسب إختصاصه وعمله ، وأقول لهم إن أولى عمليات البناء تكون حين يكون الهدف سعادة الإنسان ، وأنا على يقين بأن الإمام الحسين راض عنكم تمام الرضا ، ولا يغرنكم كثرة الناعقين ( فأما الزبد فيذهب جفاء ، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض ) ، لكم التحية متمنياً لدورتكم النجاح وإن يحقق فيها العراق ما يسر الخاطر ويفرح الشعب ، عشتم وعاش العراق ..

راغب الركابي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here