محطات الوقود داخل الأحياء السكنية.. خطر محدق بالمواطن مع إهمال حكومي متعمد

محطات الوقود داخل الأحياء السكنية.. خطر محدق بالمواطن مع إهمال حكومي متعمد

محطات الوقود قنابل موقوتة داخل الاحياء السكنية هي مشكلة اخرى تضاف للمشاكل التي يعاني منها المواطن العراقي اليوم سببها الاهمال  وغياب الرقابة الحكومية ،ففي الوقت الحالي يتذمر الكثير من المواطنين  القاطنين بمحاذاة محطات الوقود من الروائح الحادة المنبعثة من محطات، التي اصبحت تشاركهم حياتهم وتشاطرهم بالغازات المنبعثة منها مسببة لهم امراضا خطيرة.

تحقيق- مرتضى العزال

  والمثير أن العديد من تلك المحطات تقع بشكل عشوائي داخل الأحياء السكنية، حيث يعاني الأطفال من ضيق التنفس ويشتمون رائحتي البنزين والسولار صباح مساء، ناهيكم عن حجم التلوث البيئي بالغازات السامة.  بعض الأهالي القاطنين بمحاذاة محطات الوقود قدموا في السنوات الأخيرة الشكاوى إلى الجهات المختصة أكثر من مرة، مطالبين بنقل هذه المحطات بعيدا عن الأماكن السكنية، حفاظا على صحتهم لكن، نتيجة هذه الشكاوى صفر اذ لا توجد اذان صاغية لمطاليب الشعب البسيطة. في هذا الاستطلاع نسلط الاضواء على هذه الظاهرة المؤلمة.

انتشار الامراض

 صلاح كاظم احد الافراد الساكنين في منطقة الكرادة قرب احدى محطات الوقود قال ان هذه مشكلة كبيرة نعاني منها اليوم بسبب الامراض، التي تسببها هذه المحطات وقد طالبنا مرارا وتكرارا بنقل هذه المحطة الى مكان اخر لكن بلا جدوى. ويبرز مدى الاستهتار بحياة الناس وبالصحة العامة، أن بعض محطات الوقود منحت تراخيص إقامتها في الأحياء السكنية، وأحيانا بمحاذاة المدارس، من خلال الواسطة والمحسوبية.

انتشار المركب الكيميائي المسرطن

واضاف علاء السعدي مواطن في منطقة الكرادة  ان مصدر الأذى البيئي-الصحي لا يكمن فقط في الانبعاثات الغازية الخطيرة من محطات الوقود، بل أيضا من التلوث الكثيف لأرض المحطات والأراضي المتاخمة لها؛ وذلك بسبب تدفق تركيز مرتفع من منتجات الوقود إلى سطح وباطن الأرض، وبخاصة المركب الكيميائي المسرطن والمعروف باسم «بِنْزِن» واضاف ان الأمر المؤسف هو غياب المتابعة والرقابة المنهجية الرسمية المنظمة لمستويات التلوث في البيئة المحيطة بمحطات الوقود ؛وذلك للتأكد من عدم تعرض المواطنين في تلك البيئة لمخاطر صحية. وهنا يجب ألا ننسى  الكوارث البشرية والبيئية التي قد تحصل لو وقع انفجار في احدى هذه المحطات، التي من المحتمل ان تدمر مناطق كاملة ويذهب ضحيتها الآلاف من المواطنين الأبرياء كنتيجة للأهمال الحكومي.

 تلف الجهاز العصبي والمناعة

 وبين مصطفى توفيق دكتور في مستشفى اليرموك ان مكونات الوقود تعد مواد سامة قد تسبب تلفا للجهاز العصبي المركزي ولجهاز المناعة وللخصوبة.  كما أن مضافات الوقود (مثل مادة  MTBEالمذابة في الماء) تنتشر لمسافة مئات الأمتار. وتكمن خطورة أبخرة الوقود في الهواء في تفاعل الأخيرة مع بعض المكونات الهوائية؛ ما يولد ملوثات هوائية جديدة، وبخاصة الأوزون. ومن المعروف علميا أن التعرض للأوزون بمستويات مرتفعة يتسبب في ارتفاع نسبة أمراض الجهاز التنفسي، والأوعية الدموية والقلب، فضلا عن زيادة احتمال الإصابة بجلطة دماغية. ولا يقتصر ضرر انبعاثات وقود السيارات على العاملين في منشآت الوقود والذين يتعرضون بقوة وبشكل متواصل للبنزين المسرطن، بل يمتد أثرها في دائرة أكبر بكثير من مواقع تلك المنشآت، وبخاصة أن أبخرة الوقود تتحول إلى غاز الأوزون السام الذي ينتشر على مسافة بضعة كيلومترات، فيؤذي الجهاز التنفسي. والحديث هنا لا يدور فقط حول مواد متطايرة ومسرطنة مثل «البنزن» المتواجد في الوقود، بل أيضا مواد ملوثة أخرى، وتحديدا المعادن الثقيلة السامة، بما في ذلك الرصاص. ويفترض بالوزارات المعنية (الصحة والبيئة) أن تجري فحوصات مخبرية حول مدى تواجد المواد الكيميائية العضوية المتطايرة في المحيط السكني لمحطات الوقود، والتي قد تكون بتركيز مرتفع؛ علما أن بعض هذه المواد مسرطن.  ومن المعروف علميا أن التلوث الناتج عن محطات الوقود في المناطق السكنية لا يختفي مع الزمن، بل يتراكم وينتشر ليصل إلى المباني السكنية والمياه الجوفية. وإجمالا، التعرض للمعادن الثقيلة أو للمواد العضوية المتطايرة يمكن أن يحدث بسبب اختراقها للمياه الجوفية، أو إثر انبعاثها من الأرض بصورتها الغازية؛ ما قد يتسبب بأضرار صحية بعيدة المدى. فالتعرض للمياه الجوفية الملوثة بالرصاص قد يتسبب بالعمى، الفشل الكلوي وتلف الجهاز الهضمي. والأطفال هم الأكثر حساسية للرصاص لأنهم يحبون اللعب بالتراب ووضع أيديهم بأفواههم. فالتعرض المتكرر للرصاص، يتسبب في تلف دماغي وفي إعاقة النمو لدى الأطفال.

لاتوجد قوانين تمنع التلوث البيئي

 واوضح حسين الاسدي شرطي في منطقة الكرادة ان ما يزيد الطين بلة، هو أن القوانين والأنظمة المعمول بها لا تمانع في إقامة هذه محطات الوقود داخل الأحياء السكنية. وحاليا، لا توجد قوانين مباشرة ملزمة لمنع التلوث الناجم عن محطات الوقود وان عدد محطات الوقود التي تحوي نظاما خاصا لمعالجة أبخرة الوقود، بهدف تقليص الكميات المنبعثة أثناء تعبئة خزانات الوقود في المركبات، يكاد يقترب من الصفر؛ علما أن دولاً عدة فرضت، منذ سنين طويلة، وضع مثل هذه الأنظمة في محطات الوقود؛ بل إن تراخيص عمل المحطات تلزم وضع أنظمة لمعالجة الأبخرة.الأبخرة المنبعثة من محطات الوقود تلوث الهواء وتؤذي صحة الجمهور. ويهدف النظام المقصود هنا إلى جمع الأبخرة الناتجة أثناء تعبئة خزانات المحطة، وبالتالي إعادتها إلى الخزانات، وذلك في المحطات المجاورة للمنازل والمواقع الحساسة

يجب اعادة انتشار المحطات بعيدا عن السكان

 واشار صفاء التميمي خبير في مجال التلوث البيئي ان الحلول العلمية لحل هذه المشكلة الخطيرة تكمن في أن العديد من محطات الوقود تتواجد في وسط سكاني، فيفترض على المدى الاستراتيجي بعيد المدى العمل بشكل جدي على إعادة انتشار هذه المحطات التي تشكل قنابل كيميائية موقوتة تواصل عملية تدمير الصحة العامة والإيكولوجيا في محيطها السكني والبيئي.  لكن، كخطوة فورية أولى، يفترض القيام بمتابعة ورقابة منتظمتين لمدى التلوث الناتج عن هذه المحطات، وتحديدا إجراء فحوصات مخبرية دورية لعينات الهواء والأرض في داخل المحطات وفي محيطها السكني المباشر، وبخاصة فحص المعادن الخطرة ومركب «البنزن» وسائر المواد العضوية المتطايرة.  وبالطبع، تحديد مدى خطورة نتائج الفحوصات يكون بالاستناد إلى المرجعيات الدولية المتعارف عليها؛ فمثلا تركيز الرصاص في الأرض يفترض ألا يتجاوز 400 جزء في المليون. كما يجب على الجهات المختصة  أن تفرض على أصحاب محطات الوقود تركيب الأنظمة الخاصة بمعالجة أبخرة الوقود في منشآتهم، ولو بشكل تدريجي خلال فترة زمنية محددة؛ وذلك في جميع محطات الوقود، سواء تلك القائمة منذ زمن بعيد أو تلك التي أقيمت الان  يضاف إلى ذلك الفحوصات الوقائية العلمية الصحيحة لمحطات الوقود، وليس مجرد فحوصات شكلية، وذلك استنادا إلى المواصفات اللازمة وإجراءات الفحص السليم.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here